محمد راوح الشيباني
الذكورة والأنوثة وصف تعريفي بيولوجي مجرد للنوع البشري لا أقل ولا أكثر، بينما الرجولة الحقيقية والنساء الحقيقيات، مواصفات أخرى رفيعة ونبيلة وسامية ولا علاقة لها مطلقاً بالذكورة والأنوثة كنوع وفصيلة، فالرجولة مواقف ومعادن والنساء سكن وكساء وأصائل، وهن حسنة الدنيا وزينتها وبهجتها وحتى بركتها، غير الكثير من(الإناث) اللاتي نعرفهن بكل تأكيد، ولا يعنيني هنا الحديث عن الذكورة والأنوثة بيولوجياً ولكن ما يعنيني هو ضبط المصطلح بالأساس والتفريق بين معنى الرجولة والذكورة، وبين النساء والإناث في المواقف والمسئولية. . فالكثير من الذكور المحسوبين علينا مثلا أنهم (رجال) ويحتلون مواقع الصدارة والقرار في المشهد في بعض مرافق الحياة الخدمية بالذات، هم في حقيقة الأمر مجرد ذكور لا رجال بالمعنى الحرفي الدقيق والسامي للكلمة، وهنا تكمن العلة والسبب في تدهور حياتنا في هذا الوطن، حيث يتصدر الوظيفة العامة والقضايا الوطنية الهامة والخطيرة بعض الذكور في الكثير من المواقع والمواقف التي تحتاج إلى رجال وليس إلى ذكور، لذلك فسدت حياتنا ومعيشتنا بفساد هؤلاء الذكور غير المؤهلين لمواقف الرجولة والمسئولية والكفاءة والأمانة والشرف.
من هنا فإن المولى عز وجل امتدح الموقف المشرف لبعض الصحابة وبعض النساء حين حسمت الموقف (أم سلمى) رضوان الله عليها بمشورتها السديدة على رسولنا الأعظم عليه الصلاة والسلام (يوم الحديبية) بقوله جل في علاه (ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات) حيث ميّز الخالق عز وجل في ذلك الموقف الإمتحاني العصيب الرجال والنساء عن الذكور والإناث، رغم أنهم جميعا مسلمون ولا غبار على إسلامهم لكن البعض منهم فقط هم الذين ارتقوا بإيمانهم إلى مواقف العزة والرفعة والكرامة والسمو فوصفهم الخالق سبحانه، بالرجال ووصفهن بالنساء تمييزا وتكريما لهم عن الذكورة والأنوثة نوعاً وفصيلة، وكذلك امتدح الله مواقف البعض يوم (أحُد) فقال عز من قائل في وصفهم وتكريمهم وتمييزهم (رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا)، وكذلك هو الحال أيضا يوم (حُنين). .
هذا الاستهلال المطول اضطررت إليه لأحكي قصة تقول أنه كان هناك ثلاثة (ذكور) تشاركوا في شراء (تاكسي) وسلموه لسائق ليعيشوا من دخله، ثم خافوا أن يعمل السائق لحسابه أكثر مما يعمل لحسابهم، لذلك قرروا الثلاثة أن يركبوا معه جميعا، ثم يقضون النهار كله والنصف الأول من الليل يذرعون شوارع المدينة طولا وعرضا دون فائدة، وأخذوا يصرفون مدخراتهم قيمة بنزين وزيوت للسيارة ومرتبات شهرية للسائق دون أن يكسبوا ريالا واحدا، وبعد سنة راحوا يتشاورون فيما بينهم عن أسباب عدم ركوب الناس، وبعد تفكير طويل وعميق توصلوا إلى أن يغيروا السائق !! فهو بنظرهم المسئول عن عدم طلوع الركاب !! فقرروا تغيير سائق التاكسي!!.
وفي مكان من هذا الوطن هناك رب أسرة لديه (22) ولد وبنت بالصلاة على النبي. . هذا الأب يقول لأسرته أن دخله اليومي (3500) إلى (5000) ريال فقط وهو ينفق ثلثي المبلغ اليومي على نزواته وأغراضه وما بقي يعطيها لأولاده كميزانية يأكلوا بها بعددهم ال(22) نسمة بينما في الحقيقة لا يعلم بدخله اليومي الحقيقي سوى هو وقلة من أصدقائه، ومع ذلك يفقر أهله وأولاده ويتركهم يتوسلون ويستجدون الناس غذاءهم ودواءهم والله أعلم بالثمن ؟؟ كما أن بعض الأولاد والبنات ينحرفون ويضيعون أمام عينيه ولا تهتز له شعرة أو يطرف له جفن، فهو في واد وأولاده الذين هم رعيته أمام الله بقوله صلى الله عليه وسلم (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) في واد آخر ولا يتجاوب مع النصائح من المخلصين بتغيير سلوكه والاهتمام بأسرته، فهل هذا (أب)؟؟ يستحق أن يؤتمن على أولاده؟؟ مطلوب فتوى صريحة وواضحة من علمائنا الأجلاء ترسل إلى عنوان الصحيفة، مع جزيل الشكر والتقدير سلفاً.
آخر السطور :
ما يحدث في مدينة (تعز) هذه الأيام وعلى عجل شديد من أعمال سفلتة وترقيع للشوارع وطلاء الأرصفة في طرقات المدينة ومداخلها الرئيسية يعد شيئاً طيباً من حيث المبدأ، لا من حيث الأولويات، حيث الأولى والأهم يجب أن يكون في ترميم وإعادة تأثيث وتجهيز وطلاء مستشفى (الثورة والجمهورية) الذان أصبحا وهما يحملان هذين الاسمين المقدسين وطنيا (عار) في جبين الثورة والجمهورية معا وهما بتلك الوضعية المزرية، وكم كان رائعا وخالدا لو انه تم بناء مستشفى ثالث باسم (الوحدة) في هذه المناسبة، كما كان يجب أيضا ومن الأولويات والشديد الأهمية ترميم وإعادة تأثيث وطلاء كافة مدارس مدينة تعز الأساسية والثانوية وهي بالعشرات وتفتقد للشبابيك والأبواب للفصول والبلاط للممرات وزجاج النوافذ والمقاعد الدراسية وطلاء (السبورات) وإصلاح دورات المياه وتوفير الخزانات وتزويدها بالمياه وبالذات في مدارس الأطفال التي كثيرا ما يكون الموقف أكبر من تحمل الطفل (فيعملها) على نفسه أمام زملائه فتصير عقدة لديه طوال حياته، وكذلك الحال في مدارس الفتيات الأشد حرجا وحياء.
هذا العيد العشرين من مايو العظيم بما يحمله من بشرى لمدينة تعز بمبلغ (220) مليار ريال ولن نكون متشائمين منه بل سنتفاءل ولكن نذكر قيادة المحافظة ومجلسها المحلي بالأهم ثم المهم، ونتمنى مخلصين أن لا تتكرر فضيحة أعمال احتفالات العيد السابع عشر للوحدة في محافظة (إب) 2007 م في تعز 2010 م، وصدق عز من قائل (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم) وفي الميدان تكرم الرجال أو تهان، ويعرَف الذكور من الرجال. واللهم أنت وحدك تعلم بنياتهم، فوفقهم لأخلصها وأحسنها. قولوا معي اللهم آمين.