عبدالوارث النجري
بعد مرور عشرين عاماً على ميلاد العملية الديمقراطية في بلادنا ها هو الحزب الحاكم يجري يوم أمس انتخابات أمناء وعموم المجالس المحلية ورؤساء اللجان في مراكز المحافظات ومختلف المديريات في عموم الوطن.
يديرها الحزب الحاكم ومن ديوان عام وزارة الإدارة المحلية منفرداً بعد الاكتساح الذي حالفه في انتخابات المجالس المحلية والرئاسية للعام 2006م عدا محافظة الضالع، ولكنه أي الحاكم وفي كل عملية انتخابية يجريها منفرداً وذات نكهة مؤتمرية يسعى إلى إجهاض عملية الاقتراع السري بالطبخات الليلية والقوائم المعدة مسبقاً لتتحول عملية الانتخاب إلى تزكية للسابقين دون أي شعور حقيقي في تحمل المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتق هؤلاء الناخبين الذين فازوا بأصوات وآمال وتطلعات عامة المواطنين، وبذلك يظل صندوق الاقتراع فوق إحدى الطاولات فارغاً من أي صوت انتخابي بعد أن تم كلفتة العملية الديمقراطية بالتزكية الجماعية ورفع الأيادي للتزكية بدلاً من عملية الاقتراع السري، يظل إلى نهاية التزكيات - الانتخابية- بالنكهة المؤتمرية صندوق الاقتراع فارغاً وبعيداً عن المجاملات وتبادل التهاني بابتسامات عريضة قد توحي بأن ما يدور في الخيال والقلب عكس ما تظهره الشفاه، وهذا هو حالنا وسبب ما وصل إليه وضعنا اليوم، كم كنا نتمنى من المؤتمر - وهو الحاكم- أن يبدع وهو ينفرد بعصر ديمقراطي ليثبت للمواطن ولأحزاب المعارضة وللمنظمات والدول الخارجية والمانحين أنه حزب الرأي والرأي الآخر، أنه حزب الحساب والعقاب والمكافأة، حزب التغيير دائماً بالكوادر الطامحة والنشطة والمؤهلة والكفؤة، أنه حزب التداول السلمي سواء لقيادة الحزب نفسه أو لقيادة المرافق الحكومية وبقية المنظمات المدنية، وحزب التداول السلمي للسلطة.
وأنا هنا أتساءل ولاشك في ذلك مع كافة أبناء الوطن حول الغاية المرجوة من هكذا انتخابات تتم عبر التزكية والإعداد المسبق لقائمة المرشحين بدون منافس والفائزين في نفس الوقت، ما دام الوضع هكذا لماذا لم توفر لنا وزارة الإدارة المحلية ملايين الريالات التي تم صرفها في هذه العملية ليصدر تعميم من قبل الوزير إلى محافظي المحافظات ومدراء المديريات لإعادة "تزكية" أمناء عموم المجالس المحلية ورؤساء اللجان في المحافظات والمديريات، لكن يبدو أن هناك من يريد أن يستفيد من هذه العملية باسم الديمقراطية والانتخابات، ولماذا لا ما دام الشيك جاهزاً وأمين الصندوق بانتظار الوافدين إليه تحت مسمى "لجان الانتخابات" ولا ضير في ذلك ما دام الدولار وصل إلى سعر "225" ريالاً، فالاقتصاد في خير والوطن في خير ما دام قد رضي بالتزكية، وإلا ما الذي كان سيخسره المؤتمر لو فتح الباب للجميع بالمنافسة والترشح ودخول المعترك بأكثر نشاط وحرية وديمقراطية وفي الأخير الفائز مؤتمري مادام لديكم الأغلبية في معظم محافظات الجمهورية؟ لكن يبدو أن حزب الأغلبية في بلادنا لا يثق كثيراً في قياداته ومرشحية بالتزامهم بعملية الاقتراع والتصويت التي غالباًَ ما يطعنون بها ويتهمونها بالتزوير وغير ذلك حتى ولو كانت انتخابات داخلية، ولعل ما حدث في المؤتمر العام السابع للحزب الحاكم خير شاهد حيث خرجت بعض القيادات من الأمانة العامة وكلها غضب وعدم رضى بما جرى ووصل بها الأمر للخروج عن الطوع وآداب وسلوكيات حزب "الولاء الوطني" أو بما لعل انتخابات المحافظين التي أجراها الحزب الحاكم في عام 2008م منفرداً ومواصلة بعض المرشحين "للمشوار" إلى نهايته رغماً عن أنف اللجنة الدائمة والأمانة العامة وحصولهم على منصب المحافظ، كما تم في بعض المحافظات، هو ما جعل الحزب الحاكم يقيس قوته وحجم قراراته ومدى تنفيذها في أي فرع من الفروع بمعيار ووحدة قياس "التزكية" المطلقة "وطز بالصندوق" فليظل وحيداً وفارغاً إلى أن تقوم الساعة لكن ما تجهله قيادات الحاكم في بلادنا أن الوعي قد وصل إلى كل محافظة ومديرية وقرية ومنزل والجميع يدركون بأن عملية التزكية لا تختلف تماماً عن التأميم والقطرنة وغيرها و الحليم تكفيه الإشارة.