شيماء صالح باسيد
إنني أتطلع صباح كل يوم أصحو فيه إلى بارقة أمل أو وميض شعاع يبشر بيوم جديد مفعم بالحب والسلام، يطل صباحه على لحج الخضيرة.. لحج "القمدان" ذلك الأمير، الفنان، والإنسان.. لحج " الأرض الطيبة" التي أعطت الخير لقرون طويلة وها هي اليوم تذوق ويلات كل الشرور.. لحج الفن والثقافة والبساطة، هي لحج وستبقى رغم كل شيئ "أم المسكين والضبحان".. هي لحج "الماء والخضرة والوجة الحسن"، لحج "الحسيني والرمادة وقرة العين".. هي لحج "عبدالله هادي سبيت وحسنون ومسرور مبروك وحمود نعمان وفيصل علوي".. هي التي أعطيت وبامتياز لقب " الخضيرة" في زمن جميل ولى ومضى حين كانت النفوس طيبة والقلوب بعضها على بعض وقبل أن تتلوث بالحقد والحسد والكراهية.. هذه لحج أرض العراقة والأصالة، مهد الكفاح والنضال.. لحج "ردفان" الشامخة التي أطلقت أول شرارة لثورة أكتوبر المجيدة.. هي لحج التي تغنى بها كل العشاق والمحبين، أما اليوم فهي تبكي الرجال، أما عاصمتها مدينة الحوطة " المحروسة بالله" قد ضاقت بكل ما تحمله من هموم ومعاناة حيث كان صمتنا وسلبيتنا لسنوات طويلة شديدة الوطأ على النفوس الشريفة والبسيطة التي لم يكن لها حول ولا قوة سوى أن تدعو الله ليل نهار ليرحمنا برحمته ويقشع عنا كل السحب السوداء التي تغطي زرقة مدينتنا.
يكبر اليوم شباب الحوطة وهم لا يعرفون عظمة التاريخ في هذه المدينة، لا يعرفون من هو "القمندان"، لا يدرون عن أقدم المباني والقصور في الحوطة، يخفى عليهم تاريخ أشهر مساجدها كمسجد "الجامع" و "مسجد الدولة" و"مساوى".. يكبر الأطفال وهم دون انتماء لعراقتهم وأصولهم اللحجية.. لماذا يا ترى؟؟ أم مسؤولية المدارس؟؟ أم هو أصلاً حال الواقع المعاش اليوم في المحافظة الذي وبكل ثقة أقولها هنا "أنه لا يسر عدواً ولا حبيباً"، كنت طوال هذه الأشهر الفائتة أراقب وأتأمل ملياً في طبيعة ما آلت إليه أحوالنا وما هو سر التدهور في كافة الخدمات والمرافق فوجدت أن مشكلة الناس في لحج هي عدم وجود " المصداقية" في أخذ زمام المبادرة للإصلاح وإفتقاد الثقة بين عامة الناس والمسؤولين والتي تعود سببها إلى سياسة التهميش المتعمد لمشاكل الناس عامة وهموم الشباب خاصة، رغم أن كثيراً من المسؤولين في المحافظة هم من أبناء الحوطة عاشوا وتربوا في حاراتها وأزقتها الضيقة.. عرفوا أناسها البسطاء ومعاناتهم ومآسيهم لكن للأسف لم يقدموا أي شيئ يذكر، بل زادوا الطين بلة وأضافوا حزناً جديداً لرصيد الأحزان، إذن "واجب الجميع ليس واجب الفرد وحده" والخروج من المأزق على كافة الجهات والتظافر والتكاتف ولا أقصد هنا بالجهات العسكرية والأمنية فقط ولكن الجهات التعليمية والتثقيفية ودور التربية قبل التعليم فلا ينفع أحدهما دون الآخر وافتقارهما معاً لهو المصيبة الكبرى، ولا نغفل دور الجهات الصحية فحمى "الضنك" حصدت في طريقها الكثير من الأرواح العزيزة على القلوب.. بصراحة نحن في احتياج منح لأناس شرفاء يتحلون بالأخلاق فيعطون الصدق لهذه المحافظة ودون أي مقابل، فالمجد لا يعطى لمن يأخذ، المجد فقط لمن يعطي.
رسالة عاجلة أبعثها لكل صناع القرار في المحافظة وأقول لهم "لحج" أمانة في أعناقكم إلى يوم الدين فالوقت لم ينته بعد للتغيير والإصلاح، نحن فقط بحاجة إلى النوايا الحسنة والإرادة الصادقة لإخراجنا من الظلمات إلى النور، نحن بحاجة إلى مؤسسات لتربية وصناعة الرجال الشرفاء لا لمؤسسات لتربية الإرهاب والسلبية واللاإنتماء والفساد، نحن أبناء لحج شباباً ورجالاً ونساءً وشيوخاً وأطفالاً لا نطلب سوى الأمن والاستقرار وأخذ زمام المبادرة الصادقة لحل مشاكل الناس وإنهاء معاناتهم والخوف مما قد تؤول إليه الأوضاع في المستقبل القريب قد التهمنا وهاهو يقضي على ما تبقى من وميض الأمل في القلوب، فما أبشعكم يا من تشوهون "لحج" وتعبثون فيها دون رقيب أو حسيب!! ما أبشعكم يا من جعلتم لحج الخضيرة تبدو اليوم "لحج الحسيرة"!! والله من وراء القصد.