فاروق الجفري
قرية صغيرة قرب العاصمة الفرنسية "باريس" اسمها "باربيزون" محصورة بين الغابة والحقول الزراعية ولكن صيت هذه القرية بشارعها الوحيد قد ذاع في جميع أنحاء العالم منذ أواسط القرن التاسع عشر للميلاد ومازال يتوافد إليها حتى اليوم عشرات الآلاف من الفرنسيين والسياح سنوياً ولكن ما الذي يدفع الفنانين بالذات إلى ترك باريس عاصمة الفن والانطلاق إلى هذه القرية؟ وما الذي يجعل الفنانين يشعرون بتقارب مع قرية شارعها الوحيد غير معبد "مسفلت" وأسطح منازلها من القش القديم بينما المنازل نفسها مبنية من الطين، لقد ترك أحد أولئك الفنانين سجلاً دون فيه خواطره عن الحياة بالقرية وعن الأشخاص الذين سكنوها ومما رواه أن هذه القرية كانت في تلك الأيام قرية هادئة جداً يمكن للفنان أن يعيش ويستلهم رسومه منها ويعمل فيها بنفقات قليلة بدون إزعاج، وقد ذاع صيتها بين رسامي الطبيعة خاصة لأن الغابة المحيطة بالقرية كانت توفر لهم موضوعات عديدة من اللوحات الفنية ثم صار وجود مشاهير رسامي تلك الفترة في القرية عاملاً يجذب هو نفسه المزيد من الفنانين الذي يفدون لمشاهدة الأساتذة الكبار من الفنانين للتعرف عليهم ومشاهدة لوحاتهم وطلب مشورتهم ولعل أشهر أولئك الفنانين هو "إيتودور روسو" الذي حط الرحال في هذه القرية عام 1848 للميلاد والذي يرجع إليه الفضل في إقناع أهل الفن بالعودة إلى الطبيعة ومعه مشاهير الفنانين أمثال "ميلية" و"باريم" و"دوجلاس" فكانوا جميعهم يصرون على الخروج إلى أحضان الطبيعة والتعرف عليها مباشرة ثم رسمها كما هي بمائها وأشجارها وشمسها وظلها.
لقد توافد إلى قرية "باربيزون" عدد كبير من الفنانين من عدة دول أوروبية وأصبحوا اليوم من عباقرة الفن التشكيلي.