نبيل مصطفى الدفعي
من الصعب أن ترى أعز من تحب وأكثر من تحترم يقرر إسدال الستار عن حياته العملية حين يُفاجئون أن قطار العمر مر بهم سريعاً يعرفون أنهم أحد الأجلين في حياتهم أي أكملوا سنين الخدمة المقرة قانوناً أو أطفأوا الشمعة الستين من عمرهم ويقررون معها أن يطفؤوا كل حياتهم.. وقد يتصورون أن الحياة هي التي أغلقت أنوارها أمامهم فأصبحوا وحدهم.
إنهم آباؤنا الذين أعطى لهم القانون شهادة راحة أو تقاعد بعد رحلة عمل وكفاح بعد بلوغ الستين.. فأصبحوا على المعاش، إنهم آباؤنا الذين أعطوا لأنفسهم شهادة وفاة وهم أحياء وإذا سألتهم عن سر تشاؤمهم قالوا لك نحن خلاص"معاش" لا أحد يحتاجنا.. إن النظر في عيون الكثيرين منهم يوجع القلب من أن نسمع صوت ا لتصفيق والسعادة تشم رائحة الحزن هؤلاء هم آباؤنا الذين عاشوا حياتهم أسرى الوظيفة والعمل وتربية الأبناء وهموم جمع المال لتأمين مستقبل الأسرة، والذين يشعرون بانتهاء الدور العظيم في الحياة بمجرد أن يتزوج الأبناء ويذهب كل منهم إلى حال سبيله وليس بعيداً أن تسمع على ألسنة بعضهم العبارات القاسية الشهيرة "خلاص نحن بقينا عاطلين زي الحصان الذي يكبر يعدموه ، ما أبشعه من موقف ونحن نسمع ذلك منهم وما أبشعها من عبارة..
إن مسؤوليتنا كبيرة تجاه هؤلاء مجتمعاً وحكومة وعلينا رد الجميل بالجميل والعمل على توفير كل الضمانات لهم لإراحتهم في السنين الباقية من عمرهم رغم أن ذلك لا يساوي شيئاً أمام ما قدموه وأن ذلك لا يعوض سنين عمرهم التي أضاعوها من أجلنا.
فهل من استجابة من قبل الجهات المعنية لمطالبهم أو أن ما يعانونه الآن من جحود ونكران لمطالبهم الحقوقية هو الجواب في هذا الزمن.
* زمان والله زمان:
الله يرحم أيام زمان كان الواحد منا لا يجرؤ على تدخين سيجارة أمام والده أو حتى من هو أكبر منه سناً الآن يطلبها منه ويدخن أمامه "عيني عينك"، كان الواحد منا يتوارى خجلاً إذا صفعه والده ألم "كف"حتى يربيه ويعلمه الأدب.
تطورات الدنيا وتغيرت فصرنا نسمع عن الإبن الذي يضرب أباه لماذا أصبح بعض الأبناء قليلي الأدب مع آبائهم، كيف يطاوع الإبن نفسه إلى أن تمتد يده على وجه أبيه ... بينما الواجب أن ينحني على يده ويقبلها امتناناً واحتراماً ماذا جرى..ولماذا..وكيف ؟والله من وراء القصد.