;

الحقوق تنتزع ولا تمنح 1582

2010-05-10 16:21:12

شكري عبدالغني الزعيتري

كتب التاريخ وعلى مر العصور دونت في صفحاتها مآثر وأعمال خالدة لرجال عظماء تركوا بصماتهم واضحة بعدهم ويتذكرها الكثير من الأجيال المتعاقبة .. أيضا نجد نساء عظيمات تركن بصماتهن الواضحة في حياة أجيال تعاقبت بعدهن ودونت أعمالهن كتب التاريخ. فأين ما نجد نساء خالدات بصماتهن سواء في العلم أو في الأدب أو في الفنون أو في الدعوة أو في التربية والتهذيب للأجيال ولأعمال أخرى عديدة والتي تتوارث فوائدها البشرية من جيل إلى آخر وإن لم يجر الحديث عنهن في زماننا هذا وبين جيلنا ولم يكن شهرة لكثيرات منهن كنماذج لعطاء وعمل. لكن نجد كتب التاريخ تسرد عطاء الكثيرات من نماذج النساء الأوائل وأعمالهن : فمثلا في إرساء الحقوق المشروعة للمرأة كان ما ضربته المرأة المسلمة (عاتكه بنت زيد) له بصمات لدى كثيرات من النساء أجيال تعاقبت بعدها. هذه المرأة هي (عاتكه بنت زيد بنت عمر ابن نفيل) كانت من أوائل النساء المسلمات وكان لها عطاء كما وكانت قدوة لكثيرات في انتزاع حقوقا للمرأة المسلمة فقد كانت شاعرة.. راجحة العقل.. واسعة المدارك.. ومن ميزاتها أنها كانت حسناء الجمال غير المألوف عند باقي النساء وقد تزوجها عبدالله ابن أبي بكر الصديق وبعد زواجه منها أحبها كثيرا وأحبته (جما) وكان حبهما لبعضهما شديد ولحب زوجها عبدالله لها انشغل عن الجهاد اذ لم يخرج في غزوة بعد زواجه بها كما انشغل عن العمل في تجارته وفي احدي أيام الجمع وأثناء صلاة جماعة لتلك الجمعة لم يري الخليفة أمير المؤمنين أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) ابنه عبدالله في صلاة الجماعة للجمعة بالمسجد.. وحين انتهاء الخليفة أمير المؤمنين أبي بكر الصديق من صلاة الجمعة ذهب إلىٍ ابنه (عبدالله) وهو في بيته وسأله قائلا له : أصليت الجمعة في المسجد..؟ فرد عليه (عبدالله) قائلا : أو قد صليتم. فأدرك (أبوه) أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) أن زواج ابنه (عبدالله) من عاتكه بنت زيد وحبه لزوجته قد شغله عن دينه ودنياه فخاف عليه فأمره أن يطلقها ولأن (عبدالله) كان طائعا لوالده كثيرا لم يكن له أن يعصي أبوه. فطلق زوجته (عاتكه) وهو كاره لطلاقها . كما ان (عاتكة) تقبلت طلاقها من عبدالله وهي كارهه أيضا للطلاق منه.. وظلت بعد طلاقها بان لم تتزوج برفضها كل من تقدم لخطبتها من الرجال.. وفي يوم جاء إليها الخليفة أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب (رضي الله عنه ) وقد كان بأن تولي الخلافة علي المسلمين بعدة وفاة ابي بكر الصديق فطلب خطبتها. فقالت له وهو الذي اشتهر بشدته علي الرجال فما بال النساء قالت للخليفة عمر ابن الخطاب وبشجاعة : أن مثلك لا يرد ولكن لي ثلاثة شروط إن أردت قبولي بالزواج منك. وعليه فإنها قرنت القبول بالزواج من عمر ابن الخطاب بان اشترطت عليه وهو الخليفة الذي كان حينها بيده الأمر والنهي في شئون عامة المسلمين ولم تخفها الإمارة ولم يجذبها للقبول بالزواج طمعا بل اشترطت حقوقا كما وأنها لم تخشى خليفة المسلمين أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب (رضي الله عنه) ولم تخف سلطانه وشدته بان اشترطت عليه. وحينها انتقدت بعض النسوة ممن كن حولها في المدينة بان قلن لها كيف تشترطين علي الخليفة ؟.. ولكنها أصرت علي شروطها فرد عليها الخليفة : عمر ابن الخطاب سائلا لها : وما هي شروطك.. ؟ فأجابته بان اشترطت قائلة له : أما الشرط الأول فهو : أن لا تضربني لأن الخليفة عمر ابن الخطاب كان من شدته أحيانا يضرب رجال لمن يخطئ منهم خطئا جسيما يضر بمصلحة عامة فقال لها الخليفة عمر ابن الخطاب : لك ذلك . وقالت وأما الشرط الثاني : بان لا تمنعني حقا هو لي .. ؟ لان عمر كان زاهدا ومن شدة زهده عن الدنيا كان يزهد فيمنع عن نفسه حقوقها كمثل عامة المسلمين وصفوتهم في الإمارة. فقال لها عمر ابن الخطاب : لك ذلك . وقالت والشرط الثالث : بأن لا تمنعني عن الصلاة في المسجد في الجماعة.. ؟ ولأن عمر ابن الخطاب كان رجلاً غيوراً قال لها : أنت امرأة جميلة وفيك الحسن بالغ الجمال وبخروجك إلى المسجد سيراك الناس وأنا أغار وهذا سيغضبني. فصلي في البيت وصلاة المرأة في بيتها أفضل عن صلاتها في المسجد فقالت له : إني أحب الصلاة في المسجد ولن اترك الصلاة في المسجد. فحاول معها لإقناعها بالصلاة في البيت ولم توافق. فقال لها : لك ذلك. هذه هي المرأة المسلمة (عاتكة بنت زيد) التي ضربت مثلا لمن بعدها من النساء في المطالبة بحقوق تريدها و لما هي حقوقا مشروعه وبان فرضت وانتزعت حقوقها المشروعة وليس من احد الرجال من عامة المسلمين بل من خليفة المؤمنين عمر ابن الخطاب وهو الرجل الذي كان حينها يعد اعلي صاحب سلطة ورأس الحكم لأمة الإسلام ولجميع أقطارنا العربية والإسلامية المنقسمة اليوم لدول عدة وليس حاكما لدوله واحدة كما عصرنا الراهن.. وبأن لم يخفها حينها إمارته ولم يجزعها سلطانه. فلبي لها حقوقا اشترطتها وطالبت بها وتريدها. وبهذا تكون هي أول امرأة ضربت مثلا وقدوة لكل نساء المدنية المسلمات لمن حولها في بداية عصر ظهور الإسلام ولمن جئن بعدها من أجيال متعاقبة من النساء في مطالبتهن بحقوقهن المشروعة والتي لا يحرمها الشرع الإسلامي وتقرها المواثيق الدولية .. وعليه أصبح لها بصمات في التاريخ في جانب حقوق المرأة والمطالبة بها وانتزاعها وضربت المثل والقدوة لغيرها من النساء.. وهذا ما جعلني أقول ان الحقوق تنتزع ولا تمنح على غرار حقوق انتزعتها عاتكة بنت زيد من أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه.<

s_hz208@hotmail.com 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

علي أحمد العِمراني

2024-09-20 16:02:01

لا شماته!

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد