العرب
أونلاين
أونلاين
مع حلول الذكرى السنوية لنكبة
فلسطين تعمل إسرائيل بكل ما أوتيت من سياسات الاستفزاز للمشاعر على أن تنكأ الجرح
المؤلم، وقررت هذا العام احياء احتفالات غير مسبوقة بما تسميه "توحيد القدس"، وما
يسميه الفلسطينيون والعرب والمسلمون ضياع المدينة المقدسة وسقوطها تحت الاحتلال
الغاشم في حرب يونيو- حزيران 1967.
وبالتوازي مع استمرار تزوير الحقائق التاريخية والتهويد وطمس الهوية
العربية الإسلامية، تحرز إسرائيل من عام إلى عام تقدما في هذا المجال، واستنادا إلى
التقويم العبري المزعوم، أصبحت إسرائيل "تحتفل" باغتصاب القدس في 12 من مايو- أيار،
بينما يبدأ العرب ابتداء من هذا التاريخ وإلى غاية الخامس من الشهر المقبل في
التباكي بمناسبة الذكرى الثانية والستين لاغتصاب فلسطين، والذكرى الثالثة والأربعين
لضياع القدس، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
هذا العام هناك تطور جديد،
فاحتفالات إسرائيل المستفزة، التي حضرها آلاف المتشددين اليهود وعلى رأسهم رئيس
حكومة كيانهم بنيامين نتانياهو وزمرة من وزرائه وقادة جيشه، تأتي بعد ساعات من
إعلان المبعوث الأمريكي للسلام جورج ميتشل عودة المفاوضات "غير المباشرة" بين تل
أبيب وفريق المفاوضات الفلسطيني، وحسب ما هو معلن فإنه لم يحدث أي شيء على الأرض
يغري ويعجل بتسريع الهرولة إلى مائدة المفاوضات، بل على العكس، فإن ما يحصل يجري
عكس ما يشتهي الفريق التفاوضي، وعكس ما تطمح إليه واشنطن، فالاستيطان يجري على قدم
وساق، والتهويد يجتاح كل المعالم، والقمع والتجويع والحصار أصبحت من يوميات
الفلسطينيين في وطنهم المحتل والمقسم، وكل هذه المؤشرات تؤكد أن الأسوأ سيراه
الفلسطينيون خلال الأشهر القليلة القادمة، طالما أن هذه الحكومة المتطرفة لا تقيم
وزنا لأي أحد، وطالما أيضا أن أولياء أمورهم في رام الله منبطحون كل هذا
الانبطاح.
احتفال إسرائيل الاستفزازي بما تسميه "توحيد القدس" يوجه صفعة مدوية
لكل السائرين في ركاب المفاوضات والباحثين عن حل سلمي هو أشبه بحلم إبليس بدخول
الجنة، لأنه أمر لن يتحقق، ومعطى لا يتلاءم مع ما هو موجود على الأرض، فحكومة
نتانياهو آخر ما يعنيها هو الحديث عن السلام، ولا يشغلها غير ضم المزيد من الأراضي
الفلسطينية وهدم منازلها وإقامة عشرات الكتل الاستيطانية، أما الحديث عن العودة إلى
المفاوضات فلا يعدو أن يكون سوى تصريحات جوفاء للاستهلاك الإعلامي، تمتص بها بعض
"الغضب الأبيض" الذي تبديه من حين إلى آخرإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، أو
تهدئ به توتر الجامعة العربية التي هددت عشرات المرات بأنها ستسحب مبادرة السلام،
وهي تعلم أنها لن تفعل.
خلال "الاحتفال بتوحيد القدس"، كرر نتانياهو التأكيد على
أن القدس ستظل يهودية استنادا إلى التوراة، وزعم أن ورود اسمها فيه جاء 850 مرة،
مؤججا بذلك سعار آلاف المتشددين، نتانياهو قال ذلك وأكثر، ولكنه لم يشر ولو تلميحا
إلى "المفاوضات غير المباشرة"، وفي ذلك تأكيد على أن قاموس هذا المتطرف يخلو من
مشاريع كهذه.
من المؤكد أن فريق المفاوضات في رام الله وأشقاءهم في الجامعة
العربية قد شاهدوا احتفالات نتانياهو ومتشدديه واستمعوا جيدا لخطابه في الكنيست،
وككل مرة كانت ردود الفعل محبطة، وبعضهم قال إن ما قاله نتانياهو لا يستحق الرد، في
حين تعكف اللجان على إعداد خارطة المفاوضات امتثالا للأوامر الأمريكية التي وزعها
ميتشل على المعنيين قبل أن يقفل عائدا إلى واشنطن.
إذا كان هناك من له ضمير حي
أمام هذا الوضع السخيف، فسيدعو مباشرة إلى نسف أي توجه لمفاوضات عبثية ستكون
نتيجتها كارثية تسبغ الشرعية على اغتصاب القدس والتفريط في ما تبقى من مقوماتها،
وهذا شيء نلمسه يوميا من خلال سياسات التهويد والمصادرات الإسرائيلية الجارية على
أكثر من نطاق.
القدس التي يقول الفلسطينيون إنها عاصمة دولتهم، هاهي تغتصب كل
يوم وتشوه وتنتهك، ومثلما لا يوجد بينهم أي تحرك، يجلس العرب في خانة أكثر سوءا،
ولم تلح أي مؤشرات جدية لا على مستوى الجامعة العربية ولا على المستوى المؤتمر
الإسلامي، أو حتى"لجنة القدس" لفعل شيء، ويبدو أن القادم القريب لن يكون سارا لأحد،
وطالما أن إسرائيل تنجح في سياساتها وتقطف الثمار، فإن العرب لن يجنوا غير خيبات
سيضيفونها إلى سجل هزائمهم ومصائبهم التي تعظم من عام إلى آخر، دون أن يكتسبوا حولا
أو قوة ويحولونها إلى انتصارات ترد الكرامة المهدورة والمستباحة.
فلسطين تعمل إسرائيل بكل ما أوتيت من سياسات الاستفزاز للمشاعر على أن تنكأ الجرح
المؤلم، وقررت هذا العام احياء احتفالات غير مسبوقة بما تسميه "توحيد القدس"، وما
يسميه الفلسطينيون والعرب والمسلمون ضياع المدينة المقدسة وسقوطها تحت الاحتلال
الغاشم في حرب يونيو- حزيران 1967.
وبالتوازي مع استمرار تزوير الحقائق التاريخية والتهويد وطمس الهوية
العربية الإسلامية، تحرز إسرائيل من عام إلى عام تقدما في هذا المجال، واستنادا إلى
التقويم العبري المزعوم، أصبحت إسرائيل "تحتفل" باغتصاب القدس في 12 من مايو- أيار،
بينما يبدأ العرب ابتداء من هذا التاريخ وإلى غاية الخامس من الشهر المقبل في
التباكي بمناسبة الذكرى الثانية والستين لاغتصاب فلسطين، والذكرى الثالثة والأربعين
لضياع القدس، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
هذا العام هناك تطور جديد،
فاحتفالات إسرائيل المستفزة، التي حضرها آلاف المتشددين اليهود وعلى رأسهم رئيس
حكومة كيانهم بنيامين نتانياهو وزمرة من وزرائه وقادة جيشه، تأتي بعد ساعات من
إعلان المبعوث الأمريكي للسلام جورج ميتشل عودة المفاوضات "غير المباشرة" بين تل
أبيب وفريق المفاوضات الفلسطيني، وحسب ما هو معلن فإنه لم يحدث أي شيء على الأرض
يغري ويعجل بتسريع الهرولة إلى مائدة المفاوضات، بل على العكس، فإن ما يحصل يجري
عكس ما يشتهي الفريق التفاوضي، وعكس ما تطمح إليه واشنطن، فالاستيطان يجري على قدم
وساق، والتهويد يجتاح كل المعالم، والقمع والتجويع والحصار أصبحت من يوميات
الفلسطينيين في وطنهم المحتل والمقسم، وكل هذه المؤشرات تؤكد أن الأسوأ سيراه
الفلسطينيون خلال الأشهر القليلة القادمة، طالما أن هذه الحكومة المتطرفة لا تقيم
وزنا لأي أحد، وطالما أيضا أن أولياء أمورهم في رام الله منبطحون كل هذا
الانبطاح.
احتفال إسرائيل الاستفزازي بما تسميه "توحيد القدس" يوجه صفعة مدوية
لكل السائرين في ركاب المفاوضات والباحثين عن حل سلمي هو أشبه بحلم إبليس بدخول
الجنة، لأنه أمر لن يتحقق، ومعطى لا يتلاءم مع ما هو موجود على الأرض، فحكومة
نتانياهو آخر ما يعنيها هو الحديث عن السلام، ولا يشغلها غير ضم المزيد من الأراضي
الفلسطينية وهدم منازلها وإقامة عشرات الكتل الاستيطانية، أما الحديث عن العودة إلى
المفاوضات فلا يعدو أن يكون سوى تصريحات جوفاء للاستهلاك الإعلامي، تمتص بها بعض
"الغضب الأبيض" الذي تبديه من حين إلى آخرإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، أو
تهدئ به توتر الجامعة العربية التي هددت عشرات المرات بأنها ستسحب مبادرة السلام،
وهي تعلم أنها لن تفعل.
خلال "الاحتفال بتوحيد القدس"، كرر نتانياهو التأكيد على
أن القدس ستظل يهودية استنادا إلى التوراة، وزعم أن ورود اسمها فيه جاء 850 مرة،
مؤججا بذلك سعار آلاف المتشددين، نتانياهو قال ذلك وأكثر، ولكنه لم يشر ولو تلميحا
إلى "المفاوضات غير المباشرة"، وفي ذلك تأكيد على أن قاموس هذا المتطرف يخلو من
مشاريع كهذه.
من المؤكد أن فريق المفاوضات في رام الله وأشقاءهم في الجامعة
العربية قد شاهدوا احتفالات نتانياهو ومتشدديه واستمعوا جيدا لخطابه في الكنيست،
وككل مرة كانت ردود الفعل محبطة، وبعضهم قال إن ما قاله نتانياهو لا يستحق الرد، في
حين تعكف اللجان على إعداد خارطة المفاوضات امتثالا للأوامر الأمريكية التي وزعها
ميتشل على المعنيين قبل أن يقفل عائدا إلى واشنطن.
إذا كان هناك من له ضمير حي
أمام هذا الوضع السخيف، فسيدعو مباشرة إلى نسف أي توجه لمفاوضات عبثية ستكون
نتيجتها كارثية تسبغ الشرعية على اغتصاب القدس والتفريط في ما تبقى من مقوماتها،
وهذا شيء نلمسه يوميا من خلال سياسات التهويد والمصادرات الإسرائيلية الجارية على
أكثر من نطاق.
القدس التي يقول الفلسطينيون إنها عاصمة دولتهم، هاهي تغتصب كل
يوم وتشوه وتنتهك، ومثلما لا يوجد بينهم أي تحرك، يجلس العرب في خانة أكثر سوءا،
ولم تلح أي مؤشرات جدية لا على مستوى الجامعة العربية ولا على المستوى المؤتمر
الإسلامي، أو حتى"لجنة القدس" لفعل شيء، ويبدو أن القادم القريب لن يكون سارا لأحد،
وطالما أن إسرائيل تنجح في سياساتها وتقطف الثمار، فإن العرب لن يجنوا غير خيبات
سيضيفونها إلى سجل هزائمهم ومصائبهم التي تعظم من عام إلى آخر، دون أن يكتسبوا حولا
أو قوة ويحولونها إلى انتصارات ترد الكرامة المهدورة والمستباحة.