د. فارس
الخطاب
الخطاب
أعلن رامين مهمانبرست المتحدث باسم
وزارة الخارجية الإيرانية الأسبوع الماضي أن إيران استدعت القائم بأعمال دولة
الإمارات العربية المتحدة في طهران، بسبب تصريحات أدلى بها وزير خارجية الإمارات
الشيخ عبد الله بن زايد مؤخرا، بشأن الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة من قبل
إيران.
وجاء في إعلان رامين ما
نصه: "استدعي القائم بالأعمال الإماراتي لوزارة الخارجية وسلم تحذيرا شديد
اللهجة".
ولعل في هذا الإعلان الإيراني ما يثير اشمئزار ونفور الشارع الإماراتي،
وربما الشارع العربي بإسره؛ ذلك أن زمن التهديد والوعيد والظن بأن دول الخليج
العربي هي فريسة سهلة ورهينة لمقدرات البيت السياسي الإيراني قد ولى وإلى غير
رجعة.
صحيح أن خروج العراق من معادلة التوازن الإقليمي قد أغرى إيران بالعودة
إلى خطاب العنجهية المعهودة دوما، لكن الصحيح أيضا أن أوضاع دول الخليج ما عادت
كتلك التي كانت قبل عقدين أو ثلاثة من الزمن الحالي.
لقد أبلغ المسؤول الإيراني
القائم بأعمال سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في طهران "باستياء المسؤولين
الإيرانيين إزاء تصريحات الإمارات غير المتزنة، ولفت انتباههم إلى أن تصريحات كهذه
تثير مشاعر الشعب الإيراني وسيكون لها رد فعل عنيف".
وهنا أريد أن أؤكد على
موضوع ردة الفعل الإيرانية، حيث جاءت تحذيرات طهران بعد إعلان الكويت عن أن "أجهزة
الأمن فككت شبكة تجسس كانت تجمع معلومات عن أهداف كويتية وأمريكية تابعة للحرس
الثوري الإيراني"؛ ولعل مثل هذه الشبكات موجودة في دول خليجية أخرى، ومنها تحديدا
يأتي تهديد الخارجية الإيرانية فيما يتعلق بمشاعر الشعب الإيراني وردود أفعاله، فما
زالت إيران بأجهزة مخابراتها تعمل بشكل حثيث على زراعة ورعاية ما يصلح تسميته
ب"الخلايا النائمة" والتي تعتقد أنها قادرة على تحريكها ومفاجأة أجهزة الأمن
الخليجية بها، دون أن تعلم كذلك أن هذه الأجهزة لها من الإمكانات والقدرات والولاء
الوطني ما مكنها وربما جعلها تراقب عن كثب كل هذه الخلايا وهي وحدها من تملك القدرة
والقرار على تفكيكها عندما تشعر أنها باتت مصدر خطر أمني مباشر.
إيران غاضبة من
تصريحات وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان التي قال فيها إن
"احتلال أي أرض عربية هو احتلال وليس سوء فهم، ولا فرق بين احتلال إسرائيل للجولان
أو لجنوب لبنان أو للضفة الغربية أو غزة، فالاحتلال هو الاحتلال، ولا توجد أرض
عربية أغلى من أرض عربية أخرى"، وهي تقول إن الوزير الإمارتي قارنها وهي "الجمهورية
الإسلامية" بالكيان الصهيوني!! ولاحظوا موضوع العنجهية والمغالطة الإيرانية حين
يقول رامين: "إنه في حالة صحة صدور هذه التصريحات فإننا نشعر بأنه سيكون من الصعب
السيطرة على مشاعر الشعب الإيراني تجاه هكذا تصريحات غير مدروسة، وإن تكرار هذا
الكلام سيواجه برد شديد من قبل الشعب الإيراني، وفي حال خروج التصريحات عن الحد
المتعارف فإن ردا إيرانيا سيأتي متناسبا مع تلك التصريحات".
ذلك هو رد إيران على
تصريحات الوزير الإماراتي: تجاوز حدود العلاقات الدولية وأساليب فض المنازعات حول
المناطق المتنازع عليها، فهم يتحدثون عن جزر إيرانية وليست إماراتية، والتهديد برد
شديد يعني المساس بأمن هذه الدولة الخليجية بشكل واضح لا لبس فيه!!.
أعود لآليات
التهديد الإيراني واحتمالات استعراض القدرة على الولوج والتدخل والتأثير في الأوضاع
الداخلية لدول الخليج العربي بعد أن كشفت شبكة التجسس في الكويت تورط إيران في
التجسس المباشر على قدرات الدول الخليجية العسكرية والإستراتيجية، وقد تعرف الكثير
من أجهزة الأمن الخليجية مثل هذه الشبكات، وقد يكون الكثير من أسماء وتفاصيل
العاملين فيها والمتعاونين معهم موجودا في سجلات هذه الأجهزة وتحت مراقبتها
الحثيثة.
لذا فإني أعود للقول بأن دول الخليج الآن وفي المستقبل ليست هي ذاتها
التي كانت قبل عقود، فقد ترعرعت أجيال شابة وواعدة تمكنت من علوم كثيرة واستطاعت
امتلاك المهارات اللازمة لقيادة بلدانها والتعرف على مكنونات قدراتها، وهي من هذا
الباب على علم تام بما يجب عمله لحماية أمنها من أي خطر خارجي أو داخلي مدعوم من
الخارج، ولن تكتفي بالخوف والهرولة لتسكين غضبة جار كبير إذا غضب، أو لمداراة قيادة
مستبدة تريد التمكن من مقدرات الأمور في المنطقة، ولكن كيف ستتصرف هذه الدول مع
إيران لو قررت تحريك خلاياها النائمة هناك في وقت واحد لإحراجها وتفكيك قدراتها
الأمنية حزمة واحدة؟ هذا ما يجب التحسب له ووضع إستراتيجيات العمل الخليجي المشترك
للتعامل معه.
الجزر الإماراتية المحتلة الثلاث وهي: طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو
موسى، والتي سيطرت عليها إيران عسكريا في 30 نوفمبر عام 1971، في حقبة نظام الشاه
قبل اندلاع الثورة الإسلامية وعشية قيام الاتحاد بين الإمارات المكونة لدولة
الإمارات العربية المتحدة، في الثاني من ديسمبر 1971، تبقى نائية عن أي إجراءات
لإعادة أوضاعها إلى ما قبل هذا التاريخ وتبقى إيران متعنتة ورافضة لكل المبادرات
التي قدمتها الإمارات طيلة أكثر من أربعين عاما، سواء بالتفاوض المباشر أو التحكيم
الدولي، كما أنها تمنع الدولة من التواصل مع سكان الجزر أصحاب الأصول الإماراتية
وإيصال المساعدات ومواد البناء أو الخدمات الأخرى إليهم.
والسؤال الذي يكون في
الواجهة عندما نتحدث عن الاحتلال الإيراني للجزر الإمارتية هو: أين المجتمع الدولي
والعربي الرسمي من هذا الاحتلال؟ ولماذا يكتفي القادة العرب في لقاءاتهم الثنائية
أو عبر مؤتمراتهم الدورية والاستثنائية بمطالبة إيران بالانسحاب من الجزر العربية
الإمارتية؟ ألا توجد آليات أخرى للضغط على هذه الدولة المحتلة من أجل إجبارها
قانونيا على التسليم بحقائق الأمور على الأرض؟. .
أنا شخصيا لا أعوّل على الموقف
العربي وأعتقد أن إيران كذلك، فالعرب الذين ارتضوا أن يحتل بلد كامل بوزن العراق
بكل ثقله الاستراتيجي والقيمي والتاريخي، ليس من الممكن أن يهزّهم احتلال جزر في
الخليج لا يعلمون عنها شيئا البتة؟ إن العرب الذين رأوا كل أنواع المهانة والإذلال
تسلط على الشعب العربي في فلسطين والعراق وشاهدوا بأم أعينهم جرائم القتل والاغتصاب
فلم يحركوا ساكنا لا يمكن الاعتماد عليهم في تقرير المصير، ولن يتأثروا بعبارات
الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان التي لو أطلقت قبل 50 عاما لألهبت العرب من المحيط
إلى الخليج، فلذلك يحق القول إن على دول الخليج العربي أن تمسك بصمام الأمن بأيديها
وتجتث كل من تشم منه رائحة التنظيم والفتنة المنظمة لصالح إيران ومن يواليها فورا،
ولتكن الحكمة سيدة مواقف الحفاظ على أمن الأوطان مقابل غطرسة تاريخية لا يمكن أن
يغيرها شعار يطلقه أي كان من حكام إيران سواء كان مرشد الثورة أو
الشاهنشاه.
وزارة الخارجية الإيرانية الأسبوع الماضي أن إيران استدعت القائم بأعمال دولة
الإمارات العربية المتحدة في طهران، بسبب تصريحات أدلى بها وزير خارجية الإمارات
الشيخ عبد الله بن زايد مؤخرا، بشأن الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة من قبل
إيران.
وجاء في إعلان رامين ما
نصه: "استدعي القائم بالأعمال الإماراتي لوزارة الخارجية وسلم تحذيرا شديد
اللهجة".
ولعل في هذا الإعلان الإيراني ما يثير اشمئزار ونفور الشارع الإماراتي،
وربما الشارع العربي بإسره؛ ذلك أن زمن التهديد والوعيد والظن بأن دول الخليج
العربي هي فريسة سهلة ورهينة لمقدرات البيت السياسي الإيراني قد ولى وإلى غير
رجعة.
صحيح أن خروج العراق من معادلة التوازن الإقليمي قد أغرى إيران بالعودة
إلى خطاب العنجهية المعهودة دوما، لكن الصحيح أيضا أن أوضاع دول الخليج ما عادت
كتلك التي كانت قبل عقدين أو ثلاثة من الزمن الحالي.
لقد أبلغ المسؤول الإيراني
القائم بأعمال سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في طهران "باستياء المسؤولين
الإيرانيين إزاء تصريحات الإمارات غير المتزنة، ولفت انتباههم إلى أن تصريحات كهذه
تثير مشاعر الشعب الإيراني وسيكون لها رد فعل عنيف".
وهنا أريد أن أؤكد على
موضوع ردة الفعل الإيرانية، حيث جاءت تحذيرات طهران بعد إعلان الكويت عن أن "أجهزة
الأمن فككت شبكة تجسس كانت تجمع معلومات عن أهداف كويتية وأمريكية تابعة للحرس
الثوري الإيراني"؛ ولعل مثل هذه الشبكات موجودة في دول خليجية أخرى، ومنها تحديدا
يأتي تهديد الخارجية الإيرانية فيما يتعلق بمشاعر الشعب الإيراني وردود أفعاله، فما
زالت إيران بأجهزة مخابراتها تعمل بشكل حثيث على زراعة ورعاية ما يصلح تسميته
ب"الخلايا النائمة" والتي تعتقد أنها قادرة على تحريكها ومفاجأة أجهزة الأمن
الخليجية بها، دون أن تعلم كذلك أن هذه الأجهزة لها من الإمكانات والقدرات والولاء
الوطني ما مكنها وربما جعلها تراقب عن كثب كل هذه الخلايا وهي وحدها من تملك القدرة
والقرار على تفكيكها عندما تشعر أنها باتت مصدر خطر أمني مباشر.
إيران غاضبة من
تصريحات وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان التي قال فيها إن
"احتلال أي أرض عربية هو احتلال وليس سوء فهم، ولا فرق بين احتلال إسرائيل للجولان
أو لجنوب لبنان أو للضفة الغربية أو غزة، فالاحتلال هو الاحتلال، ولا توجد أرض
عربية أغلى من أرض عربية أخرى"، وهي تقول إن الوزير الإمارتي قارنها وهي "الجمهورية
الإسلامية" بالكيان الصهيوني!! ولاحظوا موضوع العنجهية والمغالطة الإيرانية حين
يقول رامين: "إنه في حالة صحة صدور هذه التصريحات فإننا نشعر بأنه سيكون من الصعب
السيطرة على مشاعر الشعب الإيراني تجاه هكذا تصريحات غير مدروسة، وإن تكرار هذا
الكلام سيواجه برد شديد من قبل الشعب الإيراني، وفي حال خروج التصريحات عن الحد
المتعارف فإن ردا إيرانيا سيأتي متناسبا مع تلك التصريحات".
ذلك هو رد إيران على
تصريحات الوزير الإماراتي: تجاوز حدود العلاقات الدولية وأساليب فض المنازعات حول
المناطق المتنازع عليها، فهم يتحدثون عن جزر إيرانية وليست إماراتية، والتهديد برد
شديد يعني المساس بأمن هذه الدولة الخليجية بشكل واضح لا لبس فيه!!.
أعود لآليات
التهديد الإيراني واحتمالات استعراض القدرة على الولوج والتدخل والتأثير في الأوضاع
الداخلية لدول الخليج العربي بعد أن كشفت شبكة التجسس في الكويت تورط إيران في
التجسس المباشر على قدرات الدول الخليجية العسكرية والإستراتيجية، وقد تعرف الكثير
من أجهزة الأمن الخليجية مثل هذه الشبكات، وقد يكون الكثير من أسماء وتفاصيل
العاملين فيها والمتعاونين معهم موجودا في سجلات هذه الأجهزة وتحت مراقبتها
الحثيثة.
لذا فإني أعود للقول بأن دول الخليج الآن وفي المستقبل ليست هي ذاتها
التي كانت قبل عقود، فقد ترعرعت أجيال شابة وواعدة تمكنت من علوم كثيرة واستطاعت
امتلاك المهارات اللازمة لقيادة بلدانها والتعرف على مكنونات قدراتها، وهي من هذا
الباب على علم تام بما يجب عمله لحماية أمنها من أي خطر خارجي أو داخلي مدعوم من
الخارج، ولن تكتفي بالخوف والهرولة لتسكين غضبة جار كبير إذا غضب، أو لمداراة قيادة
مستبدة تريد التمكن من مقدرات الأمور في المنطقة، ولكن كيف ستتصرف هذه الدول مع
إيران لو قررت تحريك خلاياها النائمة هناك في وقت واحد لإحراجها وتفكيك قدراتها
الأمنية حزمة واحدة؟ هذا ما يجب التحسب له ووضع إستراتيجيات العمل الخليجي المشترك
للتعامل معه.
الجزر الإماراتية المحتلة الثلاث وهي: طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو
موسى، والتي سيطرت عليها إيران عسكريا في 30 نوفمبر عام 1971، في حقبة نظام الشاه
قبل اندلاع الثورة الإسلامية وعشية قيام الاتحاد بين الإمارات المكونة لدولة
الإمارات العربية المتحدة، في الثاني من ديسمبر 1971، تبقى نائية عن أي إجراءات
لإعادة أوضاعها إلى ما قبل هذا التاريخ وتبقى إيران متعنتة ورافضة لكل المبادرات
التي قدمتها الإمارات طيلة أكثر من أربعين عاما، سواء بالتفاوض المباشر أو التحكيم
الدولي، كما أنها تمنع الدولة من التواصل مع سكان الجزر أصحاب الأصول الإماراتية
وإيصال المساعدات ومواد البناء أو الخدمات الأخرى إليهم.
والسؤال الذي يكون في
الواجهة عندما نتحدث عن الاحتلال الإيراني للجزر الإمارتية هو: أين المجتمع الدولي
والعربي الرسمي من هذا الاحتلال؟ ولماذا يكتفي القادة العرب في لقاءاتهم الثنائية
أو عبر مؤتمراتهم الدورية والاستثنائية بمطالبة إيران بالانسحاب من الجزر العربية
الإمارتية؟ ألا توجد آليات أخرى للضغط على هذه الدولة المحتلة من أجل إجبارها
قانونيا على التسليم بحقائق الأمور على الأرض؟. .
أنا شخصيا لا أعوّل على الموقف
العربي وأعتقد أن إيران كذلك، فالعرب الذين ارتضوا أن يحتل بلد كامل بوزن العراق
بكل ثقله الاستراتيجي والقيمي والتاريخي، ليس من الممكن أن يهزّهم احتلال جزر في
الخليج لا يعلمون عنها شيئا البتة؟ إن العرب الذين رأوا كل أنواع المهانة والإذلال
تسلط على الشعب العربي في فلسطين والعراق وشاهدوا بأم أعينهم جرائم القتل والاغتصاب
فلم يحركوا ساكنا لا يمكن الاعتماد عليهم في تقرير المصير، ولن يتأثروا بعبارات
الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان التي لو أطلقت قبل 50 عاما لألهبت العرب من المحيط
إلى الخليج، فلذلك يحق القول إن على دول الخليج العربي أن تمسك بصمام الأمن بأيديها
وتجتث كل من تشم منه رائحة التنظيم والفتنة المنظمة لصالح إيران ومن يواليها فورا،
ولتكن الحكمة سيدة مواقف الحفاظ على أمن الأوطان مقابل غطرسة تاريخية لا يمكن أن
يغيرها شعار يطلقه أي كان من حكام إيران سواء كان مرشد الثورة أو
الشاهنشاه.