د. سعاد
السبع
السبع
الفساد موجود
في كثير من البلدان مادامت مسكونة بالإنس، لكن البلدان المتقدمة لا تألو جهدا في
كشف الفساد وملاحقة الفاسدين ومقاضاتهم مهما كانت قوتهم، والفساد يصيب كل مظاهر
الحياة لذلك تنوعت أشكال الفساد ؛ فهناك الفساد المالي والإداري والأخلاقي وغير
ذلك.
لكن الفساد المالي مازال هو المحدد الأول
لمفهوم الفساد في المجتمعات البشرية، وبخاصة فيما يتصل بالمال العام.
تعددت
الهيئات والمؤسسات والحركات والمنظمات المهتمة بمحاربة الفساد في اليمن، وكلما زادت
الجهات المسئولة عن محاربة الفساد زاد الفساد استشراء، واكتسب الفاسدون مناعة ضد
النقد، وضد القانون حتى صار الفاسد هو الأقوى والأشهر والأكثر قبولا وخلاصا من
المشكلات في المجتمع، وأصبح المواطن النزيه مغلوبا على أمره، يفكر باستمرار كيف له
أن يتعايش مع الفساد والمفسدين في مجتمع واحد لا يجد فيه إنسا يحمونه من الفساد
والمفسدين، ولا جِنَّا يشفون غليله بإرعاب الفاسدين في صحوهم ومنامهم بكوابيس
مستمرة حتى يكفوا أذاهم.
الكلام عن الفساد يحتاج إلى مجلدات ، لكني اليوم سأشير
فقط إلى الفساد في مجال المشروعات ، والتي من أهمها مشروعات البنية التحتية
كالطرقات، والمدارس والمستشفيات وغيرها، ولن تقوم الدولة الحديثة إلا بقوة البنية
التحتية.
لن أستطيع أن أشخص مشكلات الفساد في جانب المشروعات كلها بطريقة علمية،
لأنني لا أمتلك المعلومات أو الوثائق المطلوبة للكتابة حولها، لكني أعيش في حارة
منذ 1990 م وإلى اليوم وأنا أرى بأم عيني ما يحدث في مشروع سفلتة الشارع الذي أمر
فيه كل يوم، ففي شارع الحافة (منطقة هبرة- شعوب)، طريق لا يتعدى اثنين كيلو متر
يربط الحافة بالطريق الرئيسي ، وقد تم تسويته للسفلتة ثلاث مرات، وبعد كل مرة يترك
هذا الشارع لعوامل التعرية سنوات حتى يعود إلى ما كان عليه، وبين كل فترة وفترة
ينشط المسئولون عن سفلتته بقدرة قادر ،ويأتون بمعداتهم لفتح شهية الدولة لصرف
المستحقات، ويبدؤون في تسويته من جديد ، وبعد أيام يغادرونه دون سفلتة، وهكذا ثلاث
مرات هي التي رأيتها، والغريب في الأمر أن الشوارع الفرعية في نفس المنطقة تمت
سفلتتها، وإنارتها وبقي هذا الشارع الرئيسي بلا سفلتة، نتمنى أن نعرف من الإنس
المسئولين عن سفلتة هذا الشارع الحكمة في إهمال هذا الطريق.
حكايات كثيرة وعجيبة
تدور حول الموضوع -لا ندري مدى صحتها- منهم من يقول: إنه قد تولى هذا الشارع عدد من
المقاولين، وكل مقاول أخذ المعلوم، وقسمه بينه وبين المستفيدين في وزارة الأشغال
وانسحب بلا مساءلة ولا مجازاة، ومنهم من يقول: إن وزارة الأشغال تلكأت في صرف
مستحقات السفلتة فأوقف المقاول حال الطريق لا هو أكمله ولا تخلى عنه عنادا للدولة
بمعاقبة الوطن والمواطن لأنه لا يستطيع أن يوصل صوته إلى الكبار إلا بجعجعة
المواطنين الصغار ، وفيهم من يقول: إن هناك اتفاقا خفيا بين المهربين وبين بعض
المتنفذين المستفيدين من الظلام والوعورة في المنطقة للضغط على المسئولين لإبقاء
الطريق كما هو بلا إنارة وبلا سفلتة حتى يظل آمنا لممارسة هواياتهم في تدمير الوطن
بعيدا عن ملاحقات رجال الأمن، وأغرب الروايات ما يتردد في أوساط الأطفال من أن
الطريق مملوك لفريق كرة من الجن لا يسمحون بإنارته ولا سفلتته، ويستدلون على ذلك
بوجود معدات السفلتة بجواره منذ أشهر ولم يجرؤ أي شخص على تشغيلها ، والبدء في
العمل.
العالمون ببواطن الأمور لا يستبعدون أن في وزارة الأشغال ملفات بأسماء
عديدة لهذا الشارع، وأنه في كل محاولة يتم تسويته باسم جديد حتى يبتعد المسئولون عن
المساءلة ، لأنه لو تمت المناقصات لسفلتة الشارع باسم واحد فإن اللعبة ستنكشف، ولن
تصرف المستحقات المالية أكثر من مرة لمشروع واحد( يعني نوع من التحايل الإبداعي
الإنسي للخروج من تهمة الفساد المالي).
وستظل الروايات متنوعة ومتطورة مادام
الطريق مصابا بلعنة الإهمال المتعمدة من قبل المسئولين، ومادامت وزارة الأشغال
منشغلة عن هذا الشارع، ومادام المجلس المحلي نائما في العسل والقات، ولذلك أقترح
على المسئولين أن يعلنوا عن مناقصة أو مسابقة لوضع خطة دقيقة واضحة مزمَّنة محسوبة
التكاليف إما لتسخير الجن لسفلتة الشارع، أو لتقديم مبررات منطقية موضوعية تقنع
المواطن المراقب بتكرار توقف السفلتة لمدة عشرين سنة إلى اليوم..
كلية التربية -
جامعة صنعاء suadyemen@gmail.com
في كثير من البلدان مادامت مسكونة بالإنس، لكن البلدان المتقدمة لا تألو جهدا في
كشف الفساد وملاحقة الفاسدين ومقاضاتهم مهما كانت قوتهم، والفساد يصيب كل مظاهر
الحياة لذلك تنوعت أشكال الفساد ؛ فهناك الفساد المالي والإداري والأخلاقي وغير
ذلك.
لكن الفساد المالي مازال هو المحدد الأول
لمفهوم الفساد في المجتمعات البشرية، وبخاصة فيما يتصل بالمال العام.
تعددت
الهيئات والمؤسسات والحركات والمنظمات المهتمة بمحاربة الفساد في اليمن، وكلما زادت
الجهات المسئولة عن محاربة الفساد زاد الفساد استشراء، واكتسب الفاسدون مناعة ضد
النقد، وضد القانون حتى صار الفاسد هو الأقوى والأشهر والأكثر قبولا وخلاصا من
المشكلات في المجتمع، وأصبح المواطن النزيه مغلوبا على أمره، يفكر باستمرار كيف له
أن يتعايش مع الفساد والمفسدين في مجتمع واحد لا يجد فيه إنسا يحمونه من الفساد
والمفسدين، ولا جِنَّا يشفون غليله بإرعاب الفاسدين في صحوهم ومنامهم بكوابيس
مستمرة حتى يكفوا أذاهم.
الكلام عن الفساد يحتاج إلى مجلدات ، لكني اليوم سأشير
فقط إلى الفساد في مجال المشروعات ، والتي من أهمها مشروعات البنية التحتية
كالطرقات، والمدارس والمستشفيات وغيرها، ولن تقوم الدولة الحديثة إلا بقوة البنية
التحتية.
لن أستطيع أن أشخص مشكلات الفساد في جانب المشروعات كلها بطريقة علمية،
لأنني لا أمتلك المعلومات أو الوثائق المطلوبة للكتابة حولها، لكني أعيش في حارة
منذ 1990 م وإلى اليوم وأنا أرى بأم عيني ما يحدث في مشروع سفلتة الشارع الذي أمر
فيه كل يوم، ففي شارع الحافة (منطقة هبرة- شعوب)، طريق لا يتعدى اثنين كيلو متر
يربط الحافة بالطريق الرئيسي ، وقد تم تسويته للسفلتة ثلاث مرات، وبعد كل مرة يترك
هذا الشارع لعوامل التعرية سنوات حتى يعود إلى ما كان عليه، وبين كل فترة وفترة
ينشط المسئولون عن سفلتته بقدرة قادر ،ويأتون بمعداتهم لفتح شهية الدولة لصرف
المستحقات، ويبدؤون في تسويته من جديد ، وبعد أيام يغادرونه دون سفلتة، وهكذا ثلاث
مرات هي التي رأيتها، والغريب في الأمر أن الشوارع الفرعية في نفس المنطقة تمت
سفلتتها، وإنارتها وبقي هذا الشارع الرئيسي بلا سفلتة، نتمنى أن نعرف من الإنس
المسئولين عن سفلتة هذا الشارع الحكمة في إهمال هذا الطريق.
حكايات كثيرة وعجيبة
تدور حول الموضوع -لا ندري مدى صحتها- منهم من يقول: إنه قد تولى هذا الشارع عدد من
المقاولين، وكل مقاول أخذ المعلوم، وقسمه بينه وبين المستفيدين في وزارة الأشغال
وانسحب بلا مساءلة ولا مجازاة، ومنهم من يقول: إن وزارة الأشغال تلكأت في صرف
مستحقات السفلتة فأوقف المقاول حال الطريق لا هو أكمله ولا تخلى عنه عنادا للدولة
بمعاقبة الوطن والمواطن لأنه لا يستطيع أن يوصل صوته إلى الكبار إلا بجعجعة
المواطنين الصغار ، وفيهم من يقول: إن هناك اتفاقا خفيا بين المهربين وبين بعض
المتنفذين المستفيدين من الظلام والوعورة في المنطقة للضغط على المسئولين لإبقاء
الطريق كما هو بلا إنارة وبلا سفلتة حتى يظل آمنا لممارسة هواياتهم في تدمير الوطن
بعيدا عن ملاحقات رجال الأمن، وأغرب الروايات ما يتردد في أوساط الأطفال من أن
الطريق مملوك لفريق كرة من الجن لا يسمحون بإنارته ولا سفلتته، ويستدلون على ذلك
بوجود معدات السفلتة بجواره منذ أشهر ولم يجرؤ أي شخص على تشغيلها ، والبدء في
العمل.
العالمون ببواطن الأمور لا يستبعدون أن في وزارة الأشغال ملفات بأسماء
عديدة لهذا الشارع، وأنه في كل محاولة يتم تسويته باسم جديد حتى يبتعد المسئولون عن
المساءلة ، لأنه لو تمت المناقصات لسفلتة الشارع باسم واحد فإن اللعبة ستنكشف، ولن
تصرف المستحقات المالية أكثر من مرة لمشروع واحد( يعني نوع من التحايل الإبداعي
الإنسي للخروج من تهمة الفساد المالي).
وستظل الروايات متنوعة ومتطورة مادام
الطريق مصابا بلعنة الإهمال المتعمدة من قبل المسئولين، ومادامت وزارة الأشغال
منشغلة عن هذا الشارع، ومادام المجلس المحلي نائما في العسل والقات، ولذلك أقترح
على المسئولين أن يعلنوا عن مناقصة أو مسابقة لوضع خطة دقيقة واضحة مزمَّنة محسوبة
التكاليف إما لتسخير الجن لسفلتة الشارع، أو لتقديم مبررات منطقية موضوعية تقنع
المواطن المراقب بتكرار توقف السفلتة لمدة عشرين سنة إلى اليوم..
كلية التربية -
جامعة صنعاء suadyemen@gmail.com