عبدالهادي الصبيحي
المسلمة أن تقوم لها أي قائمة على خلق ودين، فسعيتم جاهدين لإفساد حياتها وإتعاس
حالها وإثقال كاهلها، بقانون أنتم وضعتم حروفه وصغتم بنوده ككلمة حق أريد بها باطل
تحت مسمى "حقوق المرأة"، حتى تخرجوها مما هي فيه من عز ودين..فكم آلمكم
وأرقكم تمسكها
بدينها وخلقها الرفيع وإن جنحت عن ذلك أفرحكم وأسركم أمرها، حسبته لجة فكشفت عن
ساقيها وتحته نحرٌ للعفاف وهدم للفضيلة، فقد سعيتم لخداعها بنداءاتكم
البراقة وخطاباتكم الرنانة في كل نادٍ ومحفل، منادين بحقوقها والذي ظاهره صلاح ومن
باطنه الفساد وأي فساد هذا فقد صورتم لها القبيح حسناً والرذيلة فضيلة حتى أغريتم
نفسها وأثلجتم صدرها، وأريتموها أنكم لها منقذون وبشأنها مهتمون حتى استجابت لكم عن
جهل ونسجت على منوالكم حياتها وعلى طريقتكم نشرت أفكارها، حتى نحرت عفافها وأردت
قتيلاً شرفها، فعرت جسدها وأسفرت عن وجهها وأرخت شعرها، فنسيت أمر دينها وواجبات
بيتها، فأصبح لا يهمها إلا مظهرها وملبسها وأناقتها صباح مساء، فقد أتت أفكاركم
أكلها وهي مسكينة لا تدري أنكم أبعدتموها عن دينها الذي هو عصمة أمرها ومصدر
سعادتها وأتيتم على الأخضر منها واليابس حتى غرقت في وحل الرذيلة ومستنقع
الجريمة.
وقطاة غرها شرك فباتت تعانقه وقد علق الجناح فلا في الليل نالت ما تمنت
ولا في الصبح كان لها براح وحتى إذا لم يبق في قلبها من الدين إلا اسمه ولا من
القرآن إلا رسمه، تركتموها وشأنها وتناسيتم أمرها وكأن شيئاً لم يكن بالأمس،
فلوحدها تصارع الأحزان وبمفردها تقاسي الآلام وهذا مصداقاً لقوله جل في علاه)) كمثل
الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين،
فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين)، وأصبحت زهرة ذابلة
هبت أدراج الرياح تجر ذيل الندم، خيبة الأمل ووصمة العار، جعلتموها مرتعاً لشهواتكم
وإشباعاً لملذاتكم وكأنها عندكم لم تخلق إلا لهذا، فعلمتموها كل شيئ في الحياة ولكن
لم تعلموها صناعة الرجال ولا تربية الأطفال ولا التمسك بالدين ولا بالقيم الرفيعة
والأخلاق الحميدة، فإن كنتم على حقيقةٍ من أمركم وعلى صدق في قولكم، فما بال نساؤنا
في فلسطين يندى لحالهن الجبين ويحار فيهن الحليم، تنتهك أعراضهن ويقتل أطفالهن
ويتعرضن لأبشع العذاب والتنكيل وأنهن ليضعن أحمالهن في السجون
الإسرائيلية..
فأين حقوق المرأة كما تزعمون؟ ومناصرتكم لها كما تقولون، وهذا غيض
من فيض؟ أليست هذه فرية أفتريتموها وخدعة أردتموها لتصدير بضاعتكم الكاسدة وأخلاقكم
الفاسدة التي عجت بها مجتمعاتكم عن بكرة أبيها، فكم عجت شوارعكم بأطفال الزنا فلا
يعرف لهم أب وكم هي عمليات الإجهاض التي تفوق الخيال، فقد ضقتم بها ذرعاً يكفينا
الله شرها وشركم، وقد أرقكم خلو مجتمعاتنا المسلمة مما في مجتمعاتكم فسعيتم بكل ما
أوتيتم من قوة لإفساد مجتمعاتنا وطمس هويتها وإغراقها في وحل الرذيلة ولقيت دعوتكم
للأسف الشديد صدى دون وعي بمآربكم من أبناء جلدتنا ممن يدينون بديننا منبهرين
بحضارتكم الجنسية فأقاموا الدنيا ولم يقعدوها، فانظروا للإسلام كيف رباها وصان
حماها على العفاف والحشمة وكيف أخرجها من تلك الدهاليز المظلمة والأماكن المقفرة
التي عاثت بها فساداً وإفساداً إلى نوره الوضاء وساحته المشرقة بنور العدل
والإيمان، فقد كرمها وأعلى مكانتها وكأنها لؤلؤة مكنونة تسر الناظرين وتبهج
السائرين، أما أنتم فجعلتموها أمة لشهواتكم وأغراضكم الدنيئة وأصبحت حاجة ملحة
لإعلاناتكم ولأغلفة مجلاتكم الهابطة وهذا ديدنكم لها وهي مسكينة لا تدري بخبث نيتكم
ودهاءكم وسوء مكركم وما بعد الضلال إلا الخسران فدعوا الباقي البقية من نساء الأمة
المحمدية.