ناشر
اليمني للإصلاح كقربي من قياداته , فالحزب على الرغم من وضوح خطابه في كثير من
القضايا لا يزال يثير لدى الكثيرين التباسات عدة، لكن الحزب تمكن وعبر قياداته من
مد خيوطه إلى الجميع سواء أولئك الذين يتفقون مع فكره وخطه السياسي والإعلامي
والثقافي أم حتى الذين يعارضونه، وأحسب أن مثل هذه العلاقة أسست لعلاقة قوية من
النوع الذي يجعلك تحترم قيادات الحزب حتى وإن كنت متحفظاً على بعض سياساته
.
طوال السنوات الماضية , والتي
جرت فيها مياه كثيرة, ظل حزب الإصلاح على ديدنه في الاتصال بالناس, وربما هذه ميزة
ينفرد فيها الحزب عن غيره من الأحزاب السياسية المتواجدة على الساحة وهذه الميزة
وسعت من قاعدة الحزب بين الناس وجعلته قادراً على التمدد بينهم أكثر .
وبما أن
هذه السياسة هي من جعلت الإصلاحيين على الأقل قيادات الحزب أكثر قبولاً , ذلك أن
الإصلاحي القديم بلحيته الكثة وخطابه المسجدي قد تبدل إلى حد كبير , فأنت اليوم تجد
إصلاحياً قريباً منك في الأفكار وفي أسلوب الخطاب وهو أمر لم يكن مألوفاً منذ ما
بعد قيام دولة الوحدة .
الأمر ذاته بدأ ينطبق على الحزب ككيان سياسي , فالمفردات
التي كان يتخاطب بها الحزب مع القوى السياسية تغيرت , وحتى أسلوب عمله السياسي تغير
كذلك .
والأمر يعود في رأيي إلى استيعاب حزب الإصلاح للمتغيرات التي يلمسها في
الساحة ومواكبته لها من دون أن يفرط في مبادئه التي ارتكز عليها الحزب منذ نشأته في
بداية التسعينيات للقرن الماضي .
ولن أبالغ إن قلت أن وجود الإصلاح في ساحة
المعارضة خلال السنوات الخمس الماضية بالتحديد قد أعاد فلترة بعض السياسات التي
كانت موجودة في جسمه واستطاع أن يعزز من حضوره ويكسر الحاجز النفسي الذي نشأ بينه
وبين أحزاب المعارضة خلال بقائه تحت جلباب السلطة .
لقد احتاج حزب الإصلاح إلى
سنوات كثيرة وإلى جهود كبيرة من قادته ليقنع الناس بأنه يستطيع أن يكون حزباً
معارضاً بحق، لأن سنوات بقائه في السلطة وتشابك المصالح ورموزه القيادية بالسلطة
جعلت الناس يربطون بينه وبين السلطة، أراد الحزب ذلك أم لم يرد .
وبعد ما انتقل
الحزب إلى مربع المعارضة يكون حزب الإصلاح قد حدد خطته بوضوح , وحتى إن بقت بعض
الشكوك من أنه قد يعود إلى بيته القديم، إلا أن الحزب قد اختار طريقاً لا أعتقد أن
التراجع عنه سيكون سهلاً.
وأزعم أن الحزب الذي عرفناه في السنوات التي تلي عام
دولة الوحدة قد تغير إلى درجة كبيرة , وتمكن من إعادة بناء نفسه تنظيمياً وسياسياً
, وحتى عقائدياً , فالحزب الذي تردد في السابق من الجلوس إلى قادته صار حزباً
مختلفاً , صحيح أنه ليس حزباً جديداً, إلا أنه صار حزباً مختلفاً وهذا هو الإصلاح
الحقيقي الذي نتمناه .