مقراط
ومنصف أن يدرك عن بعد ماذا تمثل الوحدة اليمنية وقيمها ومكانتها والأهم من ذلك حجم
المكاسب والانجازات الهائلة التي تحققت في ظل زمن التوحد. . أجل يصعب أن يرصد وبدقة
وبلغة الأرقام خير الوحدة وإنجازاتها التنموية والخدمية والسياسية والاجتماعية الثقافية. . التي تحققت
خلال العقدين الماضيين من عمرها المجيد لأنها كبيرة، وكثيرة ولا تعد ولا
تحصى إذا أردنا حصرها. . ولكن على ما أعتقد أن ما تنقله وسائل الإعلام المرئية
والمسموعة والمقروءة وما نكتبه ونرصده إلا القليل واليسير. . وعلى هذا النحو الوحدة
لا تعني علم يرفرف ونشيد يردد في المناسبات والاحتفالات الوطنية. . بل هي سيل جارف
من العطاء المتدفق الذي لا ينضب، وفي الوقت ذاته فهي تمثل أكبر إنجاز عظيم وعملاق
تحقق للملايين من اليمنيين على الإطلاق بعد قيام ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر
المجيدتين ونيل الاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 67م وهي بمثابة رد الاعتبار لتاريخ
شعبنا وثورته الخالدة ولحضارة اليمن المعاصرة والثمرة الوحيدة التي جناها شعبنا
وتوج بها كافة نضالاته وتضحياته ضد الاستعمار البريطاني المحتل لجنوب اليمن والحكم
الكهنوتي المظلم المستبد لأسرة حميد الدين. .
ومن هنا ونحن نعيش زخم احتفالاتنا
بالذكر ال "20" لاستعادة الوحدة المباركة وقيام الجمهورية اليمنية في 22 / مايو/
90م تبدو الأهمية اليوم لتلاحم كافة شرائح المجتمع اليمني للحفاظ على هذه الوحدة
التي تمثل تاريخ وموسوعة تضحيات اليمنيين الجسيمة. .
واللافت للنظر أننا اليوم
وبعد مرور عشرون عاماً من استعادة اليمنيين لوحدة نسيجهم الاجتماعي ودفنهم لعقود
مظلمة من عهود التشطير والتشرذم والشتات نجد بل نتفاجأ من ظهور قوى مأزومة تخطط
وترسم أسوأ التأمرات للنيل من الوحدة والعودة بالإنسان اليمني إلى مربعات التشطير
المقيتة وذلك ما يؤسف أن نرى بعض هذه المشاهد المسيئة في بعض المحافظات الجنوبية
التي تدفع قوى ما تسمى بالحراك بالأمور إلى إدخال البلاد في صراعات وتناحرات دامية
لا سمح الله كون الشعب سينتفض للذود عن وحدته ولإسقاط أية مشاريع مشبوهة تسعى إلى
المساس بها، والدفاع عنها من مؤامرات الانفصال الفاشلة في صيف 94م الذي انتصر فيه
اليمنيون لوحدتهم وعلى أصحاب مشروع الانفصال المقيت. .
لقد كانت الوحدة اليمنية
إلى قبل عشرين عاماً مجرد حلماً وهواجس جميلة تراود الإنسان اليمني وينتظر اللحظة
التاريخية التي يرفع فيها علم التوحد اليمني الذي اعتبره الكثيرون ومنهم سياسيون
ومحللون ومراقبون مهتمون بالشأن اليمني من سابع المستحيلات أن يتوحد اليمن ويتعانق
اليمنيون بعد طول فراق وقساوة عهود الانفصال. .
لكن ذلك حدث بالفعل بفضل الإرادة
العليا لقيادته التاريخية بزعامة الرئيس علي عبدالله صالح الذي صنع هذا المجد
العظيم ودخل ا لتاريخ من أوسع أبوابه في ال"22 من مايو 90م الأغر. .
ومن نافلة
القول أن هذه الوحدة هي التي أزالت الحدود والحواجز وأنهت الفتن وحقنت الدماء وردت
الشعب إلى سابق أخوته وأصل تاريخه الحضاري المشرق فنحن اليوم بألف خير ونحن ننعم
بإنجازات الوحدة من المشاريع الخدمية والإنمائية وبالمكسب الديمقراطي. .
وكما قال
الشيخ/ كمال باهرمن أحد أعضاء جمعية علماء اليمن فإنه يقع على كل يمني الحفاظ على
الوحدة كونها مطلباً هاماً وشرعاً لقوله تعالى ((واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا
تفرقوا)). .
والصحيح أن ثقافة إثارة الفتن والبغضاء والضغناء ليست ثقافة حضارية،
بل من مظاهر التخلف والجاهلية الأولى، والنبي محمد صلى الله عليه وسلم قال:))
ليس منا من دعاء إلى عصبية أو جاهلية))، ونذكر بذلك دعاة الانفصال وأصوات التدمير
لتمزيق اليمن الوحدة أن هذه الدعوات فتنه وأن أعداء الله هم الذين يريدون من
المسلمين أن يتقاتلون فيما بينهم ويجزؤون أوطانهم. .
بقي القول ونحن نعيش ذروة
الاحتفالات البهيجة والبهية بعيد الوحدة العشرون أن ندعو وبهذه المناسبة الخالدة
الشعب اليمني ونخاطب تحديداً القوى السياسية والعقلاء والشرفاء في هذا الوطن أن
يتداعوا إلى الألتام وللجلوس على طاولة الحوار الشامل الذي يشخص أهم المشكلات
وقضايا الساعة الوطنية، وبالحوار الجاد والمسؤول سيقف الجميع وسيخرجوا بمشروع وطني
حقيقي يعالج الأوضاع والأزمات وأوجاع اليمن بعيداً عن المساس بالوحدة التي ستبقى
مسكونة في وجدان اليمنيين ومحفورة في ضمائرهم وأعماق قلوبهم كونها وجدت لتبقى والله
ولي التوفيق. .