الأسود
محرّك البحث "غوغل" حول ما إذا كان الخليج عربيا أو فارسيا، والنتيجة تصب إلى حد
الآن في اتجاه "فرسنة" الخليج، حيث إن المصوتين لفائدتها يتجاوزون نسبة 75 في
المئة.
هذا
الخبر قد يمرّ عليه البعض مرور الكرام، رغم أنه يقدم صورة واضحة عن حالة السبات
التي أصبحت تميز أمة العرب، هذه الأمة المهزومة على الأرض، والمهزومة حتى في عالم
الافتراض، والتي استسلمت إلى أن سلّمها الصديق إلى العدو، وتشتّتت إلى أن أصبحت بلا
عنوان، وتفتتت إلى أن باتت تعيش على فتات الوعود، وعود الحماية ووعود السلام ووعود
الدعم والمساندة..
جيّشت إيران شبابها لخوض الحرب الإلكترونية ولإقناع
محرّك البحث "غوغل" باعتماد اسم الخليج الفارسي عوضا عن الخليج العربي، في حين ينام
العرب في كهف الرهبة والانتظار، وخارج حركة التقدم التقني والعلمي، وتعاني نسبة
كبيرة منهم من فقدان الإحساس بالهوية والانتماء، حتى أن بعض العرب باتوا يدعمون
الفرس ويبشرون بعصرهم، ويرون فيهم المنقذ ليس فقط من عنجهية إسرائيل وتسلط أمريكا
والغرب، وإنما كذلك من الأنظمة العربية الجامدة والديكتاتورية والظالمة
والمتجبرة.
وإذا كان الصراع اليوم على الخليج هو صراع قومي فارسي- عربي، فإن بعض
العرب يتعمدون تحويله إلى صراع طائفي شيعي- سني، بل إلى مواجهة مفتوحة بين الإمامية
الاثني عشرية والوهابية، الأمر الذي حوّل نسبة هامة من عوام الشيعة العرب إلى تحالف
مصيري مع إيران، خصوصا في ظل انتشار أبواق التكفير المتبادل واختلال التوازن
الاستراتيجي نتيجة تآمر بعض العواصم العربية على العراق ونظامه الوطني، وتحالفها مع
الولايات المتحدة في حربي الخليج الثانية والثالثة.
إن هذا الواقع العربي يزداد
رداءة بثبوت التحالف الخفي بين بعض الأنظمة العربية وإسرائيل، وبمساهمتها في تفعيل
العقاب الجماعي ضد قطاع غزة، الأمر الذي أعطى لتركيا الجديدة شرف التقدم على العرب
في نصرة قضاياهم، وفي العمل على فك الحصار الظالم على القطاع الصامد.
كما أن
إفصاح بعض العواصم العربية عن عدائها السافر للمقاومة اللبنانية لا يؤدي إلا إلى
نتيجة واحدة، وهي تحويل البيض اللبناني كله إلى السلة الإيرانية التي ما انفكت
تتسع..
لقد فقدت الأمة البوصلة، وفقدت الرؤية، فتداخلت أوراقها، وازداد غباء بعض
الأنظمة إلى حدّ إصابة الجماهير بالغيبوبة، ودخولها في حالة سبات، وفي حالة لا
مبالاة، وهي اليوم غير معنية بما يجري، ولا بما ينتظر العروبة من نتائج لعبة شد
الحبال بين ثلاث عواصم غير عربية، لكنها التي تصنع حاضر ومستقبل العرب، وهي طهران
وأنقرة وتل أبيب..
أما "تفريس" الخليج فهو شأن يدار من قبل الساعين إليه، وهم
الفرس، مثلما يدار تهويد القدس من قبل الصهاينة، ومن باعوا العراق بالأمس لا يزعجهم
بيع الخليج بأكمله اليوم، مثلما أن مجوّعي ومحاصري شعب غزة لا يعنيهم تهويد القدس
ولا تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية.