السفير د.
عبدالله الأشعل
عبدالله الأشعل
قامت
القوات الإسرائيلية فجر يوم 31 مايو 2010 بعملية عسكرية جوية ومظلية وبحرية بقرار
وزير الدفاع سانده رئيس الوزارء وشارك فيه رئيس الأركان وقيادات البحرية والطيران
ضد أسطول الحرية المتجه لكسر الحصار عن غزة، وأسفرت العملية عن وقف مسيرة الأسطول
واحباط مهمته واقتياد سفنه وحمولتها والركاب للمساءلة فى إسرائيل، فضلاً عن حوالى
20 شهيداً وضعفه من الجرحى.
ضم الأسطول متطوعين من
40 دولة يجمعهم هدف واحد هو إيصال المعونات إلى سكان غزة وإعلان كسر الحصار
بعد أن عجز العالم كله عن دفع إسرائيل طوعاً أو كرها إلى رفع الحصار، وإعلان فشل
السياسة الإسرائيلية بكاملها ضد سكان غزة.
فالصراع بين إسرائيل وأسطول
الحرية هو صراع بين طرفين، الطرف الدولى الذى يتسلح بالوازع الإنسانى لاستنقاذ سكان
غزة من مصير تصر عليه إسرائيل منذ ثلاث سنوات، وبين إسرائيل التى تريد أن تكون
اللاعب الوحيد الفاعل حتى فى تقرير موقف سكان غزة من الحياة والموت.
ومادام هدف
إسرائيل هو منع الأسطول من الوصول إلى غايته، فإن الأسطول حتى دون أن يصل قد حقق
الجزء الأهم فى رحلته وهو لفت نظر العالم إلى جريمة تصر إسرائيل على أن تسدل عليها
ستار النسيان والإغفال.
ويبدو أن إسرائيل قدرت أن نجاح رحلة الأسطول بتسليم
المعونات والاختلاط بأهل غزة وهو لهم شريان الحياة بعد أن جففت الشرايين الأخرى من
الجانبين المصرى والإسرائيلى، سيؤدى إلى نكسة أخرى لإسرائيل ونجاح لأعدائها، واحباط
لمخطط الإبادة ودعم للمقاومة وإكسابها الشرعية، بعد أن نجحت إسرائيل حتى الأن فى
محاصرتها إعلامياً وسياسياً بمساندة واضحة من وسط عربى أصابه الفزع من إسرائيل
وجبروتها.
فكان الخيار الآخر هو التصدى بالمنع، ولكن اللافت أن المنع كان بالغ
العنف، وكان القتل مخططا هو الآخر، وأن يتم إحداث أكبر قدر من الضرر للجانب التركى
لأنه رأس الحربة بعد إخضاع النظم العربية، وهو المتصدر للحملة ورافع علم تركيا
بمباركة حكومة أردوغان ودعمها، ولذلك فإن قرار العملية العسكرية فى حساباته يستهدف
الصدام مع تركيا.
وفى تقديرنا أن إسرائيل أرادت بهذه المواجهة الدامية أن تفرض
واقعاً ليظل بيدها وحدها زمام السيطرة على غزة، وأن دموية العملية تهدف إلى دفع
تركيا إلى أقصى نقطة إلى الحائط حتى تستبين أقصى ما تصل إليه فى رد الفعل ومدى
استعداد تركيا للتضحية بكل العلاقات مع إسرائيل.
اعتبرت إسرائيل مجرد المطالبة
بكسر الحصار تحدياً لوجودها بما يبرر لها أى إجراء للحفاظ على هذا
الوجود.
فاعتبرت إسرائيل أن القافلة هى تدخل فى شئونها الداخلية وانتهاك لقانون
إسرائيل، وهو فى نظر إسرائيل انتهاك للقانون الدولى، مما يعوق إسرائيل عن مكافحة
الإرهاب بالحصار والإبادة.
فكأن إسرائيل تعتبر غزة جزءاً من أراضيها وتحت
سلطانها وأن حصارها عمل من أعمال السيادة الإسرائيلية، حتى تمكنت إسرائيل من إرغام
بعض الدول العربية- فيما يرى البعض- على هذا المفهوم لدرجة أن البعض فهم علاقة
الاحتلال بين إسرائيل وغزة على أنها ترخص لإسرائيل بأن تفعل فى غزة ما تشاء وأنها
المسئوولة عن توفير احتياجاتها، ولذلك لا حاجة مطلقاً لفتح معبر رفح، لأن فتح
المعبر يشجع إسرائيل على إغفال التزاماتها كسلطة محتلة.
وقد عجزت إسرائيل عن
تبرير الخيار العسكرى ضد سفن مدنية وفى أعالى البحار وبهذه القسوة إذا كان هدفها
قاصراً على منع التواصل مع غزة بدون أدنى سند قانونى أو أخلاقى.
والواضح أن
الخيار العسكرى أصلاً قرار سياسى نفذه الجيش وأشادوا ببطولات الجنود وشجاعتهم
وإقدامهم فى هذه المعركة الحربية.
وقد تهافتت المبررات الإسرائيلية إلى حد السفه
ولم تستر هذه الجريمة الكبرى كالقول بأن الجنود قد اعتدى عليهم بالسكاكين أو أنهم
خشوا أن تكون السفينة تحمل إرهابين من القاعدة لإفراغهم فى غزة.
فكان الهجوم
العسكرى أول حالة لقرصنة رسمية (خلافا لتعريف القرصنة فى المادة 101 من اتفاقية
قانون البحار لعام 1982 وتعريف المكتب البحرى الدولى للقرصنة).
ولذلك فإن عمل
إسرائيل انتهاك أيضاً للمادة 97/3 من ذات الاتفاقية التى تحظر توقيف أو احتجاز
السفن المدنية أو التجارية التى ترفع علم دولة أخرى، ولو بهدف التحرى
والتحقيق.
فكان مهاجمة سفن القافلة والاعتداء على ركابها، وقطرها واستجواب
ركابها وقتل بعضهم انتهاكات قانونية صارخة واغتصاب من جانب إسرائيل لسلطة الأمر
الواقع القائم على القوة المسلحة ويدخل فى عمل العصابات وليس الجيوش النظامية، وهو
ما ألمح إليه البيان الرئاسى فى مجلس الأمن صباح 1/6/2010 الذى أدان إسرائيل
وهجومها وآثاره.
لابد أن نقرر أن الأعمال الإسرائيلية الإجرامية ضد قافلة الحرية
قد حققت سياسيا وإعلاميا وأخلاقيا نتائج لم تكن متوقعة أبرزها أن حصار غزة قد حظى
بزخم دولى على النحو الذى أكده أردوغان فى كلمته إلى الشعب التركى ظهر يوم أول
يونيو والتزام العالم وتركيا بدعم حقوق الفلسطينيين وتحرير أهل غزة من مخطط الحصار
والإبادة.
القوات الإسرائيلية فجر يوم 31 مايو 2010 بعملية عسكرية جوية ومظلية وبحرية بقرار
وزير الدفاع سانده رئيس الوزارء وشارك فيه رئيس الأركان وقيادات البحرية والطيران
ضد أسطول الحرية المتجه لكسر الحصار عن غزة، وأسفرت العملية عن وقف مسيرة الأسطول
واحباط مهمته واقتياد سفنه وحمولتها والركاب للمساءلة فى إسرائيل، فضلاً عن حوالى
20 شهيداً وضعفه من الجرحى.
ضم الأسطول متطوعين من
40 دولة يجمعهم هدف واحد هو إيصال المعونات إلى سكان غزة وإعلان كسر الحصار
بعد أن عجز العالم كله عن دفع إسرائيل طوعاً أو كرها إلى رفع الحصار، وإعلان فشل
السياسة الإسرائيلية بكاملها ضد سكان غزة.
فالصراع بين إسرائيل وأسطول
الحرية هو صراع بين طرفين، الطرف الدولى الذى يتسلح بالوازع الإنسانى لاستنقاذ سكان
غزة من مصير تصر عليه إسرائيل منذ ثلاث سنوات، وبين إسرائيل التى تريد أن تكون
اللاعب الوحيد الفاعل حتى فى تقرير موقف سكان غزة من الحياة والموت.
ومادام هدف
إسرائيل هو منع الأسطول من الوصول إلى غايته، فإن الأسطول حتى دون أن يصل قد حقق
الجزء الأهم فى رحلته وهو لفت نظر العالم إلى جريمة تصر إسرائيل على أن تسدل عليها
ستار النسيان والإغفال.
ويبدو أن إسرائيل قدرت أن نجاح رحلة الأسطول بتسليم
المعونات والاختلاط بأهل غزة وهو لهم شريان الحياة بعد أن جففت الشرايين الأخرى من
الجانبين المصرى والإسرائيلى، سيؤدى إلى نكسة أخرى لإسرائيل ونجاح لأعدائها، واحباط
لمخطط الإبادة ودعم للمقاومة وإكسابها الشرعية، بعد أن نجحت إسرائيل حتى الأن فى
محاصرتها إعلامياً وسياسياً بمساندة واضحة من وسط عربى أصابه الفزع من إسرائيل
وجبروتها.
فكان الخيار الآخر هو التصدى بالمنع، ولكن اللافت أن المنع كان بالغ
العنف، وكان القتل مخططا هو الآخر، وأن يتم إحداث أكبر قدر من الضرر للجانب التركى
لأنه رأس الحربة بعد إخضاع النظم العربية، وهو المتصدر للحملة ورافع علم تركيا
بمباركة حكومة أردوغان ودعمها، ولذلك فإن قرار العملية العسكرية فى حساباته يستهدف
الصدام مع تركيا.
وفى تقديرنا أن إسرائيل أرادت بهذه المواجهة الدامية أن تفرض
واقعاً ليظل بيدها وحدها زمام السيطرة على غزة، وأن دموية العملية تهدف إلى دفع
تركيا إلى أقصى نقطة إلى الحائط حتى تستبين أقصى ما تصل إليه فى رد الفعل ومدى
استعداد تركيا للتضحية بكل العلاقات مع إسرائيل.
اعتبرت إسرائيل مجرد المطالبة
بكسر الحصار تحدياً لوجودها بما يبرر لها أى إجراء للحفاظ على هذا
الوجود.
فاعتبرت إسرائيل أن القافلة هى تدخل فى شئونها الداخلية وانتهاك لقانون
إسرائيل، وهو فى نظر إسرائيل انتهاك للقانون الدولى، مما يعوق إسرائيل عن مكافحة
الإرهاب بالحصار والإبادة.
فكأن إسرائيل تعتبر غزة جزءاً من أراضيها وتحت
سلطانها وأن حصارها عمل من أعمال السيادة الإسرائيلية، حتى تمكنت إسرائيل من إرغام
بعض الدول العربية- فيما يرى البعض- على هذا المفهوم لدرجة أن البعض فهم علاقة
الاحتلال بين إسرائيل وغزة على أنها ترخص لإسرائيل بأن تفعل فى غزة ما تشاء وأنها
المسئوولة عن توفير احتياجاتها، ولذلك لا حاجة مطلقاً لفتح معبر رفح، لأن فتح
المعبر يشجع إسرائيل على إغفال التزاماتها كسلطة محتلة.
وقد عجزت إسرائيل عن
تبرير الخيار العسكرى ضد سفن مدنية وفى أعالى البحار وبهذه القسوة إذا كان هدفها
قاصراً على منع التواصل مع غزة بدون أدنى سند قانونى أو أخلاقى.
والواضح أن
الخيار العسكرى أصلاً قرار سياسى نفذه الجيش وأشادوا ببطولات الجنود وشجاعتهم
وإقدامهم فى هذه المعركة الحربية.
وقد تهافتت المبررات الإسرائيلية إلى حد السفه
ولم تستر هذه الجريمة الكبرى كالقول بأن الجنود قد اعتدى عليهم بالسكاكين أو أنهم
خشوا أن تكون السفينة تحمل إرهابين من القاعدة لإفراغهم فى غزة.
فكان الهجوم
العسكرى أول حالة لقرصنة رسمية (خلافا لتعريف القرصنة فى المادة 101 من اتفاقية
قانون البحار لعام 1982 وتعريف المكتب البحرى الدولى للقرصنة).
ولذلك فإن عمل
إسرائيل انتهاك أيضاً للمادة 97/3 من ذات الاتفاقية التى تحظر توقيف أو احتجاز
السفن المدنية أو التجارية التى ترفع علم دولة أخرى، ولو بهدف التحرى
والتحقيق.
فكان مهاجمة سفن القافلة والاعتداء على ركابها، وقطرها واستجواب
ركابها وقتل بعضهم انتهاكات قانونية صارخة واغتصاب من جانب إسرائيل لسلطة الأمر
الواقع القائم على القوة المسلحة ويدخل فى عمل العصابات وليس الجيوش النظامية، وهو
ما ألمح إليه البيان الرئاسى فى مجلس الأمن صباح 1/6/2010 الذى أدان إسرائيل
وهجومها وآثاره.
لابد أن نقرر أن الأعمال الإسرائيلية الإجرامية ضد قافلة الحرية
قد حققت سياسيا وإعلاميا وأخلاقيا نتائج لم تكن متوقعة أبرزها أن حصار غزة قد حظى
بزخم دولى على النحو الذى أكده أردوغان فى كلمته إلى الشعب التركى ظهر يوم أول
يونيو والتزام العالم وتركيا بدعم حقوق الفلسطينيين وتحرير أهل غزة من مخطط الحصار
والإبادة.