عبدالكريم
المدي
المدي
هناك تهويل لما يجري في بعض
المحافظات الجنوبية، فالوضع ليس بتلك الصورة القاتمة. . والانفلات الأمني ليس بذلك
الوصف الذي نسمعه. . والمناطقية ليست بذلك الوجه الذي يحاول البعض أن يجعلنا نتخيله
شبحاً مرعباً في يقظتنا ومنامنا وحضورنا وخلواتنا. . ! صحيح هناك تذمر وهناك عدم رضى
لدى شريحة واسعة من الناس عن الأوضاع برمتها وعن أداء الحكومة وأجهزتها التنفيذية للسلطة المحلية،
لكنه لم يصل إلى مستوى الانهيار أو نقطة اللاعودة. .
فمازال هناك مساحة
بسيطة جداً للإصلاح ومازال هناك إمكانية وفرصة لتصحيح المسار وإعادة زرع الثقة في
نفوس الناس بأن ما أفسده دهر الإهمال وعصر الفساد يُمكن أن يتم تجاوزه ونسيانه
بالعدل والمساواة ومحاربة الفاسدين واحترام القانون وتنفيذه على الجميع دون تميز
بين شخص وآخر وعائلة وأخرى.
****** بالتأكيد العشرون العام الماضي من عمر وحدتنا
المباركة لم تكن بكل أسف نقولها كافية لنسيان الحديث عنها والبحث عن شعارات
تُمجّدها وتعزز قيمتها ومعناها وعظمتها وأهميتها في نفوس الشباب وكافة شرائح
المجتمع والاهتمام بتلك الشعارات أكثر من الاهتمام بالمنهج المدرسي وقيم العلم
والمواطنة المتساوية. .
والعشرون السنة الماضية أيضاً من عمر وحدتنا، المباركة لم
تكن كافية لاستيعاب متطلبات العصر والمنطق وحاجات التنمية والناس لتحويل مئات
ومليارات الريالات التي تُهدر بصورة مستمرة في تأسيس وإنشاء هيئات ومنتديات ومنظمات
الدفاع عن الوحدة، لصالح التعليم مثلاً أو الضمان الاجتماعي أو تأسيس بنوك إقراض
ميّسر تُساعد الخارجين عن النظام والقانون والمتذمرين من الوحدة والدولة والحزب
الحاكم وأحزاب المعارضة وحتى أنفسهم على تجاوز الأضاوع وجعلهم يحسون بمركزيتهم
الذاتية وكياناتهم وتقيهم أيضاً، من زمهرير البرد والجوع القارص في محافظات الوطن
الشمالية والوسطى ولفحة الهجير والحرارة والظمأ في محافظاته الجنوبية والساحلية. . !
****** لا يختلف اثنان بأن هناك مبالغات وابتزازاً من قبل العناصر التي تتخذ من
يافطة وشعار المطالب الحقوقية مظلة لها وحصانة ومصدراً لتزييف الحقائق والابتزاز
والفوضى والحصول على مكاسب وامتيازات أصحاب المظالم والحقوق الفعليين الذين
غالبيتهم في بيوتهم ومدنهم وقراهم يدركون كيف يصونون كرامة ألمهم. .
على أية حال
يتفق ربما الجميع بأن لهذه السلوكيات والثقافة الجديدة نتائج عكسية مدمرة، حيث
تتوسع ويسعى البعض إلى الإثراء والتقليد من خلال باب رزق كهذا الذي يشبه "اليناصيب"
أو "ليلة القدر" لدى البعض الذي يتحول بقدرة قادر في ليلة وضحاها من عاطل عن العمل
وفقير وجاهل إلى غني ونافذ وشيخ من العيار الثقيل، فقط بواسطة برميل أو أكوام من
الحجارة يضعها وسط سوق أو طريق عام ومعه عشرة من "حمران العيون" لتهل عليه بعد ذلك
الامتيازات والترضيات و"الحبّات" ما بين "مقفّص" و"طربال" و"المنويكات" ذوات
الطلبيات والمواصفات الخليجية والأوروبية واليمنية في أسوأ الأحوال. . ! ***** لقد
كنت خلال الأيام القليلة الماضية في لحج وعدن وأبين، ولم أجد ذلك السواد الذي يصوّر
ولا النعيم الذي يخلقه المسؤولون والإعلام الرسمي. .
وجدت الحياة في أبين كالحياة
في الحديدة ووجدت الأعلام الوطنية على المدارس والمقارّ الرسمية والسيارات بصورة
اعتيادية. .
ووجدت التذمر من الوضع العام وضيق الحال في جعار وخنفر بمحافظة أبين
مثلما هو موجود تماماً في مديرتي وصاب العالي وعتمة بمحافظة ذمار وسافرت من محافظة
عدن إلى جعار بمحافظة أبين في تمام الساعة الثانية بعد منتصف الليل، حينما رافقت
الصديق والوطني المناضل الكبير/ محمد بن ناصر العولقي إلى بيته مثلما سافرت
تماماً قبل أيام من مدينة ذمار إلى قريتي في مديرية وصاب العالي. .
لم أصادف
قُّطاع طريق ولا فوضويين ولا أعلام وشعارات انفصال ولا سؤال عن البطاقة الشخصية لا
في الأولى ولا في الثانية، لا من الأجهزة الأمنية ولا من غير الأجهزة الأمنية،
بمعنى أعود وأكرر الأوضاع في جنوب الوطن ليست كما يُقال ولا تبدو لمن يسمع مثلما
تبدو لمن يشاهدها بأم عينه وحواسه. .
وكما أسلفت التذمر من الأوضاع الاقتصادية
وأداء الحكومة بكل مؤسساتها حاصل في كل مكان، وإن كان في بعض المناطق من المحافظات
الجنوبية أكثر وخاضع أيضاً لحسابات مختلفة ومفاهيم متعددة، إلا أنه في كل الأحول
سيلتئم الجراح ويعود الجميع إلى صوابهم ولكن متى ما وجدت إرادة حقيقية للتغيير
واستيعاب مسؤول لما يجري وحلحلة حقيقية للقضايا. . ! ومتى ما وجد أناس أيضاً مخلصون
للوطن وممثلون حقيقيون للعدالة وللدولة في تلك المناطق التي تشهد ارتفاع أصوات
وشعارات تطالب بأشياء خارج إطار المنطق والحكمة والمصلحة الوطنية العليا للبلد أرضه
وناسه وتاريخه وحضارته وحاضره ومستقبله. .
إرساءة أخيرة شكراً جداً للأستاذة
العزيزة "منى" وشكراً للمعلومات التي أتحفتني ووافتني بها بحرص ومسؤولية وحب حقيقي
للبلد أثناء مقابلتي لها في رئاسة جامعة عدن. .
شكراً لها وشكراً لدورها وعقليتها
الوطنية والإنسانية المتفتحة.
Almedi2009@hotmail. com
المحافظات الجنوبية، فالوضع ليس بتلك الصورة القاتمة. . والانفلات الأمني ليس بذلك
الوصف الذي نسمعه. . والمناطقية ليست بذلك الوجه الذي يحاول البعض أن يجعلنا نتخيله
شبحاً مرعباً في يقظتنا ومنامنا وحضورنا وخلواتنا. . ! صحيح هناك تذمر وهناك عدم رضى
لدى شريحة واسعة من الناس عن الأوضاع برمتها وعن أداء الحكومة وأجهزتها التنفيذية للسلطة المحلية،
لكنه لم يصل إلى مستوى الانهيار أو نقطة اللاعودة. .
فمازال هناك مساحة
بسيطة جداً للإصلاح ومازال هناك إمكانية وفرصة لتصحيح المسار وإعادة زرع الثقة في
نفوس الناس بأن ما أفسده دهر الإهمال وعصر الفساد يُمكن أن يتم تجاوزه ونسيانه
بالعدل والمساواة ومحاربة الفاسدين واحترام القانون وتنفيذه على الجميع دون تميز
بين شخص وآخر وعائلة وأخرى.
****** بالتأكيد العشرون العام الماضي من عمر وحدتنا
المباركة لم تكن بكل أسف نقولها كافية لنسيان الحديث عنها والبحث عن شعارات
تُمجّدها وتعزز قيمتها ومعناها وعظمتها وأهميتها في نفوس الشباب وكافة شرائح
المجتمع والاهتمام بتلك الشعارات أكثر من الاهتمام بالمنهج المدرسي وقيم العلم
والمواطنة المتساوية. .
والعشرون السنة الماضية أيضاً من عمر وحدتنا، المباركة لم
تكن كافية لاستيعاب متطلبات العصر والمنطق وحاجات التنمية والناس لتحويل مئات
ومليارات الريالات التي تُهدر بصورة مستمرة في تأسيس وإنشاء هيئات ومنتديات ومنظمات
الدفاع عن الوحدة، لصالح التعليم مثلاً أو الضمان الاجتماعي أو تأسيس بنوك إقراض
ميّسر تُساعد الخارجين عن النظام والقانون والمتذمرين من الوحدة والدولة والحزب
الحاكم وأحزاب المعارضة وحتى أنفسهم على تجاوز الأضاوع وجعلهم يحسون بمركزيتهم
الذاتية وكياناتهم وتقيهم أيضاً، من زمهرير البرد والجوع القارص في محافظات الوطن
الشمالية والوسطى ولفحة الهجير والحرارة والظمأ في محافظاته الجنوبية والساحلية. . !
****** لا يختلف اثنان بأن هناك مبالغات وابتزازاً من قبل العناصر التي تتخذ من
يافطة وشعار المطالب الحقوقية مظلة لها وحصانة ومصدراً لتزييف الحقائق والابتزاز
والفوضى والحصول على مكاسب وامتيازات أصحاب المظالم والحقوق الفعليين الذين
غالبيتهم في بيوتهم ومدنهم وقراهم يدركون كيف يصونون كرامة ألمهم. .
على أية حال
يتفق ربما الجميع بأن لهذه السلوكيات والثقافة الجديدة نتائج عكسية مدمرة، حيث
تتوسع ويسعى البعض إلى الإثراء والتقليد من خلال باب رزق كهذا الذي يشبه "اليناصيب"
أو "ليلة القدر" لدى البعض الذي يتحول بقدرة قادر في ليلة وضحاها من عاطل عن العمل
وفقير وجاهل إلى غني ونافذ وشيخ من العيار الثقيل، فقط بواسطة برميل أو أكوام من
الحجارة يضعها وسط سوق أو طريق عام ومعه عشرة من "حمران العيون" لتهل عليه بعد ذلك
الامتيازات والترضيات و"الحبّات" ما بين "مقفّص" و"طربال" و"المنويكات" ذوات
الطلبيات والمواصفات الخليجية والأوروبية واليمنية في أسوأ الأحوال. . ! ***** لقد
كنت خلال الأيام القليلة الماضية في لحج وعدن وأبين، ولم أجد ذلك السواد الذي يصوّر
ولا النعيم الذي يخلقه المسؤولون والإعلام الرسمي. .
وجدت الحياة في أبين كالحياة
في الحديدة ووجدت الأعلام الوطنية على المدارس والمقارّ الرسمية والسيارات بصورة
اعتيادية. .
ووجدت التذمر من الوضع العام وضيق الحال في جعار وخنفر بمحافظة أبين
مثلما هو موجود تماماً في مديرتي وصاب العالي وعتمة بمحافظة ذمار وسافرت من محافظة
عدن إلى جعار بمحافظة أبين في تمام الساعة الثانية بعد منتصف الليل، حينما رافقت
الصديق والوطني المناضل الكبير/ محمد بن ناصر العولقي إلى بيته مثلما سافرت
تماماً قبل أيام من مدينة ذمار إلى قريتي في مديرية وصاب العالي. .
لم أصادف
قُّطاع طريق ولا فوضويين ولا أعلام وشعارات انفصال ولا سؤال عن البطاقة الشخصية لا
في الأولى ولا في الثانية، لا من الأجهزة الأمنية ولا من غير الأجهزة الأمنية،
بمعنى أعود وأكرر الأوضاع في جنوب الوطن ليست كما يُقال ولا تبدو لمن يسمع مثلما
تبدو لمن يشاهدها بأم عينه وحواسه. .
وكما أسلفت التذمر من الأوضاع الاقتصادية
وأداء الحكومة بكل مؤسساتها حاصل في كل مكان، وإن كان في بعض المناطق من المحافظات
الجنوبية أكثر وخاضع أيضاً لحسابات مختلفة ومفاهيم متعددة، إلا أنه في كل الأحول
سيلتئم الجراح ويعود الجميع إلى صوابهم ولكن متى ما وجدت إرادة حقيقية للتغيير
واستيعاب مسؤول لما يجري وحلحلة حقيقية للقضايا. . ! ومتى ما وجد أناس أيضاً مخلصون
للوطن وممثلون حقيقيون للعدالة وللدولة في تلك المناطق التي تشهد ارتفاع أصوات
وشعارات تطالب بأشياء خارج إطار المنطق والحكمة والمصلحة الوطنية العليا للبلد أرضه
وناسه وتاريخه وحضارته وحاضره ومستقبله. .
إرساءة أخيرة شكراً جداً للأستاذة
العزيزة "منى" وشكراً للمعلومات التي أتحفتني ووافتني بها بحرص ومسؤولية وحب حقيقي
للبلد أثناء مقابلتي لها في رئاسة جامعة عدن. .
شكراً لها وشكراً لدورها وعقليتها
الوطنية والإنسانية المتفتحة.
Almedi2009@hotmail. com