الجفري
ظهرت واشتهرت بعد موت صاحبها وذاع صيته بعد اختفائه ونتيجة إن كثيراً من الأعمال الفنية
قد ظهرت واشتهرت بعد موت صاحبها وذاع صيته بعد اختفائه ونتيجة لهذا أخذ بعض
الأغنياء يتهافتون على أعماله الفنية المهم منها وغير المهم ويبذلون أحياناً في
سبيل ذلك أموالاً طائلة ولهذا بالتأكيد صلة بالفنان التي أصبغت على جميع أعمال قيمة
لا يستحقها، وهذا بلا شكل يتأثر بروح العصر وذوق الأجيال العام وصعود بعض
الطبقات في سلم الهرم الاجتماعي وإشباع نزواتها لتيسير الإمكانات المادية لديها
باقتناء بعض الأعمال الفنية، فنراها تنزع حيناً إلى صنع فنان لها تتبناه وتظهره
بوسائلها الضخمة وأموالها لإشباع رغبتها البدائية في الظهور والإدعاء، إن هذه
الحركة الدائبة المستثمرة هي التي تعرقل في كثير من الأحيان التمييز بين الأعمال
الفنية ذات الأصالة والإبداع وبين الأعمال الفنية الهابطة الرخيصة واختفاء كثير من
الأعمال الفنية العظيمة وضياعها وراء بعض النزوات العابرة والأطماع التجارية التي
تقف في كثير من الأحيان كحاجز في ظهورها وتداولها ولا تأخذ بنظر الاعتبار سوى
الشهرة التي تدر أرباحاً سريعة والنفوذ الاجتماعي الذي يتمتع به بعض الفنانين،
نظراً لعلو صيتهم وظهورهم، ولذلك فإننا نقف أحياناً أمام بعض اللوحات الفنية
ونتساءل ما الذي يميزها؟ أيضاً لا نجد فيها ما يقدم الفكر ولا لها أية صفة من صفات
الفن.
وصفوة القول أن بقاء الأعمال الفنية بعد زوال صانعيها لا يعني خلودها وإن
عاشت عبر أجيال طويلة، إذ أن هذا البقاء قد تحيطه ظروف ملائمة كالاحتفاظ بعيداً عن
أيدي التلف، إن بقاء الأثر عبر الأجيال يضفي على قدسيته ويصبح محل عناية واهتمام،
فالأعمال الخالدة هي الأعمال التي تتسم بالبقاء، إلا أن البقاء لا يعد مرادفاً
للخلود، إنما هو سمة من سماته ومن سماته أيضاً الإبداع والإنفراد، فالخلود هو تصور
متفوق ينبعث في كل لحظة من لحظات الزمن، والبقاء هو استمرار مادي محض.