علي محمد
الحزمي
الحزمي
قد تكون بلادنا من الدول التي لديها
وفرة من المتسولين والحمد لله لدرجة أننا أصبحنا من الدول المميزة في هذا المجال من
خلال استيراد وتصدير المتسولين وليس على المستوى المحلي فحسب ، وهذا بفضل حكومتنا
الرشيدة وسياستها في إدارة شئون البلاد الداخلية والاقتصادية ، وهذا ما جعل من
النادر بل من المستحيل أن تجد محافظة يمنية تخلو من المتسولين والذين يطلق عليهم في
محافظة إب سائل وفي صنعاء مطلب وفي
عدن شحاذ وفي تعز شحات وفي حضرموت حرفوش وبالجمع حرافيش ، ولعل وفرة التسميات
المتفرقة تبرهن على ثراء هذا الوطن بهذه الفئة التي تحمل هذه الفئة صفتها والتي
أصبحت -فئة التسول - عند الكثير عبارة عن حرفة ، يمتهنها الكثير ليس من أجل توفير
لقمة العيش فحسب ، بل من أجل تأمين مستقبله ومستقبل أسرته ، هذا على المستوى المحلي
، أما عن مسألة الاستيراد والتصدير فهذا لا يخفى على أحد ، فأصبح لدينا متسولون
أفارقة ومن بلاد الشام وحتى في مرة من المرات وجدت أحدهم يتسول وبالإنجليزية حين
يسألك عن مكان معين ومن ثم يقول لك بأنه لا يملك النقود ووجدته في أكثر من مكان
ومرة في أمانة العاصمة .
وأما عن تصدير المتسولين فما عليك إلا سؤال أحد
المغتربين في دول الجوار أو الدخول إلى مواقع الملتقيات عبر شبكة الانترنت لتجد
مقدار عدد المتسولين اليمنيين في الخارج وأفعالهم وأماكن تواجدهم وبالذات في دول
الجوار ، ولن نذهب بعيداً لنصل إلى دول الغرب ، ولم يعد يخفى على أحد كمية
المتسولين في الداخل والخارج من يمنيين وغير يمنيين حتى قال أحدهم "بصراحة حكومتنا
تعمل كل شيء من أجل تطوير هذا الشعب وحتى المتسولين يحضرون لهم خبراء
أجانب".
وقال آخر "يعني اللي عندنا ما كفّوش عشان نستورد متسولين" والتسول هو
أبسط طريقة تعرف بها مستوى معيشة هذا البلد أو ذاك ، وإذا كان المتسولون يعيشون
حياة يرثى لها حيث أصبحت الباصات الحكومية تلاحقهم في كل مكان ، وأصبح المتسول يمد
يده للتسول وعيناه تجوبان الشارع طولاًَ وعرضاً خوفاً من ظهور كابوس الباص الحكومي
، والذي يقوم العاملون فيه باصطحاب المتسول وأخذ ما تحصل عليه من فاعلي الخير ورميه
في أبعد مكان عن الأعين ، وكأن هذا من وجهة نظرهم هو الحل ، حيث وأن التسول لا
يرضاه أحد لنفسه ولكن هي الظروف التي تجبر الكثير على الوقوف أمام الناس وطلب
الصدقة أو البكاء والنحيب ، فتجد فتيات في ريعان الشباب في الجولات وأبواب المساجد
، وهن يمددن أيديهن طلباً للصدقة ، وحتى في الصدقة تجد بعضهم لا يتصدق إلا بعد أن
يذهب صدقته بالمن والأذى ومضايقة المتسولات بالمزاح والكلام والخروج عن كل الآداب ،
وكأنه ينزل مستوى أخلاقه إلى قدر متسولة وفي الشارع .
والتسول بإعتقادي لا ينحصر
في فئة المساكين والمستضعفين والفقراء فحسب ، بل يتعداه أحياناَ إلى التسول من قبل
بعض الدول التي تبحث عن التطور الاقتصادي من خلال التسول المشروع في طلب القروض
والمساعدات من البنك الدولي والمنظمات الدولية والدول المانحة وغيرها ، ولا ينحصر
التسول هنا فحسب بل يتعداه أحياناً ليطال المبدعين والذين يتسولون ما يكفي حاجتهم
وحاجة ذويهم بطريقة أو بأخرى ، وكذا التسول الإعلامي والتسول الأدبي هذا كله يدخل
في إطار التسول وملحقات التسول والذي يسميه البعض جريمة التسول بينما هو عند البعض
الآخر مجرد حرفة أو مهنة ،ومن النادر أن تجد من يذكرك بأنه عيب أو ينسى قول المصطفى
صلى الله عليه وسلم ( اليد العليا خير من اليد السفلى ) صدق رسول الله .
ختاماً
لا أعتقد أن ظاهرة التسول ستنتهي في ليلة وضحاها ، لأنه لا توجد بشائر من أجل
القضاء على التسول لا من خلال وقف استيراد المتسولين الأجانب ولا من جهة معالجة
أوضاع المتسولين داخل الوطن، فتجد الشائب يتسول وتجد الشاب والفتاة والمرأة والطفل
وحتى الرضيع الذي لا يزال في المهد شريكاً أساسياً في التسول من خلال النوم بحضن من
يحمله ببراءة الطفولة التي اغتالتها ظروف الزمن القاسي وجعلت ذويه بدلاَ من العمل
على تربيته، يستغلونه وهو لا يزال طريح المهد للمشاركة في التسول ، فمتى سنجد مراكز
بالفعل تهتم برعاية المتسولين وتجعلهم يكفون عن مد أيديهم للناس وتجعل المجتمع يعيش
ولو قليلاً من شيء اسمه المساواة وعدالة العيش بدلاً من القصور الفاخرة عند ذوي
المناصب ومن لا يجدون شيئاً يشبع بطونه قبل أن يفترشوا التراب ويلتحفو السحاب
ويناموا في العراء أو في أكواخ الصفيح أو على أرصفة الشوارع؟ ولنعمل سوياً على
تحقيق المثل الصيني القائل: "بدلاً من أن تعطيني كل يوم سمكة ، أرجوك فقط علمني
الصيد".
a.mo.h@hotmail.com
وفرة من المتسولين والحمد لله لدرجة أننا أصبحنا من الدول المميزة في هذا المجال من
خلال استيراد وتصدير المتسولين وليس على المستوى المحلي فحسب ، وهذا بفضل حكومتنا
الرشيدة وسياستها في إدارة شئون البلاد الداخلية والاقتصادية ، وهذا ما جعل من
النادر بل من المستحيل أن تجد محافظة يمنية تخلو من المتسولين والذين يطلق عليهم في
محافظة إب سائل وفي صنعاء مطلب وفي
عدن شحاذ وفي تعز شحات وفي حضرموت حرفوش وبالجمع حرافيش ، ولعل وفرة التسميات
المتفرقة تبرهن على ثراء هذا الوطن بهذه الفئة التي تحمل هذه الفئة صفتها والتي
أصبحت -فئة التسول - عند الكثير عبارة عن حرفة ، يمتهنها الكثير ليس من أجل توفير
لقمة العيش فحسب ، بل من أجل تأمين مستقبله ومستقبل أسرته ، هذا على المستوى المحلي
، أما عن مسألة الاستيراد والتصدير فهذا لا يخفى على أحد ، فأصبح لدينا متسولون
أفارقة ومن بلاد الشام وحتى في مرة من المرات وجدت أحدهم يتسول وبالإنجليزية حين
يسألك عن مكان معين ومن ثم يقول لك بأنه لا يملك النقود ووجدته في أكثر من مكان
ومرة في أمانة العاصمة .
وأما عن تصدير المتسولين فما عليك إلا سؤال أحد
المغتربين في دول الجوار أو الدخول إلى مواقع الملتقيات عبر شبكة الانترنت لتجد
مقدار عدد المتسولين اليمنيين في الخارج وأفعالهم وأماكن تواجدهم وبالذات في دول
الجوار ، ولن نذهب بعيداً لنصل إلى دول الغرب ، ولم يعد يخفى على أحد كمية
المتسولين في الداخل والخارج من يمنيين وغير يمنيين حتى قال أحدهم "بصراحة حكومتنا
تعمل كل شيء من أجل تطوير هذا الشعب وحتى المتسولين يحضرون لهم خبراء
أجانب".
وقال آخر "يعني اللي عندنا ما كفّوش عشان نستورد متسولين" والتسول هو
أبسط طريقة تعرف بها مستوى معيشة هذا البلد أو ذاك ، وإذا كان المتسولون يعيشون
حياة يرثى لها حيث أصبحت الباصات الحكومية تلاحقهم في كل مكان ، وأصبح المتسول يمد
يده للتسول وعيناه تجوبان الشارع طولاًَ وعرضاً خوفاً من ظهور كابوس الباص الحكومي
، والذي يقوم العاملون فيه باصطحاب المتسول وأخذ ما تحصل عليه من فاعلي الخير ورميه
في أبعد مكان عن الأعين ، وكأن هذا من وجهة نظرهم هو الحل ، حيث وأن التسول لا
يرضاه أحد لنفسه ولكن هي الظروف التي تجبر الكثير على الوقوف أمام الناس وطلب
الصدقة أو البكاء والنحيب ، فتجد فتيات في ريعان الشباب في الجولات وأبواب المساجد
، وهن يمددن أيديهن طلباً للصدقة ، وحتى في الصدقة تجد بعضهم لا يتصدق إلا بعد أن
يذهب صدقته بالمن والأذى ومضايقة المتسولات بالمزاح والكلام والخروج عن كل الآداب ،
وكأنه ينزل مستوى أخلاقه إلى قدر متسولة وفي الشارع .
والتسول بإعتقادي لا ينحصر
في فئة المساكين والمستضعفين والفقراء فحسب ، بل يتعداه أحياناَ إلى التسول من قبل
بعض الدول التي تبحث عن التطور الاقتصادي من خلال التسول المشروع في طلب القروض
والمساعدات من البنك الدولي والمنظمات الدولية والدول المانحة وغيرها ، ولا ينحصر
التسول هنا فحسب بل يتعداه أحياناً ليطال المبدعين والذين يتسولون ما يكفي حاجتهم
وحاجة ذويهم بطريقة أو بأخرى ، وكذا التسول الإعلامي والتسول الأدبي هذا كله يدخل
في إطار التسول وملحقات التسول والذي يسميه البعض جريمة التسول بينما هو عند البعض
الآخر مجرد حرفة أو مهنة ،ومن النادر أن تجد من يذكرك بأنه عيب أو ينسى قول المصطفى
صلى الله عليه وسلم ( اليد العليا خير من اليد السفلى ) صدق رسول الله .
ختاماً
لا أعتقد أن ظاهرة التسول ستنتهي في ليلة وضحاها ، لأنه لا توجد بشائر من أجل
القضاء على التسول لا من خلال وقف استيراد المتسولين الأجانب ولا من جهة معالجة
أوضاع المتسولين داخل الوطن، فتجد الشائب يتسول وتجد الشاب والفتاة والمرأة والطفل
وحتى الرضيع الذي لا يزال في المهد شريكاً أساسياً في التسول من خلال النوم بحضن من
يحمله ببراءة الطفولة التي اغتالتها ظروف الزمن القاسي وجعلت ذويه بدلاَ من العمل
على تربيته، يستغلونه وهو لا يزال طريح المهد للمشاركة في التسول ، فمتى سنجد مراكز
بالفعل تهتم برعاية المتسولين وتجعلهم يكفون عن مد أيديهم للناس وتجعل المجتمع يعيش
ولو قليلاً من شيء اسمه المساواة وعدالة العيش بدلاً من القصور الفاخرة عند ذوي
المناصب ومن لا يجدون شيئاً يشبع بطونه قبل أن يفترشوا التراب ويلتحفو السحاب
ويناموا في العراء أو في أكواخ الصفيح أو على أرصفة الشوارع؟ ولنعمل سوياً على
تحقيق المثل الصيني القائل: "بدلاً من أن تعطيني كل يوم سمكة ، أرجوك فقط علمني
الصيد".
a.mo.h@hotmail.com