والشعبية بانطلاق الحوار الذي كان مقرراً أمس بين حزب المؤتمر الشعبي العام وأحزاب
المعارضة الممثلة في البرلمان، بحسب مصادر رسمية، جاء عدم التئام المتحاورين ليصيب
هذه الأوساط بالنكسة، فقد كان الكثير يبدي تفاؤلاً في أن يكون اجتماع الأمس فرصة
لإذابة جليد الخلافات السياسية بين الأحزاب، خاصة بعد المبادرة التي أعلنها الشهر
الماضي الأخ الرئيس علي عبد الله صالح في خطابه بمناسبة مرور 20 عاماً على قيام
دولة الوحدة.
الأطراف المعنية
بالحوار، بما فيها حزب المؤتمر الشعبي العام، لم يكن لها علم بموعد الحوار أو
بمضامينه، وكان الأفضل ألاَّ يتم إعلان موعد انطلاق الحوار قبل التأكد من أن كافة
الأطراف لديها علم بموعده وقضاياه؛ لأن إعلان استئناف الحوار ومن ثم عدم عقده ستكون
له مردودات سلبية على العلاقة بين طرفي الحوار.
ويبدو أن حالة عدم الثقة بين
طرفي المعادلة السياسية في البلاد، وعدم تبدل الخطاب السياسي والإعلامي لكل تجاه
الآخر، مازال يلقي بظلاله على العلاقة بين الطرفين، خاصة وأن هناك مطالبة واسعة بأن
يكون الإعلام، على الأقل في هذه الفترة، عاملاً من عوامل تشجيع الطرفين على استئناف
الحوار، وعدم الإقدام على الشحن الإعلامي الذي يضر بالعملية السياسية ويعمق من حالة
عدم الثقة بين الطرفين.
لكن يبدو أن قضايا كثيرة لا تزال معلقة منذ إعلان مبادرة
الأخ الرئيس الصريحة، المتمثلة بالإفراج عن كافة المعتقلين على خلفية الأزمات التي
تواجهها البلاد، وأولها الأزمة مع الحوثيين والأوضاع في بعض المناطق الجنوبية
والشرقية من البلاد والمعتقلون من الصحفيين؛ إذ إنه بعد مرور نحو أسبوعين على إطلاق
المبادرة، مازال العديد من المعتقلين خلف القضبان.
والسؤال هو: لماذا لم تنفذ
توجيهات الرئيس في هذه القضية؟ ولماذا يبقي البعض الأزمات مستمرة بإبقاء أمور
معلقة، كقضية المعتقلين وغيرها، دون حل، رغم صراحة توجيهات الرئيس؟ مثل هذه القضايا
تعقد العلاقة بين طرفي الحوار، وتظهر أن هناك من يسعى إلى تخريب التقارب بين أطراف
الحياة السياسية، وإبقاء الأوضاع متوترة على ما هي عليه، وإدخال البلد في أتون أزمة
عميقة؛ إذ إن الحال إذا ما استمر عليه كما يتم التعاطي معه اليوم، فإن الأزمة
ستستمر، ولن تجدي معه المسكنات التي يتم إطلاقها بين وقت وآخر لاستئناف
الحوار.
القضية أعمق بكثير، ولا يجب تسطيحها.
وعلى أطراف الحياة السياسية أن
تعي أن اللعب على الخلافات أمر يدمر الحياة السياسية بالكامل.
ولطالما تم
التحذير من الاستهتار بعامل الوقت؛ إذ أننا سنجد أنفسنا بعد فترة أمام تحديات أخرى
غير تلك التي نواجهها اليوم، تحديات من شأنها أن تقوض السلام الاجتماعي وتصيب
الحياة السياسية بمقتل.
وعلى السياسيين أن يدركوا أن الفرص المتوفرة اليوم قد لا
تتوفر غداً.