الربيعي
الإعلام المختلفة الحوار مع الحوثيين الحوار مع ما يسمى بالحراك الانفصالي والحوار
مع اللقاء المشترك مثل والحوار مع معارضة الخارج والحوار مع المرتزقة وقطاع الطرق،
الحوار في كل شيئ ومع كل شيئ ومن أجل كل شيئ، الحوار قبل الحرب والحوار بعد الحرب
والحوار أثناء الأمن والحوار أثناء الخوف..
الحوار أكثر كلمة تردد في القاموس
السياسي اليمني يرددها الإعلام
والساسة والمتعلمين والجهلة وكأنه الحل لكل المشاكل والبلسم لكل الأمراض والعصا
السحرية التي ستعالج كل الأزمات بمجرد تمريرها على الأوضاع.
صحيح أن الحوار له
معنى حضاري وسلوك إنساني راقي ولكن عندما يكون المتحاورون بنفس المستوى من
المسؤولية والوعي وعندها يحمل الحوار في طياته أهدافاً بمستوى يليق بالوطن بعيداً
عن رخص وابتزاز الآخر أو البحث عن مكاسب شخصية وآنية أو فئوية وحزبية
ومناطقية..الخ.
الحوار يؤتي ثماره عندما يكون الجميع مشغولون بالهم الوطني لا
باقتناص الفرص وتحينها واستغلال الظروف لفرض طرف شروطه على الآخر أو انشغال الجميع
في همومهم الخاصة، كل يهدف إلى تحقيقها بغض النظر عن المردود العام والمصلحة
والوطنية فإنه في ذلك الوقت لن يكون حوراً بل تقاسم سرعان ما سينتهي إلى الفشل حتى
لو اتفق مؤيد وفريق معارض وفريق يرفض وفريق يشكك، كل هذا يدل على ان الحوار لن يكون
أكثر من الجدل البزنطي الذي خاضه فلاسفة روما عندما اختلفوا حول من ولد أولاً
البيضة أم الدجاجة وشغلوا الناس بهذا الجدل وروما يحاصرها الأعداء ولهذا أصبحت
مقولة ومثل للتاريخ عندما ينشغل الناس عن عظائم الأمور بسفاسفها، فهل سيصبح الحوار
في اليمن شبية بالجدل البيزنطي أم سيتفوق عليه ويحتل مكانه ويصبح الحوار اليمني أو
الجدل اليمني بديلاً عن الجدل البيزنطي.
اليمن حطمت الأرقام القياسية في
الحوارات وكثرتها وهذا ليس دليلاً على العافية بقدر ما هو دليل على المرض، الذي يجب
على الجميع البحث عنه وتشخيصه واستئصاله.
لم يعد هناك ما يثير الشجن في الحوار
لأن الحوارات كثرت وجربت أكثر من مرة ولم تقدم شيئاً يعود نفعه على الوطن ولم تحمل
مردود يستحق الإشادة بقدر ما كانت تنتهي الحوارات بتقاسمات أنهكت البلاد اقتصادياً
وسياسياً وطورت الأزمات ولم تساهم في حلها وعقمت المشكلات وجذرت الفساد وزادت الطين
بله.
أصبح الحوار مجرد استهلاك للوقت وهدر للطاقات وتربص كل طرف بالآخر وربما
الوطن هو آخر ما يفكر فيه الجميع.
متى سيخرج الوطن من هذا السجال الذي لا ينتهي
والاتهامات المتبادلة التي لا تنفد؟ رغم أن الجميع مسؤلون عما يحدث في الوطن ولا
يستطيع أحد أن يتملص عن المسؤولية ما يحدث في الوطن ولا يستطيع أحد أن يتملص من
المسؤولية لا الذين في الحكم ولا الذين في المعارضة فكل له دور ومساهمة فيما يدور
ويحدث.
متى سيسمع الوطن حواراً يبحث فيه المتحاورون عن مخارج حقيقية لأزماته
وتبني مشروع وطني بديلاً عن المشاريع الصغيرة والضيقة؟ متى سيفكر العقلاء بحوار
نهائي توضع فيه النقاط على الحروف ويدعمه ميثاق وعهد بتطبيق بنود يتم صياغتها وفق
فلسفة وطنية منطلقة من منظور وطني بحت متجرد عن الأنانية والمماحكة تبدأ بعده مرحلة
من ا لوعي يساهم في نشرها الجميع؟ كفى حواراً من أجل الحوار..
وحواراً يعقب
الحوار..
فالوضع لا يحتمل المماطلة والاستهتار.