الهلالي
من الأوراق تسلل إلى قلمي موضوعٌ كان بالأمس يسيطر على ذهني ويصدر ضجيجاً هائلاً
بهدف (السقوط) إلى دائرة الوجود المحفوفة بالمخاطر. . لم أكن لأرغب بهذا الظهور الذي
قد يسيء البعض فهمه فيكون سبباً لأذيتي ، لولا أنها الذاكرة رعت في تسريبه عبر جسدي
بهدوء حتى أراني وقد جعلت الحروف تزحف صوب هذه الزاوية ودعاً لتكسرات الموج الذي كان
يتذابح في ذاكرتي. . سيادة الرئيس هو كل ما تحويه ذاكرتي وبعض توجعات هذا
البلد.
كثيرا ما أسألني عن السر الذي يقف خلف حبي وإعجابي الشديدين
بفخامة الأخ الرئيس/علي عبد الله صالح غير أني مازلت أتوسد أسئلتي المتراكمة وهي
تفتشني عن إجابة لا أجدها. . لماذا أحب سيادة الرئيس. . ؟ لا أعلم. . !!لعلي أحبه
لتحقيقه الحلم والمنجز العظيم المتمثل بالوحدة اليمنية. . !! لكنني مثل كثير من
الشباب لم نحظ بمردود فعلي يجعلنا نحبه إلى هذا الحد، فليس لنا ما نملكه من عقارات
ولا أراضي في المحافظات الجنوبية ولا حتى الشمالية ولم يصل نفوذنا التجاري إلى
مشارفها ، ولم ننل أي منحة أو سفريه ترفع من حالتنا الاقتصادية المنهارة، حتى حين
صٌرفت الرتب العسكرية والمناصب الاستقوائية كنا نتأملها من شرفة مطلة على تخوم
الغياب. .
إذن لماذا يتوغل حب سيادة الرئيس في أعماقي. . ؟ ربما أكون أحببته
لأسلوبه المتسامح مع أعدائه وأعداء الوطن. . !! لا. . لا. . كيف يكون ذلك وأنا أعلم بأن
هذا الأسلوب المفرط في العفو قد شجع قطاع الطرق والمتآمرين ضد الوطن على إقلاق
السكينة العامة وخلق البلابل والنعرات الطائفية والتشطيرية وبث سموم الكراهية
والحقد بين أبناء الوطن الواحد.
مادام كذلك فأظنني أحبه للنقلة النوعية والطفرة
التنموية التي شهدتها البلاد في عهدة. . !! لعل حبي هنا في محله غير أني وبعد أن
تفحصت جزءاً من خارطة الإنجازات وجدت أغلب مشاريعها وهمية ، لم يستفد منها سوى
المقاولون (أصحاب النفوذ) أما المواطنون فإنهم ضحية للاجتياح السرطاني المتمثل
بالفساد العلني المسكوت عنه بهدف مراضاة بعض الجهات أو المناطق التي يُخشى
منها.
مما جعلني ألهث خلف ضالتيالتي أظنني سأجدها هذه المرة قريبة من توجيه
فخامة الرئيس الذي قضى بإعادة جهاز البث الخاص بقناة الجزيرة بعد أن كانت وزارة
الإعلام بجلالة قدرها قد قامت بمصادرته.
أو لعلني سأجد ضالتي بجوار قرار
العفو الذي شمل جميع زملاء الحرف المعتقلين على ذمة قضايا نشر سياسية. .
بيد أني
أعود واسألني هل هنا مربط الفرس بالفعل. . !! قد يكون كذلك ولكن سرعان ما تتبادر إلى
ذهني تلك الطريقة المسيئة التي ظهر بها رجال الأمن أثناء محاصرة الجهاز ثم مهاجمته
فأخذه أسيراً مصفداً بالأغلال وبطريقه غير قانونية بعيدة عن النيابة العامة وهي
الجهة المخولة بالاختصاص في مثل هذه القضايا حد علمي خصوصاً وأن قيادة وزارة
الإعلام ليس بمقدورها اتخاذ قرار مثل هذا دون العودة إلى الجهات العليا. . !! كما أن
قرار العفو. .
هو الآخر ليس منه فائدة مادامت الاعتقالات والاختطافات والمضايقات
والتجاوزات في انتظار الصحفيين الذين يصنعون من كائناتهم الحبرية دروعاً تحمي الوطن
من مخالب الفساد القريبة منأحشائه. .
فعلاً مازالت الحيرة تعتريني وأنا أفتشني عن
السر الذي يقف خلف هذا الشعور الجميل (الجاثم على صدري. . !!) يبدو أنني للتو توصلت
إلى خيط يجرني حيث السر الدفين.
لعلي أحببت سيادة الرئيس لقدرته العجيبة في
إدارة البلاد، وللطريقة الترويضية التي يتعامل بها مع عدد من القوى التي ناصبته
العداء والأخرى تلك التي مازالت تتربص به. . ! غير أني اكتشفت مؤخراً أن السياسة التي
كانت صالحة في مهدها قد جرت الوطن وستجره إلى هاوية الدمار والهلاك المستقبلي
مادمنا مستمرين في تربية مشايخ خلفاً لسلف وخراباً لدمار، كلما تقدم جيراننا في
المدنية والتحضر عدنا إلى الزمن الغابر المتخلف كي نوجد بأيدينا ثعابين على رؤوسها
نضع كرسي الحكم. . !! وبما أنني لست شيخاً ولا أنحدر من قبيلة طاعنة بالمشيخة فلم
تصلني (سياسة الترويض المركزي. . !!) فها أنا مازلت أتعارك مع الزمن طاحناً البطالة
التي أمتهنها علّي أخرج من رحمها ما يعين أبنائي على مواصلة تعليمهم المهدد
بالانقراض. . !! لذلك لست أحبه لهذا. . !! إذن لماذا أحبه. . ؟؟ بالتأكيد فأنا أحبه
كثيراً ولكني لا أعلم لماذا. . ؟ لماذا أحبك يا فخامة الرمز. . ؟ لماذا أحبك يا سيادة
الرئيس. . ؟ ليس لي منك إلا أنت وبعض تنهيدات الوطن. . !! لا توجد لدي وظيفة ، ولا أملك
راتباً خارج دائرة الوظيفة العامة كغيري من ملايين الشباب حتى المنزل الذي
أقطنه توقف مشروع الماء على مسافة أمتار منه ، وللكهرباء كثيرة الانقطاع خطٌ
منفردٌ على عكس (دول الجوار. . !!) كل ما أملكه أيها القائد العظيم هو قلب يحبك بجنون
مواطن يعشق رئيسه حد جهله السبب. . !! هكذا أنا كغيري من أبناء شعبك
العظيم. .
نحبك. .
نحبك. .
ونجهل السبب الذي يقف خلف هذا الحب. . ؟ صدقني يا
فخامة الرئيس أنني عقب الكلمة التي ألقيتها في قمة (سرت) الليبية صفقت حتى أحمرّت
كفّاي من البكاء. . !! (بكاء المنتشي فخراً ) بعد أن استطعت بث روح القومية في أوساط
المجتمع العربي المنكسر. في حين عجز الزعماء الآخرون عن رأب الصدع النفسي الموجود
بداخلهم.
إن غالبية الشعب اليمني يحبونك ويعبِّرون لك عن حبهم على قارعة الطرقات
وفي المهرجانات والمناسبات الدينية والوطنية غير أن الحب الحقيقي لم يصلك
بعد. .
فهناك من يأكل من القمامة ويحبك حد الجنون. . !! وثمة من تمزقه الظروف
المعيشية إرباً لكنه إن سمع أحداً من أصحاب الكروش المنتفخة الممولين سلطوياً يقدح
بحقك وكثيراً ما يفعلون فإنه يشتاط غضباً ويحول دون ذلك حتى وإن كلفه هذا
الموقف المزيد من التفتت والانسحاق. . !! وهناك من لم تصله الكهرباء ولا الماء ولا
الطرقات ولا أدنى شيء من خيرات الوطن بل أنه ينتعل التراب ويرتدي الفقر والجوع
والبؤس ومع هذا فإنه يسبح بحبه لك. .
ولإن سأله سائل: لماذا تحب فخامة الرئيس. . ؟
أجاب: أنا أحبه وكفى. . !! أحدهم مازحته بالقرب من عشته الصغيرة التي تحتضن بين
جنباتها إحدى عشر فرداً؛ هم مجموع أسرته المعتمدة على عشرة أغنام ؛هي كل ما يملكه
في هذه الدنيا وسكيناً تُزين خاصرته. .
قائلاً له : المعارضة ستأخذ الحكم من علي
عبد الله صالح في الانتخابات القادمة.
أجابني غاضباً : "مَنوذا المعارضة. . ؟
والله لو شبصره شبعطه بالسكين ، علي. .
منو شندي لنا غيره ، عليه شنحيا وعليه
شنموت". . !!ضحكت كثيراً من الفطرة التي تعتري الرجل المغلوب على أمره وتمنيت لو أنك
أطلعت على هذا الحب المدفون تحت رمال العناء ، الحب الفطري. .
غير المرتبط بمصلحة
زائلة كما يفعل المقربون منك والمتجمهرون نظير الدفع المُسبق ، حب يفوح منه شذى
الصدق وأريج الإخلاص ، حب أصيلٌ ترعرع في البادية. .
على مكارم الأخلاق والمبادئ
السامية ،عساك تتمسك بهؤلاء وتتخلى عن أولئك.
مستمرون في طغيانهم. . .
محمد
العسل إن الخطر ما زال قائماً ما دامت هذه العصابة الضالة اللئيمة المنحرفة عن
الشريعة الإسلامية وتعاليم المصطفى صلى الله عليه وسلم موجودة تمارس غيها وطغيانها
في جبال ووديان وشعاب محافظة صعدة فمهما صفحت عنهم يا فخامة الرئيس ومهما عفوت عن
جرائمهم فإنهم لم ولن يرجعوا إلى صوابهم فهم من ينطبق عليهم قول الشاعر: "وإن أنت
أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا"، فهؤلاء اللئام لا عهد لهم ولا ذمة
سفكوا الدماء وهتكوا الأعراض واستباحوا النساء ونقضوا.
العهد ليس اليوم وحسب بل
من بداية تكوينهم الجنيني، فما دام تاريخهم حافلاً بالكيد والخيانة والغدر ونقض
العهود ماذا ننتظر منهم بعد كل ذلك. . ؟