;

أنقرة تُمسِك بزمام المبادرة وتدَعْ للآخرين الثرثرة 1627

2010-06-13 06:27:25

علي
القادري


أعوام أربعة أو نحو ذلك وقطاع غزة
يعيش حصاراً دولياً وعربياً خانقاً أدى إلى حصد أرواح الكثيرين من أبناء القطاع في
عملية موت بطيء تسرّع إسرائيل من وتيرته (وتيرة الموت) إذا ما أرادت ذلك، كما فعلت
أواخر العام 2008م حتى مطلع العام المنصرم في حربها الشعواء التي استمرت قرابة
الشهر لتحرير جنديها الأسير من قبضة حماس "شاليط" الذي أخفقت في تحريره

ولأجله شنت حربها تلك التي أسمتها
"الرصاص المصبوب" لتحصد بأسلوبها البربري وأسلحتها البرية والبحرية والجوية في
وحشية سافرة أرواح المئات من القتلى وآلاف الجرحى الأبرياء من أبناء غزة المحاصرة،
مدمرةً ما دمرته من مبانٍ وبنى تحتية في القطاع، فعلت ذلك وتفعله بين الفينة
والأخرى والعالم أجمع بما فيه - مع الأسف - إخوانهم العرب حكاماً ومحكومين يشاهدون
حينها الجرائم الصهيونية والمآسي وقسوة الأوضاع التي يعانيها سكان القطاع ويسمعون
الأنّات والصرخات الفلسطينية المنطلقة من حناجر الأطفال المبحوحة والأمهات الثكالى
والأرامل دون ان يحركوا ساكناً ذا بال يخفف من معاناة إخوانهم في القطاع المحاصر
المعتدى عليه بشتى أنواع الأسلحة بما فيها المحرمة دولياً، وإن فعلوا أو انفعلوا
فلا يزيد فعلهم وانفعالهم عن مظاهرات تجوب الشوارع، أما القيادات فلا تسمع لهم إلا
تصريحات خجولة، حذرة أو خطابات وكلمات شاجبة، نادبة، منددة، مستنكرة، فردية أو
جماعية في بيان يصدر عقب لقاءات القمة أو اللقاءات الثنائية يتضمن عبارات جوفاء
ووعوداً "كبرق سحابة لم تمطر"، وعوداً ببذل الجهود والمساعي لفك الحصار عن غزة
والإعلان عن التبرعات العينية والمالية بملايين الدولارات لأبناء غزة واعمار غزة،
تصريحات ووعود لا يُلمس لها أثر على أرض الواقع الغزي، لسبب واضح وبسيط وهو ان
الحصار والمجرم المحاصِر - بكسر الصاد - يقف سداً منيعاً دون وصولها القطاع في حال
أصرت دولة من الدول العربية على إرسالها إليه أو حتى فكرت في تجسيد قولها إلى فعل
دون أو قبل أن تحظى بالموافقة على إدخال المعونات من عدو الأمة اللدود (الكيان
الإسرائيلي)، لأنها تفتقر إلى الإرادة والشجاعة اللتين تجعلانها تقوى على قول كلمة
(لا) لإسرائيل أو تخرج عن الطريق الذي رسمته لها الدولة الأم الراعية لدولة الكيان
الصهيوني المحتل والداعمة والمساندة لها في جميع المراحل والمواقف والمحافل
الدولية، المتغاضية عن جرائمها، المعطّلة كل القرارات الدولية التي تدينها، مؤثرة -
أي الزعامات والحكومات العربية - مواقف التخاذل والقبول بالمهانة طلباً للسلامة
وخوفاً وحرصاً على القاب الزعامة والفخامة التي تتصدر أسماءها، والتي لا تختلف
ويختلف أصحابها كثيراً عن تلك الألقاب التي كان حكام وملوك الطوائف في الأندلس
يضفونها على أنفسهم مما دفع بأحد الشعراء آنذاك إلى القول: مما يزهدني في أرض
أندلسٍ *** أسماء معتضدٍ فيها ومعتمدِ أسماء مملكة في غير موضعها *** كالقط يحكي
انتفاخاً صولة الأسد والذين لم يُعمروا وممالكهم طويلاً بعد تحالف الفرنجة ضدهم
وإسقاطهم تلك الممالك واحدة بعد أخرى لينتهي بانتهاء آخرها حكم العرب في الأندلس
وتطوى صفحة كانت مشرقة من صفحات تاريخهم هناك..
ولا أظن حال الأمة وحكامها اليوم
يختلف كثيراً عما أشرت إليه عن حالها وحال حكامها بالأمس البعيد وإلا لما رضوا بهذا
الحال المذل، وهذا الوضع المخزي لهم ولشعوبهم وأمتهم ولاتخذوا مواقف جرئية وشجاعة
خلال السنوات الأربع الماضية ليفكوا بها الحصار عن غزة ولما ظلوا هم وشعوبهم
يتفرجون على إخوانهم وهم يئنون ويموتون كل يوم وكل أسبوع وشهر وعام بسبب الحصار حتى
تأتي أنقرة - وهذا فعل تُحمَد عليه - وقيادتها لتمسك بزمام المبادرة ويخطف رئيس
وزرائها رجب طيب أردوغان الأضواء ويتبنى تحريك أسطول الحرية المحمل بالمساعدات
الغذائية والدوائية، وقد احتشد على متنه الناشطون المناهضون للحصار من شتى بقاع
ودول المعمورة من كل جنس ودين وملة من برلمانيين وصحفيين وإعلاميين ومنظمات حقوق
الإنسان وغيرهم غير عابئ بتهديدات إسرائيل بضرب أسطول المساعدات، وقد كان، ونفذت
إسرائيل تهديدها وهاجمت الأسطول ومن فيه وقتلت من قتلت وجرحت من جرحت وكان للسفينة
مرمرة التركية النصيب الأكبر من الشهداء والجرحى من بين السفن الست الأخرى ضمن
القافلة التي مخرت عباب البحار والمحيطات لتحطم الحصار الجائر المفروض على غزة منذ
أعوام، ولم يكن هذا هو الموقف الذي يظهر فيه الدور التركي بهذا الوضوح، فقد كان
أيضاً الأكثر وضوحاً قبل عام عندما شنت إسرائيل عدوانها على غزة وسط خفوت ورمادية
المواقف العربية والدولية ولعل موقف اردوغان في مؤتمر دافوس لا يزال حاضراً في
أذهان الكثيرين عندما ظهر في الفضائيات وهو يغادر قاعة المؤتمر غاضباً وصارخاً في
وجه شمعون بيريز بسبب الجرائم الصهيونية التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في حق أبناء
غزة..
وها هو دور انقرة اليوم ورغم ما جرى لقافلة الحرية من مهاجمة وقتل وجرح
للبعض ممن كانوا على متنها، ورغم منعها من الوصول إلى غزة إلا أنها قد نجحت في كسر
حاجز الخوف قبل أن تكسر الحصار، الخوف من الاقتراب من شيء اسمه الحصار الذي طال
أمده حتى نسيت الشعوب والحكومات في العالم أن غزة تعيش حصاراً معلوم البداية مجهول
الأمد والنهاية، فأيقظت بأسطول الحرية العالم من سباته وحفزت من فورها سفينة أخرى
على الإبحار من بولندا (راشيل كوري) محملة بالمساعدات نحو غزة لتصل قبل أقل من
أسبوع إلى حيث وصل أسطول الحرية لِتُقاد إلى ميناء أسدود الواقع تحت سيطرة اليهود
ولكن من غير دماء هذه المرة، ولم يقتصر نجاح أسطول الحرية في كسر الحصار عند هذا
الحد بل لقد استطاع وساعده في ذلك حماقات العدو الإسرائيلي وعملية القرصنة والقتل
التي ارتكبها في حق الناشطين ممن كانوا على ظهر سفن الحرية - استطاع ان يكشف للعالم
بأسره وحشية وبشاعة هذا العدو الصهيوني وتجعله يعيش حالة من العزلة الدولية والتخبط
والاضطراب في مواقف حكومته من الحصار ولعل المتابع يلمس في إعلان وزير الخارجية
الإسرائيلية (افيغدور ليبرمان) يوم أمس الأول موافقة الحكومة الإسرائيلية على فك
الحصار عن غزة شريطة السماح لمنظمات حقوق الإنسان بزيارة الجندي شاليط ما يدل على
أن الحصار بدأ يُكسر، وبالرغم من مواقف حكومات الدول الكبرى الداعمة على الدوام دول
الكيان المحتل إلا أنها قد أخذت أخيراً تطلق اصواتاً ضد استمرار الحصار ونتمنى ان
تصدق ولعل من بينها ما أعلنه نائب الرئيس الأميركي جوبايون من شرم الشيخ أثناء
لقائه بالرئيس المصري يوم الاثنين الماضي حين قال: ان الوضع القائم في غزة لا يمكن
ان يستمر، وكذلك سعي فرنسا وبريطانيا إلى دعوة الدول الأوروبية إلى تبني قرار لفك
الحصار عن غزة تحت إشراف دولي ولا أظن ان تأثير الحجر التي ألقتها تركيا في بركة
حصار غزة الآسنة سيتوقف عند هذا الحد، وقادم الأيام سيكشف لنا الكثير مما تخبئه في
جعبتها من المفاجآت.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد