;

الفيفا .. قليل من الرياضة كثير من السياسة 1383

2010-06-13 06:27:31

طارق
القيزاني


لم يتسن لجمهور جنوب افريقيا ان يرى
صانع "الأمة الجديدة" نيلسن منديلا على المدرجات في افتتاح المونديال ولكنه رأى بأم
عينيه كيف ان الحلم تحقق أخيرا في افريقيا التي شهدت مولد كأس العالم من جديد فوق
أراضيها، ولو ان الأمر لم يكن في كل الحالات متسقا مع أقوى جهاز كروي في العالم،
ونعني به "الفيفا".

فإذا كانت كأس
العالم قمة التظاهرات الكروية والحدث الاكثر شعبية بين جمهور الرياضة في العالم،
سيكون من الصعب أن نطلق نفس الوصف على الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا".
في
البداية هناك اتفاق بين بعض الاعلاميين في الغرب من ان فكرة أو منتج أوشخصية
"فيفا"، هذا النادي الأوربي لكرة القدم، قد أثبت جدارته في عالم "التسويق" التجاري
والسياسي.
فقبل 44 سنة لم يتبار خلال الدورة الثامنة سوى 16 منتخبا.
وإذا ما
قورن هذا العدد بالمنتخبات المشاركة في هذه الدورة "32 منتخبا" تبين الطريق الذي
قطعه الفيفا، وهذه الرياضة الأكثر شعبية في العالم.
لكن ليست كل هذه المنتخبات
المشاركة تستحق التأهل إلى النهائيات فطريق التأهل لا يعكس جدارة واستحقاقا بقدر ما
يعكس حسابات هي أقرب الى السياسة منها إلى الرياضة.
فلا ينتظر من اقصائيات تتم
وفقا لتقسيم إقليمي أن تتمخض عن منتخبات ذات مستوى رفيع "المنتخب المضيف صنف في
الدرجة الرابعة والثمانين في ترتيب الفيفا للمنتخبات، بينما يقبع منتخب كوريا
الشمالية في المرتبة ال105 من أصل 202".
ولكن من حسنات هذه الطريقة التي
اعتمدتها الفيفا أنها جعلت من رياضة أوروبية ظاهرة عالمية.
وهذا في حد ذاته
إنجاز تجاري هام.
في نفس الوقت يجب الاعتراف بأن أيادي الفيفا ليست كلها
بيضاء.
في الشهر الماضي كلفت تصريحات غير رسمية عن الارتشاء ضجة داخل الفيفا،
كان أدلى بها رئيس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم ولجنة الترشح لاستضافة كأس العالم
2018 لورد تريسمان منصبيه.
ولكن رائحة الفساد تنبعث من الفيفا منذ عدة
سنوات.
ولم يبذل هذا الجهاز المشرف على كرة القدم العالمية أي جهد
لتبديدها.
والمفارقة الأخرى انه حتى القوانين المعتمدة لهذا الاتحاد لا يمكن ان
تضمن بشكل مطلق العدالة والنزاهة بين الاتحادات الوطنية المنضوية تحت لوائه.
ولا
يتعلق الأمر بنفوذ دول او شخصيات بعينها داخل الفيفا أو بنسب التوزيع غير العادلة
لعدد المنتخبات المشاركة في الحدث الكروي العالمي من كل قارة اوغيرها من النقائص،
ولكن كذلك بالقوانين الرادعة للغش.
فحتى اليوم لم يهضم العالم بمن فيهم الجمهور
الفرنسي وجود منتخب الديكة ضمن المنتخبات المشاركة في المونديال والطريقة المخجلة
التي تأهل بها.
كل العالم شاهد "اليد المغشوشة" لتيري هنري بما في ذلك اعضاء
الفيفا وعلى رأسهم رئيس الجهاز السويسري سيب بلاتر.
ولكن لم يكن من الممكن انصاف
المنتخب الايرلندي الذي كان الأجدر فقوانين الفيفا كانت عاجزة عن معاقبة الفرنسيين
وبدلا من ذلك سمحت لهم بالترشح بالغش.
وهذه واقعة لا يمكن ان تسقط أبدا عن ذاكرة
المونديال وعن سجل الفيفا.
ولكن على الرغم من كل ذلك فإن جهاز الاتحاد الدولي
لكرة القدم "فيفا" الذي بات يفوق في نفوذه منظمة الأمم المتحدة مجلس الأمن في
الزامية ونفاذ قراراته وحتى في انحيازه وغياب العدالة احيانا ما زال يمثل اكثر
المؤسسات العالمية ربحية بفضل اقتصاد كرة القدم. . ففي الوقت الذي تحسب فيه جنوب
أفريقيا تكلفة افتقاد وجود عدد كبير من المشجعين الأجانب في كأس العالم 2010، كشفت
الأرقام الرسمية التي أعلنت في افتتاح اجتماع الجمعية العمومية "كونجرس" ال60
للاتحاد الدولي لكرة القدم في جوهانسبرج عن أن قيمة أصول الفيفا تتجاوز مليار
دولار.
وتظهر الأرقام التي أعلنت للسنة المالية 2009 عن أن الفيفا تمتلك أسهما
قيمتها 061ر1 مليار دولار، وهي المرة الأولى التي تتجاوز فيها اصول الفيفا المليار
دولار.
وبلغ حجم أعمال الفيفا 059ر1 مليار دولار علما بأن التكاليف الصادرة تبلغ
863 مليون، ووصل الربح في العام الماضي إلى 196 مليون دولار.
وأكانت الفرصة
مواتية للسويسري جوزيف بلاتر رئيس الفيفا، ليعلن عن نيته في الترشح لفترة أخرى في
الانتخابات المقبلة عام 2011، بعدما ارجع السبب في تحقيق تلك المرابيح إلى
الإجراءات التي اتخذها منذ تولي المنصب عام 1998 خلفا لجواو هافيلانج.
وشكلت
قيمة حقوق البث التلفزيوني الشريحة الأكبر من العائدات حيث بلغت 650 مليون دولار،
تليها أنشطة التسويق بقيمة 277 مليون دولار.
وذكر الفيفا أن 73 بالمئة من
الأرباح البالغة 196 مليون دولار ستنفق على الأنشطة الكروية.
وربما تزداد قيمة
أصول الفيفا، التي أشير إليها في البداية في التقرير المالي السنوي للاتحاد الذي
نشر في مارس الماضي، بشكل أكبر بعد نهائيات كأس العالم 2010 مع توقعات الفيفا
بتحقيق أرباحا مرتفعة.
وقد صرح بلاتر قائلا "لدينا الآن دخل أكبر من الذي شهدته
كأس العالم بألمانيا.
إنه لا يتوقف على مدى ثراء البلد.
ولكن ذلك يعتمد على
الإنتاج".
ورغم أن اللجنة المنظمة لكأس العالم 2006 بألمانيا سجلت أرباح قيمتها
135 مليون يورو "162 مليون دولار"، اضطر الفيفا في مارس الماضي لضخ 100 مليون دولار
أخرى لضمان إعداد المعسكرات التدريبية للمنتخبات في جنوب أفريقيا.
ولا شك في أن
الوضع المالي الجيد للفيفا كان سببا في اتخاذ الاتحاد قرارا بمنح اللجنة المنظمة
لبطولة كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا ضمانا بأرباح قيمتها 80 مليون دولار بغض
النظر عن كيفية الاستفادة من البطولة ماليا.
ولكن هذه الأرقام لا تعكس كل
الحقيقة.
فالبلد المضيف جنوب افريقيا مازالت له متاعبه كذلك.
فالتقدم الذي
كان يرجى أن يحققه منذ 1994 - تاريخ انهيار نظام التفرقة العنصرية- لم يعد سوى
سراب.
إذ لا تزال شرائح واسعة من المجتمع الجنوب افريقي تعيش الفقر المدقع في
غمرة عنف مستشر.
وقد أمكن للعالم ان يقف على جزء من تلك الحقائق الاجتماعية التي
يعاني منها المجتمع الجنوب افريقي بعد تواتر أنباء عن عمليات خطف وسطو وسرقات
استهدفت عددا من الصحافيين ومنتخبات مشاركة قبيل انطلاق المونديال.
والأدهى من
ذلك أن القادة السياسيين يبدو عليهم الضياع عندما يواجهون بمثل هذه
المشاكل.
ف"الرئيس جاكوب زوما ليس هو نيلسون مانديلا.
وإذا ما تيسر للزعماء
الشباب في حزب المؤتمر الوطني الأفريقي من قبيل جوليوس ماليما أن يشقوا طريقهم نحو
كرسي الحكم، فلن تلبث جنوب إفريقيا أن تحذو حذو زيمبابوي على طريق الانتحار
الاقتصادي.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد