اسكندر
قتلى وعشرات الجرحى في اليمن في اشتباكات تَواجهت فيها قوات حكومية مع
مسلحين.
وأوردت وكالات الأنباء حادثي تبادل إطلاق نار يشكلان نموذجاً للحال
الأمنية خلال أسبوع عادي في اليمن.
يوم الأربعاء، دهمت قوة عسكرية منزل حسن
العقيلي المتهم بقتل ضابط كبير في مكمن والمطلوب للاشتباه بارتباطه بتنظيم "القاعدة".
لكن
المطلوب فرّ من أمام القوة العسكرية التي تصدى لها أبناء قبيلة العقيلي قرب مأرب
شرق العاصمة.
ومع سقوط ضحايا من القوة المداهمة، عمد الجنود إلى استخدام أسلحة
ثقيلة، لتتحول عملية القبض على مطلوب إلى معركة بين الحكم المركزي وقبيلة يمنية،
ولتتسع دائرة الخصوم للحكم في صنعاء.
اذ رد ابناء القبيلة على هذه المواجهة
بتفجير خط أنابيب ينقل النفط من محافظة مأرب إلى ساحل البحر الأحمر.
وتشاء
الظروف ان تأتي المداهمة مع الكشف عن ان طائرات أميركية من دون طيار أطلقت أسلحة
محرمة دولياً على تجمع مفترض لأعضاء في "القاعدة"، لكن الضحايا كانوا من المدنيين،
بما يكشف في الوقت نفسه ان ثمن هذه الملاحقات يدفعه مدنيون سينحازون بالضرورة الى
خصوم الحكومة، كما أثبتت التجربة المماثلة في باكستان.
مع كل ما ينطوي عليه ذلك
من تشكيك في قدرة هذا النهج في إنزال خسائر ب "القاعدة" من دون ان يستعدي
المواطنين.
يوم الخميس الذي أصبح موعداً تقليدياً كل أسبوع لتظاهرات يقوم بها
أنصار "الحراك" في الجنوب، تصدت قوة عسكرية للمتظاهرين في الضالع، جنوب
البلاد.
واتسمت تظاهرة هذا الخميس بمشاعر الغضب والتوتر الشديد، بعدما سقط ستة
متظاهرين الاثنين بنيران القوات الحكومية خلال تحرك احتجاجي.
ما يعني ان نهج
المواجهة العنيفة يتكرر أسبوعياً، وأحياناً يومياً، في التعامل مع الحركة
الاحتجاجية الجنوبية.
مع كل ما ينطوي عليه هذا العنف من تصعيد من الجانبين
واتساع الهوة بين أنصار "الحراك" والحكم المركزي.
وفي غضون ذلك، تورد وكالات
الأنباء معلومات عن توتر مستمر وحوادث خرق اتفاق وقف إطلاق النار في صعدة بين
القوات الحكومية وأنصار الحوثي.
ما يشير إلى أن نار الحرب السادسة ما تزال تحت
الرماد، وان خطر الانزلاق إلى مواجهات واسعة لا يزال قائماً، مع استمرار تبادل
الاتهامات بين الجانبين بخرق بنود وقف النار.
خصوصاً أن الحوثيين اضطروا إلى وقف
النار، عبر الرضوخ للشروط الحكومية تحت وطأة الضغط العسكري وفشلهم في توسيع دائرة
الحرب شرقاً، ليس إلا.
في ذروة الحرب السادسة، تحرك الجوار اليمني، ومعه عواصم
دولية معنية في الشأن اليمني، في اتجاهين: تنموي عبر مؤتمر للمانحين في لندن
واجتماعات تنفيذية لاحقة، وأمني عبر مساعدات واتفاقات تعاون.
على أمل أن تحد
خطوة تنموية من اتساع نفوذ التطرف الذي يتسع نتيجة الفقر والإهمال، وان تحد خطوة
أمنية من ارتداد التطرف داخل اليمن عمليات إرهابية تستهدف الغرب في عقر
داره.
لكن لم يظهر على الأرض ما يشير إلى أن هذه الأهداف ممكنة التحقيق.
ليس
فقط لعدم تنفيذ المانحين التزاماتهم والنقص في الإمكانات الأمنية في محاصرة التطرف،
وإنما أيضاً وأساساً لفقدان الخطة السياسية المركزية في التعامل مع هذه المروحة
الواسعة من التحديات والاعتراضات.
لقد بات واضحاً ان المواجهات العنيفة وإجراءات
العفو الرئاسي ووعود مبهمة بخطط تنموية ورشاوى لبعض الزعماء المحليين لم تعد كافية
في التعامل مع الوضع اليمني.
وبات واضحاً انه من دون معالجة جذور الاعتراض، وهو
متعدد ومختلف بين منطقة وأخرى، ومن دون مشاركة من المعترضين في القرار وتوسيع دائرة
الحكم، سيزداد المأزق عمقاً.
خصوصاً ان البلاد ستكون تربة خصبة لاستقبال اي تطور
كبير يتعلق بالأزمة النووية الإيرانية واستغلال طهران هذا الجانب الرخو من جبهة
المواجهة حيث تستغل علاقاتها الغامضة والملتبسة مع خصوم داخليين للسلطة اليمنية
المركزية.