موروثاتنا الشعبية من بلاد الصين بدلاً عن الجنبيه الصيفانية عندما يصل بنا الحال إلى
استيراد موروثاتنا الشعبية من بلاد الصين بدلاً عن الجنبيه الصيفانية والرداعية
والحاشدية والبكيلية وغيرها، فهذا دليل كافٍ على وضعنا الحالي ليس فيما يخص الوضع
الاجتماعي والموروثات الشعبية وغيرها فحسب بل وحتى الاقتصادي والسياسي والأمني
والديني وغير ذلك، فبالأمس القريب قال مسؤول كبير في الحكومة إن لديه القدرة
على استقدام دكاترة للجامعات من البنغال إذا واصل الدكاترة الإضراب، وصار هناك
تداول في الشوارع والأسواق عن الزوجة الصينية وربما فيما بعد القات الصيني والشمة
وحتى البرع والزوامل سنضطر أيضاً لاستقدامها من الصين، وقبل هذا وذاك كنت أتمنى أن
نستقدم أحزاباً وسياسيين وإداريين من الصين كي نتوصل إلى حوار جاد على طاولة وطن
ال22 من مايو 90م.
هكذا صار وضعنا اليوم، الخطط والبرامج في وادٍ والواقع في
وادٍ آخر، الحكومة ومسؤولوها في وادٍ والمعارضة ومن إليها في وادٍ آخر وهات يا خرط
ونخيط بدون حياء أو وازع ديني من قبل الجميع، وهم يظنون بممارساتهم وأحاديثهم تلك
أنهم قد استطاعوا خداع عامات المواطنين وضمهم إلى صفهم، فالمعارضة تقول "معنا
الشارع والمواطن العادي ونقيم المهرجانات والاعتصامات في الشوارع والساحات"، والحزب
الحاكم وحكومته يقولون "معنا المواطن والشعب وتحشرهم في الملاعب الرياضية
بالمهرجانات والاحتفالات"، والشعب أصبح اليوم في حقيقة الأمر لا مع هؤلاء ولا
هؤلاء، كيف لا وهو الضحية الوحيد من ممارسات الطرفين "سلطة ومعارضة" الفاشلين
واللذين أوصلا البلاد إلى ماهي عليه اليوم ، فالسلطة فاشلة وفاسدة والمعارضة مبتزة
مساومة والوطن والمواطن هما الضحية، أما الكبار فهم تجار في جميع المجالات ليس فقط
في الخردة الصيني بل وفي آدمية وكرامة وحياة أبناء جلدتهم من الشعب، عندما تصبح
رائحة البارود منتشرة من الشمال إلى الجنوب وفي الشرق والغرب والدماء تسيل كل يوم
هنا وهناك فهذا يؤكد أن الوضع جد خطير وأن البلاد صارت رهينة مماحكات مجموعة أشخاص
لاهم لهم سوى كسب المزيد من المال والمصالح الشخصية على حساب حياة وكرامة وأمن
المواطن البسيط الذي صار يكابد الحياة من أجل لقمة تسد رمقه هو وأطفاله في ظل وضع
متدنٍ للغاية وصارت العملة اليمنية في أسفل السافلين، وعندما تطلق التحذيرات لأبناء
إب وتعز المسالمين من ردفان والحبيلين والضالع ويافع لمغادرة محافظات الجنوب، وتصل
عمليات القتل والتقطع حد الهوية ويتحول الطفل إلى ضحية لمثل هكذا إجرام فهذا لا
يعني سوى شيء واحد وهو أن الحزب الحاكم والمعارضة سبب ما تشهده البلاد وما ستصل
إليه في القادم القريب، فالمعارضة والحاكم من بيدهم الحل لكل تلك المشاكل والأزمات
والأحداث وبيدهم أيضاً استمرارها وتفاقمها، وعجبي من أحد كتاب صحيفة "الديار" الذي
قال إن على الرئيس أن يرسل جنبيته ويحكم حراك الجنوب مثلما حكم أسرة جابر الشبواني،
فالأخير قتل بغارة جوية كانت تستهدف القاعدة ووقع الخطأ أو الغدر لكن على ماذا يحكم
الرئيس حراك الجنوب، هل على قيامهم بجريمة العسكرية أم جريمة قتل عباد الجبل أمام
أطفاله وزوجته؟ أم لما قاموا به من قطع آذان بعض الأبرياء وما قاموا به مؤخراً
باختطاف طفلين من عدن وطعنهما وقطع أصابعهما ورميهما في قارعة الطريق؟ وبهذا سنظل
ندق ناقوس الخطر حتى نشهد الله وأبناء هذا الوطن الشرفاء من عامة المواطنين أن
الوضع جد خطير يتطلب جهوداً قوية ونوايا صادقة لإصلاح ما أفسدته المماحكات الشخصية
والمصالح الأنانية والأطماع الجشعة على حساب الوطن وأمنه واستقراره وخيراته
واستقلاله والمواطن وحريته وكرامته وإنسانيته ودمه وماله، وستظل المسؤولية الكاملة
لما ستؤول إليه الأوضاع في البلاد عالقة حول طرفي اللعبة السياسية والحوار المشروخ
بين الحاكم والمعارضة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.