مصطفى الدفعي
وعبقرية...تطل علينا من وقت لآخر في عمود كاتب أو مقالة صحفي لم أكن أتصور أن فكرة ذكية
وعبقرية...تطل علينا من وقت لآخر في عمود كاتب أو مقالة صحفي ...فكرة قديمة بالية
تهرأت تماماً ، ومع ذلك يصر بعض رجالنا الأذكياء على ترقيعها وغسلها وكيها وإعادة
نشرها على الناس كما لو كانت جديدة هذه الفكرة الذكية تقول في خلاصتها لنتخلص
من المرأة ، ولأننا في عصر الحرية فلم يعد أحد من أولئك الأذكياء العباقرة
الافداد يجرأ على كشف وجهه الاستبدادي ولكنهم يتبعون مبدأ أني لا أكذب ولكن أتجمل ،
فإذا بهم يصبغون الفكرة القديمة المتهرئة بالألوان الفاقعة المثيرة...
فهي تظهر
أحياناً تحت عنوان حب المرأة وأحياناً تحت شعار الرحمة بالمرأة وأحياناً عندما لا
يجد هذا الفريق استجابة يضعها تحت أخطر لافتة على الإطلاق - الخوف على
الأطفال..
فمن أجل المرأة التي يحبونها كثيراً، والتي يريدون أن يرحموها من مشقة
المواصلات وجرجرة الشوارع والبيروقراطية هم يطالبونها بالعودة إلى البيت..
ليس
إلى الأبد ، ولكن لفترة ما..
لكي تعتني بأطفالها الأعزاء ولكي تنشأ الأجيال
الجديدة في حضن الأمهات المتفرغات..فكرة براقة ورائعة ولو تأملناها قليلاً سنجد أن
واحداً من القطاع الحكومي والخاص لن يتكلف مشقة تعين النساء ما دام يعرف أنها سرعان
ما تحمل وتستجب مرة واثنتين وربما خمس وتتخلف من حضور العمل ثم تتناول مرتبها
كاملاً أو حتى منقوصاً دون أن تؤدي أي عمل ولمدة عام كامل..! من هو المحامي أو
المهندس أو النجار أو حتى ربة البيت الذي سيقبل أن يعين أحد ليعمل عنده وهو يعرف
أنه مهدد في أية لحظة باختفاء هذا الشخص لمدة عام كامل ، وأنه سيكون مجبراً تحت
طائلة القانون على دفع مرتبه كاملاً طوال هذه الفترة...! أيها الأحباء القلقون على
المرأة العطوفون عليها..
اختاروا لكم موضوعاً آخر تشغلوا بها أنفسكم وأعمدتكم
بدلاً من أن تضيعوا أوقات الناس والقراء خاصة في نقاش لا طائل وراءه وصدقونا هن
يتمنين من الأعماق أن يظلن في البيوت معززات كريمات يشاهدن التلفزيون ويفقدن
المشاعر إزاء كل ما يعانيه الرجال من حروب وصراعات ومخاطر ومتاعب، وكما قالت لي
زميلة بعد أن قراءة عدداً من تلك المواضيع والفكرة الذكية العبقرية من يضمن لنا أن
نظل في بيوتنا ولكن ضمائرنا اليقظة وإحساسنا بالمسؤولية تجاه وطننا وتجاه الأجيال
المقبلة هي التي تحرمنا من هذه النعمة المزيفة، نحن نصر على المشاركة..
ونرفض
هذه القنابل الزمنية التي يقدمها إلينا مثل أولئك العباقرة الأذكياء وعليهم أن
يشغلوا أنفسهم بحاجة ثانية أفضل والله من وراء القصد.