الجفري
أو فناني العطلات أو الواقعيين السذج أو العفويين والتلقائيين يسمونهم في أوروبا فناني يوم
الأحد أو فناني العطلات أو الواقعيين السذج أو العفويين والتلقائيين والهواة وغير
ذلك من الأسماء، أما هم فيمضون في رحلاتهم عبر عوالمهم الحالمة غير عابئين بما
يقترحونه لهم من أسماء، فالأسماء ليست مشكلة والأضواء ليست غايتهم والشهرة ليست
هدفهم ولكن كل ما يتمنونه في دنياهم هو أن يتركوهم وشأنهم مستغرقين في نشوتهم دون
أن يوقظهم أحد من أحلامهم السعيدة.
فيهم موظف البنك والخباز والجزار
وحارس الليل والأرملة التي فقدت زوجها في الحرب والفلاح وبينما تدوي في آفاق الشهرة
على الجانب الآخر عشرات الأسماء وترتفع أسعار بعض الأعمال الفنية إلى أرقام لا
يصدقها عقل، يظل هؤلاء البسطاء قابعين في أبراجهم، مكتفين بمتعة الإبداع، قانعين
بلذة الحياة، تاركين الأضواء للمتكالبين على بريقها ، ولكن فجأة يتنبه العالم إلى
شيء ظل طوال القرون الماضية ينكره ويتهمه بالسذاجة والطفولية ويكتشف فيما يبدعه
هؤلاء الفنانون النكرات مذاقاً بكراً نقياً لم تفسده النظريات المعقدة ولا
الافتعاليات المضللة، وهنا قال أحد نقاد الفن الكبار "وليم ريد": إذا أردنا أن ننظر
إلى الفن الأصيل علينا احترام وتقدير الفنان التلقائي أو فنان الفطرة.
واستعرضت
الأسماء من جديد لإيجاد تعريف لهذا النوع من الفن يميزه عن بقية الفنون التي تشترك
معه في كثير من السمات كالفنون الشعبية والبدائية وفنون الأطفال وفنون الهواة ولكن
هناك شبه إجماع على تسميته بفن "الفطرة" لأنه يولد مع الإنسان وينمو معه كقرين
يتحدث بلسانه ويخاطبه بوجدانه، فن غير مكتسب، ذاتي محض، عصامي النشأة يعتمد في صقله
على التجربة الشخصية لا على المدرسة ولا المعلم، ويعود الفضل في ظهور هذا الفن
الوليد إلى موظف بسيط كان يعمل في الجمارك الفرنسية اسمه "هنري روسو"، كان يزاول
إلى جانب وظيفته هواية الرسم في أيام عطلته وأوقات فراغه ووجد من يشجعه على عرض بعض
لوحاته الفنية.
وقد فتح "هنري روسو" بهذا المعرض الذي أقيم في فرنسا عام 1885م
صفحة جديدة في تاريخ الفن التشكيلي.