عبدالوارث النجري
وبينما كنت أستمع إلى نشرة الأخبار
عند الساعة التاسعة لفت انتباهي خبر تعيني وزيراً في إحدى وبينما كنت أستمع إلى نشرة
الأخبار عند الساعة التاسعة لفت انتباهي خبر تعيني وزيراً في إحدى الوزارات
الإيرادية، وما هي إلا لحظات حتى رن جهازي المحمول يحمل الآلاف من الاتصالات ورسائل
ال S. M. S لتهنئتي بهذا المنصب، لكن الخبر نزل علي كالطامة ليس لعدم القدرة في تحمل
تلك المسؤولية بقدر عدم وجود وسيلة مواصلات وبدلة أنيقة للسفر إلى صنعاء وأداء
اليمين الدستوري وبعدها استطعت حل الإشكال في ساعات متأخرة من الليل، وما إن
استلمت مهامي الجديدة في تلك الوزارة حتى هلت علينا الهدايا من مختلف الجهات، سواء
من قبل وكلاء الوزارة ومدراء فروعها في المحافظات، أو من قبل المقاولين لدى الوزارة
وأصحاب الوساطات والمنافع وفي وضع صعب بالنسبة لي حيث لا عقارات، ولا سيارات، لا
أرصدة في البنوك، كنت أخجل في اجتماع مجلس الوزراء الأسبوعي وأنا أسمع زملائي
وألاحظهم غارقين في الحديث عن الزيارات الخارجية وآخر الموديلات والموضة وبعض عادات
وتقاليد الشعوب في تلك البلدان التي زاروها، هذا بالإضافة إلى ما شاهدته في منازلهم
من أثاث وتحف وهدايا ثمينة وغير ذلك، فما كان مني إلا أن تناسيت ذلك اليمين الذي
أقسمت به أمام فخامة الأخ الرئيس وأعطيت الضوء الأخضر للمرافقين والسائق الخاص
والمقربين ومدير المكتب وغيرهم في السكرتارية لقبول تلك العطايا ولكل حادثة حديث،
وما هي إلا فترة خمسة أشهر حتى استطعت شراء منزل في أرقى حي داخل العاصمة ونقلت
أطفالي إلى المدارس الأميركية والمعاهد البريطانية وفجأة يتصل بي أحد المقاولين
ويؤكد أنه أهداني فيلا ضمن المدن السكنية في عدن وفيلا أخرى في مدينة الحديدة
وهكذا. .
وصار الدوام بالنسبة في تلك الوزارة لا يعنيني بقدر ما أنا مشغول بأعمال
وأعمال أسرتي الخاصة من مقاولات وشركات وتجارة وغيرها، فالكل صار يعمل والوقت أصبح
ثميناً، حتى عند زيارتي لإحدى المحافظات سواءً كانت زيارة عمل أو سياحة ،فالصرفيات
يتكفل بها مدير فرع الوزارة في تلك المحافظة، وهكذا وصارت علاقاتي مع موظفي الوزارة
بحسب العائد الشهري أو كل ثلاثة أشهر حتى بالنسبة لمدراء الإدارات في الوزارة
نفسها، واستطعت خلال فترة وجيزة أن أسبق زملائي في المجلس الموقر في كل شيئ، حتى
التقارير الصادرة من وزارتي كانت هي الأفضل والنشاط في مختلف الوسائل الإعلامية
الرسمية وغيرها هي الأبرز، وصارت لدي علاقات طيبة سوءً مع أصحابنا في الحزب الحاكم،
أو أصدقائنا في المعارضة، فكنت لا أرد لهم طلباً، ليس حباً فيهم ولكن أمناً من
شرهم، وكذا طمعاً في عطاياهم السخية، خاصة وأنها كانت تأتيني بسرية كاملة وبطرق
آمنة، وهكذا أصبحت المسؤول اللامع والمثالي لدى جميع الأطراف، فالعمل نشيط ومثابر
وخدوم ومتفانٍ، والأداء جيد ومخلص ونزيه وغير فاسد أو مخالف، والعلاقات طيبة،
والسمعة ذهب ووطني من الدرجة الأولى، وهكذا استمرت الحياة وفجأة سمعت خبراً بأن
هناك تغييراً وزارياً فاضطربت كثيراً وبدأت أبحث عن وساطات وأتصل بجميع الزملاء
وزادت دقات قلبي أكثر لأصحو من منامي ،فإذا هي دقات باب الغرفة التي يطرقها والدي
ويصيح "كن بطل السهر ومتابعة الأخبار، قم صل فجر، خيراً لك من الدنيا وما
فيها".
عند الساعة التاسعة لفت انتباهي خبر تعيني وزيراً في إحدى وبينما كنت أستمع إلى نشرة
الأخبار عند الساعة التاسعة لفت انتباهي خبر تعيني وزيراً في إحدى الوزارات
الإيرادية، وما هي إلا لحظات حتى رن جهازي المحمول يحمل الآلاف من الاتصالات ورسائل
ال S. M. S لتهنئتي بهذا المنصب، لكن الخبر نزل علي كالطامة ليس لعدم القدرة في تحمل
تلك المسؤولية بقدر عدم وجود وسيلة مواصلات وبدلة أنيقة للسفر إلى صنعاء وأداء
اليمين الدستوري وبعدها استطعت حل الإشكال في ساعات متأخرة من الليل، وما إن
استلمت مهامي الجديدة في تلك الوزارة حتى هلت علينا الهدايا من مختلف الجهات، سواء
من قبل وكلاء الوزارة ومدراء فروعها في المحافظات، أو من قبل المقاولين لدى الوزارة
وأصحاب الوساطات والمنافع وفي وضع صعب بالنسبة لي حيث لا عقارات، ولا سيارات، لا
أرصدة في البنوك، كنت أخجل في اجتماع مجلس الوزراء الأسبوعي وأنا أسمع زملائي
وألاحظهم غارقين في الحديث عن الزيارات الخارجية وآخر الموديلات والموضة وبعض عادات
وتقاليد الشعوب في تلك البلدان التي زاروها، هذا بالإضافة إلى ما شاهدته في منازلهم
من أثاث وتحف وهدايا ثمينة وغير ذلك، فما كان مني إلا أن تناسيت ذلك اليمين الذي
أقسمت به أمام فخامة الأخ الرئيس وأعطيت الضوء الأخضر للمرافقين والسائق الخاص
والمقربين ومدير المكتب وغيرهم في السكرتارية لقبول تلك العطايا ولكل حادثة حديث،
وما هي إلا فترة خمسة أشهر حتى استطعت شراء منزل في أرقى حي داخل العاصمة ونقلت
أطفالي إلى المدارس الأميركية والمعاهد البريطانية وفجأة يتصل بي أحد المقاولين
ويؤكد أنه أهداني فيلا ضمن المدن السكنية في عدن وفيلا أخرى في مدينة الحديدة
وهكذا. .
وصار الدوام بالنسبة في تلك الوزارة لا يعنيني بقدر ما أنا مشغول بأعمال
وأعمال أسرتي الخاصة من مقاولات وشركات وتجارة وغيرها، فالكل صار يعمل والوقت أصبح
ثميناً، حتى عند زيارتي لإحدى المحافظات سواءً كانت زيارة عمل أو سياحة ،فالصرفيات
يتكفل بها مدير فرع الوزارة في تلك المحافظة، وهكذا وصارت علاقاتي مع موظفي الوزارة
بحسب العائد الشهري أو كل ثلاثة أشهر حتى بالنسبة لمدراء الإدارات في الوزارة
نفسها، واستطعت خلال فترة وجيزة أن أسبق زملائي في المجلس الموقر في كل شيئ، حتى
التقارير الصادرة من وزارتي كانت هي الأفضل والنشاط في مختلف الوسائل الإعلامية
الرسمية وغيرها هي الأبرز، وصارت لدي علاقات طيبة سوءً مع أصحابنا في الحزب الحاكم،
أو أصدقائنا في المعارضة، فكنت لا أرد لهم طلباً، ليس حباً فيهم ولكن أمناً من
شرهم، وكذا طمعاً في عطاياهم السخية، خاصة وأنها كانت تأتيني بسرية كاملة وبطرق
آمنة، وهكذا أصبحت المسؤول اللامع والمثالي لدى جميع الأطراف، فالعمل نشيط ومثابر
وخدوم ومتفانٍ، والأداء جيد ومخلص ونزيه وغير فاسد أو مخالف، والعلاقات طيبة،
والسمعة ذهب ووطني من الدرجة الأولى، وهكذا استمرت الحياة وفجأة سمعت خبراً بأن
هناك تغييراً وزارياً فاضطربت كثيراً وبدأت أبحث عن وساطات وأتصل بجميع الزملاء
وزادت دقات قلبي أكثر لأصحو من منامي ،فإذا هي دقات باب الغرفة التي يطرقها والدي
ويصيح "كن بطل السهر ومتابعة الأخبار، قم صل فجر، خيراً لك من الدنيا وما
فيها".