مكة البلد الحرام مهبط الوحي خير بقاع الأرض قال صلى الله عليه وسلم عنها" والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ، "وقال عليه أفضل الصلاة والسلام عن الكعبة المشرفة " تنزل على هذا البيت في كل يوم مائة وعشرون رحمة ستون للطائفين وأربعون للمصلين وعشرون للناظرين" وللبيت العتيق مهابة تزلزل القلوب القاسية وتوقظ النفوس الغافلة.
يحكى أن أبا نواس شاعر الخمر لحق جارية كان يحبها رافقت سيدها إلى الحج وظل طيلة الطريق يتحرش بها وعندما وقف مع الحجيج أمام الكعبة رق قلبه وأخذته العبرة ولكنه اكتشف أنه لا يحفظ التلبية فارتجل هذه الأبيات:
إلهنا ما أعدلك
مليك كل من ملك
لبيك قد لبيت لك
لبيك إن الحمد لك
والملك لا شريك لك
ما خاب عبد سألك
أنت له حيث سلك
لولاك يا ربي هلك
لبيك إن الحمد لك
والملك لا شريك لك
كل نبي وملك
وكل من أهّل لك
وكل عبد سألك
سبح أو لبى فلك
لبيك إن الحمد لك
والملك لا شريك لك
والليل لما أن حلك
والسابحات في الفلك
على مجاري المنسلك
لبيك إن الحمد لك
والملك لا شريك لك
يا غافلاً ما أغفلك
عجل وبادر أجلك
واختم بخير عملك
لبيك إن الحمد لك
والملك لا شريك لك
هذا أبو نواس شاعر الخمر والولدان.. ولكن! هناك من هو أسوأ من أبي نواس أتصدقون أن أناساً مسلمين يذهبون للحرم بغرض السرقة والتسول أو مغازلة النساء؟! أتصدقون أن من الحجاج والمعتمرين من يطوف حول الكعبة وكأنه يطوف في حواري مدينته؟! فهذا مشغول بالحديث مع صاحبه وآخر مشغول بالحديث بالجوال ووالله إن جوال ابن أخي سرق من جيبه وهو يطوف حول الكعبة.
أي قلوب يحمل هؤلاء:
يقول تعالى " ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم" ، أي ومن يرد في البيت الحرام والبلد الحرام سوءاً أو ميلاً عن القصد أو يهم بمعصية يذقه الله تعالى أشد أنواع العذاب الموجع .
قال ابن مسعود : لو أن رجلاً بعدن همّ بأن يعمل سيئة عند البيت أذاقه الله عذاباً أليماً , وقال مجاهد" تضاعف فيه السيئات كما تضاعف فيه الحسنات.
وروي عن وهيب بن الورد المكي قال: كنت ذات ليله في الحجر أصلي فسمعت كلاماً بين الكعبة والأستار يقول : إلى الله أشكو ثم إليك يا جبرائيل ما ألقى من الطائفين حولي من تفكرهم في الحديث ولغوهم ولهوهم لئن لم ينتهوا عن ذلك لانتفضن انتفاضه يرجع كل حجر مني إلى الجبل الذي قطع منه.
وقال بن مسعود ما من بلد يؤاخذ فيه العبد بالنية قبل العمل إلا مكة وتلا قوله تعالى" ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب اليم" ، وما يدمي الفؤاد إنه سيأتي يوم على هذا البيت الذي هجره كثير من المسلمين ولم يبادروا بالحج إليه والطواف حوله ويهدم على يد حفيد أبرهة الحبشي واسمه ذو السويقة.
كلام قبيلي:
أحب مكة والمدينة
وروحي في حبهن رهينة
ومن عشق يا ناس دينه
عاهواه الله يعينه
روحي هامت في هواهن
ما لي في الدنيا سواهن
كم عشق قلبي ثراهن
وذاب من شوقه وحنينه
يا صفا مكة وزمزم
يا دواء جرحي ومرهم
في هواك القلب مغرم
وكم خلايق عاشقينه
ما أجمل الركن اليماني
وبالصفا أحلى المعاني
والحجر له شوق ثاني
سعد من لا مس يمينه
طيبه يا خير الأراضي
في الدنيا حاضر وماضي
من سكنها عاش راضي
بالمودة والسكينة
دار الإيمان الممجد
ومسكن الهادي محمد
والصحابة أب عن جد
خير من قاموا بدينه
يا مسافر شل سلامي
بلغه خير الأنام
قله أني حيل ظامي
وزادت أشواقي وحنينه
ويوم غادرت المدينة
صارت أيامي حزينة
ومن عشق يا ناس دينه
عاهواه الله يعينه