الثأر سلاح العاجز يتخلص به القتلة من تبعات جرائم ليدفع ثمن حماقاتهم الأبرياء غالباً.. ولا عجب أن يجد طريقه إلى أنحاء متفرقة في بلادنا فيمارس كسلوك حلّ بدلاً لسلطة القضاء وهيبة القانون والتي أضحت محل شك من المتخاصمين لما تعيشه أروقة المحاكم ودور الشكاوى من فساد أفقدتها هيبتها.
 بلاد الصبيحة واحدة من المناطق الموبوءة بالثأر وتعد مديرياتها الأكثر تضرراً منه من بين مديريات المحافظة "لحج"، فقدت بسببه العشرات من خيرة رجالاتها بل ووصل الأمر إلى سقوط ضحاياً من الأطفال والنساء، عطلت لغة البارود كل المصالح لأن لغة العقل غابت.. كذلك لم يعد في المنطقة إلا الدم والأحقاد تفرق أواصر القربى.. وفي كل يوم تصنع مأساة وتبشر بالمزيد.
 وما حدث في محافظة عدن قبل أيام مثالاً صادقاً لنكبات أبناء الصبيحة فقدت خلالها مدير التربية والمضاربة والمدير الإداري بكلية التربية طور الباحة وكلاهما من قبيلة الأغبره, التي تخوض قتالاً عنيفاً مع قبيلة الكعلة المجاورة لها، الجليدة والمعامية وما يزال الثأر يهدد أفرادها، وغير بعيد عن ذلك المرادكة والحزبيين وأصحاب المناصب والوظائف.
كثيرة من مشاكل الثارات لو عددناها لصعب علينا الإلمام بها، إلا أن الأهم من هذا كله اجتماع عقلاء ونخب الصبيحة على رفض الثأر والبحث عما يحقن ما تبقى من دماء، الكل يجمع على هذا الطرح ويسعى إلى لملمة ما تبعثر.. لكن من المحزن ألا تجد من يملك الإدارة الصادقة والإقدام بصدق وتجرد لإنقاذ العشرات من المثقفين وطلبة الجامعة بل والنخب الأكاديمية والمسؤولين ممن أضحت حياتهم مرشحة للزوال برصاص الثأر بسبب انتمائهم القبلي وإن كانوا ممن هربوا منه إلى المدن أو ممن نسوا حمق قبائلهم فتكفل الثأر بنبش ما فيها لتقديمها قرباناً لأجيال وتؤسس لمآسي يصعب مغادرتها لسنوات.
وإن كنا سنناشد فإننا نوجه نداءً عاجلاً وإنسانياً بالدرجة الأولى لفخامة رئيس الجمهورية ليشرف شخصياً على الحلول لأن كل اللجان أو من يتم تكليفهم لا يمكن أن يصلوا إلى حل.. فكلهم مجربون لا هم لهم إلا مصالحهم، لكن يبقى لدى أبناء الصبيحة أمل في اللواء/ محمود أحمد سالم ـ مستشار رئيس الجمهورية كونه يحظى باحترام قبائل الصبيحة المصداقية حتى الآن، وله أن لا يخيب أمل أهله به ؟ بأن يتبنى نقل قضايا الثأر إلى فخامة الرئيس لإيجاد المعالجات.
جنب الله أبناء الصبيحة وكل أبناء الوطن كل مكروه.