ثورة جوع ، انتفاضة شعب.. النتيجة المرة وحدها من تجعل زعماء يترجلون صهوة الحكم، ويتقيئون هوس التسلط وحب السلطة في لحظة لا تدع أمامهم سوى خيار الغضب الأوحد المشير بهراوته نحو بوابة الرحيل..
وتلك لحظة في فترة لا تتكرر إلا مرة في عمر الأنظمة لتفنيها.
ورغم مرض التشبث بكرسي السلطان إلا أن من يحاولون عبثاً إدارة شعوب تهرسهاً سياسيتهم بترسانة الجوع تحت وطأة البطالة وصلتهم الرسالة الساخنة من تونس.. فتلك مبادرة تونسية ولدت لتنتشر أوساط الشعوب وليست
مجرد حادثة نقرؤها لنستلهم الأحداث، كبسولات مهدئة لننام، حيث أن بوادرها بدأت تضرب دولاً شتى في المنطقة، الجزائر إحداها.
هل استوعب قادتنا العرب والنخب العربية الدرس -عاقبة البطالة- يوم لا ينفع المتنفذين ظلمهم والفساد ولا تحمي القوة ما كسب النافذ من قصور وفلل إلا في دولة حاربت الفساد ونشرت الأمن والعدل ووفرت فرص العمل
للشباب.. فغضب الشارع حين يجوع ولا يجد المواطن قوتاً لمن يعول ويرى بأم عينيه المفارقة بينه ونافذين ينعمون بالبذخ على حسابه، يصبح زلزالاً لا يستثني حتى قصور الرؤساء، والحكيم من يتعظ بغيره، والشقي من يتعظ
بنفسه، ويركب رأسه حتى إذا جاءه الطوفان خرج منها خائفاً يترقب يبحث في الفضاء عن طريق للرحيل ويتخلى حتى عن أقاربه وحاشيته ولسان حاله" اللهم أني أسألك نفسي نفسي"..
لا نحبذ تكرار انتفاضة تونس في بقية الشعوب بقدر ما نتمنى لقادتنا وشعوبنا ونخبنا الهداية إلى ما فيه إصلاح الأوطان إذ لا بد من أن يكون في الحسبان حذر عواقب الفقر والفساد واتقاء نتائج البطالة الكارثية.
والحكيم من يأخذ بمشورة المخلصين الشرفاء الذين تجري في دمائهم حب الخير والولاء لسلامة البلدان، من أهل البطانة الصالحة.. فالحكمّ ليس تجربة، بل هو مؤسسة، لا تمكن الفاسدين من الاستحواذ على المسؤولية لعقر
الأوطان حين لا يجدون مآربهم سوى بالهدم والإقصاء واستنزاف خيرات البلاد وثرواتها، ويرمون بكل ما من شأنه البناء والعمل ..فلعل الإساءة لمواطن يفترش بسطة ليسد رمق أطفاله، وراء ثورة شعبية حين يأخذ الآباء
الغضب ويتحول الأبناء إلى أحزمة ناسفة تدك كل من يقف في وجهها حتى الوصول للحصون المنيعة وإن كان اليوم للظلم طوفان من بشر كان في القدم سيل العرّم.. وليد عبث وفساد دمر سد مأرب العظيم.
فهل يعتبر قادة الأنظمة.. ويصغون لأهل الوعظ المجاني، فهناك من المقربين والمسؤولين من أصحاب الرتب والرواتب العالية وحاملو شهادات دكتوراه من لا يفرقون بين النصح والصحن و البناء بمفهومهم مرادفا
للدمار.. فهؤلاء لا يخسرون شيئا إن تزلزلت الحكومات، وحدها الأنظمة مهددة بالسقوط لتصبح الشعوب تحت رحمة التدخل الخارجي ورهنا لنفوذهم.
وأخيراً.. اللهم اهدي نخب اليمن إلى ما فيه إصلاح البلاد ومحاربة الفساد والظلمة والنافذين وتوظيف خريجي الجامعات.. فأرصفة البطالة ملغومة بالغضب وجنب الله بلادنا طوفان الجوع وصاعقة البطالة فإنها قد تضرب
قصور كبرائنا لينعم الفاسدون وتودع الشعب في سلة التجاذبات الخارجية.
عبد الحافظ الصمدي
البطالة طوفان لا يرحم والشارع ملغوم بالغضب!! 2021