;
د. محمد عبدالله الحاوري
د. محمد عبدالله الحاوري

سلمية ثورة الشباب تسقط رهانات النظام بالحرب الأهلية 2134

2011-04-20 10:43:27


إن ثورة الشباب تكسب كل يوم أرضاً جديدة، وتحظى بأفق أوسع، وترتاد مجالات أرفع، وتفوز في كل مسيرة ومظاهرة بنقاط كبيرة، وتتقدم نحو هدف إسقاط النظام بخطوات أوسع، وبانجازات أكثر جرأة في إسقاط النظام، وفي كل لحظة تتعملق الثورة ويزداد عودها صلابة، وتستوي على سوقها، وتترسخ في خطواتها.
إنها ثورة مباركة، يصنعها أعظم جيل في شباب اليمن في التاريخ الحديث، بهذه الثورة السلمية، التي يعتدى عليها، فلا تغير مسارها السلمي، ويقتل شبابها، فلا تنحرف عن سلميتها، ويتعرضون لأبشع الجرائم تصل حد إزهاق الأنفس، فلا يردون على من يقتل النفس المحرمة، إلا بالقول سلمية سلمية.
إن ما تقوم به الثورة اليوم هو كشف حساب لفساد النظام في اليمن، فلقد استطاعت الثورة السلمية أن تثبت للعالم زيف النظام في اليمن، فهو لا يعترف إلا بنفسه، ولا يقبل إلا ذاته، ولا يسمع سوى صوته، فالنظام الذي يتهم كل خصومه بما تعف الألسن عن التفوه به، ويفاجئك النظام كل مرة بمصيبة يقترفها، فكيف يستطيع الإنسان أن يتصور نظاماً يسعى للتصالح مع شعبه وهو يقترف في حقه ما يندى له الجبين.
 لقد فشل النظام في حفظ نفسه عن القتل، فلم يمر أسبوع بلا عدوان، وأخفق النظام في احترام اليمنيين واليمنيات، فهو يلقي التهم ضده جزافاً، فمرة بتجارة المخدرات وأخرى بالاختلاط وبثالثة بتنفيذ أجندة خارجية، وعجز النظام أن يصور نفسه محباً لليمن أو راغباً في بقائه حياً ومصنع أبين يقتل المساكين.. يا لحسرة نظام لا يستطيع أن يعترف باليمن الشاب، ولا يقدر على التحاور بغير السباب والرصاص الحي ويرش مياه المجاري النجسة على أطهر الرجال وأروع الشباب.
إن مصداقية الثورة في ازدياد، فمنذ أحد عشر أسبوعاً والشباب في الميدان لم يكسروا شجرة، ولم يعتدوا على محل تجاري، ولا منشأة عامة أو خاصة، يحملون جرحاهم وهم ينادون سلمية سلمية، ويتساقط شهداؤهم أمام أعينهم، فلا يحيدون عن السلمية، وبقدر ما يزداد العالم ثقة في مصداقية ثورة الشباب، يزدادون تأكداً من كذب النظام الذي يوجه بالحماية، فيكون القتل وبالاهتمام بالشباب فيكون العدوان بكل الصور، وينادي بحقوق المرأة، فيتم التعريض بها على رؤوس الأشهاد.
إن اليمن اليوم بفضل الله عز وجل، ثم بفضل هذه الثورة، تعيش أروع صور الوحدة وأزهى أيام اللحمة الوطنية، وأرقى معاني التلاحم والتراحم، وأزكي صور التداعي على الحق، وأكبر التعاون على البر، ويظهر في الطرف المقابل للثورة التعاون على الإثم والعدوان باللسان وبالسنان.
إن الإنسان ليقف شعر رأسه تعجباً وهو يرى بعض المرتزقة أو المأجورين أو المغرر بهم وهو يمارس جريمة الاعتداء، وقد تصل حد ضرب النار على أخيه المسلم واليمني ، كيف يرضى أن يسيل الدم اليمني إرضاءً لجلاد، أو لإطفاء الرغبة في القتل عند مسؤول.
إن هذا المعتدي يضر نفسه وأسرته ومجتمعه ووطنه، فإن هؤلاء مواطنون يمنيون سلميون، وهم يسيرون في مسيرة سلمية، بخطوات سلمية، وبأداءات سلمية، وبوسائل سلمية، كفلها الشرع والدستور، فلماذا تقتله، لماذا تعتدي عليه؟ أين غابت عنك وطنيتك؟ كيف تسفك الدم اليمني؟ أين ضاعت منك معاني الحفاظ على أرواح اليمنيين؟ أين ذهب عنك عقلك؟ ماذا دهاك حتى تلقى الله تعالى قاتلا؟ قال الله تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (93) سورة النساء.
وله أقول ولمن معه: كيف ترضى لنفسك الهلاك؟ تقتل مسلماً لتكون العزة لفلان أو لجهة أو لحزب سمها شرعية دستورية أو ثورية أو شعبية أو ما شئت من المسميات، فإني أسوق لك حديثاً صحيحاً عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يرويه الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "يجيء الرجل آخذاً بيد الرجل؛ فيقول: يا رب هذا قتلني؟، فيقول الله له: لمَ قتلته؟، فيقول: قتلته لتكون العزة لك، فيقول: فإنها لي، ويجيء الرجل آخذاً بيد الرجل فيقول: إن هذا قتلني، فيقول الله له: لم قتلته؟، فيقول لتكون العزة لفلان؟، فيقول: إنها ليست لفلان، فيبوء بإثمه"، هذا في الآخرة وفي الدنيا، بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين، وكل قاتل موعود بالقصاص.
إن ما يقوم به النظام من قمع وإفراط في استخدام القوة، هو لون من إظهار لقدرته على التنكيل بالناس، ويفرد عضلاته على مواطنين عزل، ولا يبالي وهو يشاهد المواطنين اليمنيين السلميين يختنقون بالغاز، أو يصابون في المسيرات والمظاهرات السلمية، أو يقتلون قنصاً على أيدي القتلة المحترفين في مشهد سادي مُقرف، وفي صورة بشعة، لنظام يجعل الناس لا يستطيعون القبول بمجرد الرحيل، فكيف يكتفى برحيل جلاد؟، فلا يقبل العقل والمنطق أن يكافأ بالنجاة من القصاص مَن يقتل الأرواح الطاهرة بلا مبرر، والأنفس الزكية بغير وجه حق، ويسفك دم الشباب اليمني في عمر الورود.
إن هذه الثورة الشبابية المجيدة لم تسفك دماً، ولم تهتك عرضاً، ولم تسرق مالاً، ولم تنهب ثروة، ولم تصادر حق أحد، ولم تعتدِ على أحد، بل رسمت خطواتها بالسلم، وأعلنتها سلمية منذ اليوم الأول، وبقيت على سلميتها، برغم كل الاعتداء عليها والعدوان الموجه نحوها، ثم لا تفتر عزيمتها، بل تزداد همتها ويتضاعف إصرارها على المضي في سلميتها، رغم كل محاولات خنق سلميتها.
وأخيراً كم كان رجال جيشنا العظيم عظيماً بحق - كعادته دائماً- فلم ينجر إلى الاقتتال مع رفقاء السلاح، فكلهم أبناء اليمن، ولم ينزلق إلى دوامة التصارع بين أجزاء جسد الجيش اليمني العظيم.
إن رجالات جيش اليمن النبلاء يمتلكون أخلاق الفرسان، التي لا تقبل أن تريق الدم اليمني، أو يقتتل أفراد الجيش اليمني، فبرزت عبقرية الجيش اليمني في أروع صور الوطنية، التي ستدرس لاحقاً في معاهد الدراسات العسكرية والاجتماعية والسياسية؛ فلقد أثبت الجيش اليمني العظيم قدرته على مواجهة الصعاب، التي تدير الرؤوس، فلم يقع في الفخ القاتل، أو الكمين المخطط لزجهم فيه، بل ازداد ألقاً وهو لا يستجيب لخنق الثورة بزحزحتها عن سلميتها، لأن سلميتها هي كلمة السر، التي تدخل بها بلادنا إلى عالم الحياة الديمقراطية الصحيحة، وتنقذ يمننا الحبيب من ويلات الاستبداد، وتبدأ بكم اليمن أيها الأحرار جيشاً وشعباً يمناً جديداً، فجره يملأ الأفق، وصبحه قريب إن شاء الله تعالى، وما ذلك على الله بعزيز.
حين تتحرك الأحداث نحو النهاية يستطيع الإنسان أن يرى ملامح ذات طبيعة خاصة:
التصرف بطريقة عجائبية، بمعنى أن يتحول الفعل من فعل يسير سيناريوهات العقل إلى سيناريوهات اللاعقل ويتميز بميزات عدة منها:
- يغلق الإنسان على نفسه منافذ الحياة لأن الإنسان في مرحلة اللاوعي، وهي مرحلة تجعل الإنسان يتحرك في عدة اتجاهات يراها، تتميز بأنها اتجاهات غير موفقة.
- الخذلان هو الصفة المميزة للفعل الخطأ، فيصبح شخصاً مخذولاً، وهو ما يجعل مثل الإنسان الذي يسير في حقل الأشواك، فلا يرفع قدمه من شوك إلا إلى شوك، وكلما زاد خطوات زادت أشواك قدميه.
- هدم جسور الثقة، فيخيل له أنه إذا أخفق ما حدث كان فعلاً بهلوانياً بكل المقاييس، مثلاً الناس مجتمعون في الخليج، اللقاء المشترك الذي تمت دعوتهم لتحكيم ضمائرهم، والأخوة الأشقاء في الخليج.
وفي الختام: إن اللقاء المشترك بذهابه إلى الرياض يفك الحصار عن الرئيس، بعد أن أحكم الشباب فرض العزلة عليه، حين نبذوا كلامه وراء ظهورهم، فلم يلتفتوا إليه، وحين رفضوا كل مبادرة لا يكون سطرها الأول محاكمة النظام، وأدركوا بنفاذ بصيرة مقولة الرئيس الشهيد/ إبراهيم الحمدي "تجريب المجرب خطأ، والتصحيح بالملوثين خطأ مرتين"، فهل فهم من شابت رؤوسهم حكمة الشباب وقد بلغوا من العمر عتياً، ويبدو أنهم لا يتصورون الحياة بدون "علي عبدالله صالح"، فيستجيبون له كل مرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد