;
علي مبارك ملص
علي مبارك ملص

الأزمة اليمنية.. 2241

2011-04-28 04:48:47


منذ أن بدأت الأزمة اليمنية، بدأ معها الكثير من التوقعات، غير أنها سارت بإيقاعات درامية فاقت كل التوقعات، وخرجت عن كثير من الحسابات، وأربكت جميع المراقبين لها والساعين لحل لغزها المعقد, وكلما توقع أحد أنها ستحط رحالها، فاجأهم النظام بالتصريحات التي تبعد جميع التوقعات، بعيداً عن ساحل موجها المتلاطم. 
ونظراً لتشابه خيوط الأزمة اليمنية وتعدد أطرافها، بل قل إن كل طرف منها يضم عدة أطراف، أو يوكل عنه غيره في أتون هذه الأزمة المستحكمة, فالنظام مثلاً ليس طرفاً واحداً، وذلك ما تظهره التصريحات, فما يوافق عليه طرف منه يرجع عنه طرف آخر, وكذا المعارضة, أضف إلى ذلك الوسطاء حتى أصبح ينطبق على هذه الأزمة (إذا كثر الطباخون فسد المرق).
 ولعل هذا كان سبباً في إطالة هذه الأزمة وظهورها بمظهر يختلف عن الأزمات في الدول العربية الأخرى، التي لا يتصارع فيها إلا طرفان فقط، وفي بداية الأزمة كان يتوقع الكثير أن النظام لا يستطيع إدارتها بنفس الطرق والنفس الذي أدار به جميع المنعطفات والأزمات التي مر بها، والتي كان البعض منها من صنيعته، فانقلب فيها السحر على الساحر أو كان سبباً فيها، لكن يظهر أن خبرته في هذا المجال قد مكنته نوعاً ما، من اللعب على مثل هذه الحبال، كما أن المعارضة أثبتت وكأنها كمن لا يستطيع أن يتصرف إلا وفق ما تربى عليه من دروس أخيه الكبير، حتى وإن كان يحاول التمرد عليه، فهي وإن كانت تدرك أكثر من غيرها، تلاعب النظام بها وعدم مصداقيته، إلا أن الظروف من حولها لم تسعفها في التحرر التام منه.
 وفي النهاية تبقى فاتورة الأزمة الباهظة، يدفعها الشارع والذي ما زال صغيراً جداً، مقارنة بإخوانه في النظام والمعارضة، والذين قد شاخت عقولهم قبل أن تشيب رؤوسهم.
كل ذلك ليبقى الباب مفتوحاً أمام السؤال المطروح الآن، بعد أن دخلت الأزمة في شهرها الثالث، تعدد أطرافها وكثرة أطروحات وسطائها, فالجمعة هي جمعة واحدة، ولكنها في الأزمة اليمنية جمعتان، وفي الأزمات الأخرى طرفان ولكنها في الأزمة اليمنية كثيرة، والشارع في الأزمات الأخرى واحد وفي خصوصيات الأزمة اليمنية شارعان، وقس على ذلك الجانب الإعلامي والأمني وغيره، مما يضفي للأزمة اليمنية خصوصية لم تسبقها أزمة قبلها ولعل لن تعقبها أزمة بعدها، لكن يبقى السؤال: هل ظهر بصيص أمل في نهاية نفق الأزمة اليمنية المستحكمة؟ والجواب في تقديري يكمن في الأمور التالية: 
1ـ أن يصل النظام إلى قناعة تامة بأنه لا رجعة للوراء، وأن جميع المناورات والمراهنات وكذا التكتيكات الآنية والسياسية لا جدوى منها، وأن العد التنازلي لبقائه قد اقترب من نهايته، وأنه لم يبق لديه إلا اللعب في الوقت الضائع، ولعل هذا ما أظهرته أخيراً تصريحات أحد عتاولة النظام ورموزه. 
2ـ أن تبلور قناعة أطراف الأزمة اليمنية والتي يعول عيها النظام في استمداد بعض قوته في البقاء إلى واقع ملموس، وأن صلاحية هذا النظام حقاً قد انتهت، وأن جميع المراهنات التي يراهن عليها خاسرة ومكلفة، وإنها قد تؤثر في مقتبل العمر على علاقتها بالأطراف اليمنية المقبلة، وبالتالي تضغط على النظام باللجوء إلى حلحلة هذه الأزمة.
3ـ أن تغير المعارضة طرقها الراديكالية في إدارة هذه الأزمة، وتنظر إلى الأزمة من زاوية الصالح العام للأمة اليمنية، وليس للنظر إلى زاوية أنها هي الوريث الآهل لهذا النظام البائد. 
4ـ أن تتوحد إدارة الساحة الحقيقية للأزمة اليمنية، والمتمثلة في الأجهزة الأمنية والتي تلعب الدور الحقيقي على الأرض، وتجعل مصلحة اليمن فوق كل مصلحة، وتعي أن دورها يكمن في حمل العقيدة الأمنية للأمة اليمنية، وفق ثوابتها الشرعية المستندة إلى هويتها الإسلامية لا العقيدة التسلطية، لأن ذلك قد يؤدي بها إلى أن تكون كبش الفداء الحقيقي لهذه الأزمة. 
5ـ أن تتحرك القوى الفاعلة الأخرى في المجتمع بالقدر الصحيح أو ما يمكن أن يطلق عليه بعرف الشرع (بأهل الحل والعقد) من النخب العلمية والثقافية والاجتماعية، باستخدام جميع الوسائل للضغط الحقيقي على النظام لتجنيب البلاد ويلات وتداعيات هذه الأزمة. 
6ـ ينبغي على الشارع أن يكون واضحاً وحازماً مع جميع الأطراف، فإنه بقدر ما كان حازماً وواضحاً مع النظام، فيجب أن يكون حازماً مع الأطراف الأخرى، بالقدر الذي هو حازم فيه مع النظام، وليعلم أنه ينعقد على موقفه هذا آمال الكثير من الجماهير المجمهرة من الأمة اليمنية، وأن أمامه مسؤولية تحمل تبعة ما يفعله، فإن لم يكن على قدر الحزم والجدية، سيخشى أن يخيب آمال كثير من الناس. 
ختاماً ينبغي على الجميع أن يتقوا الله سبحانه في هذا الشعب الذي أضنته تجارب المجربين وأنهكته تصرفات المفسدين، وإجحاف الظالمين، كما ينبغي أن من أراد أن يتكلم في هذه الأزمة أن يتقي الله وتصديقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)، وإذا تكلم أن يفتح باب أمل لهذا الشعب المكلوم، وإذا تحدث كان من باب التوعية والنصح له وأخذ العبر والدروس من ماضيه، والدخول في حاضره، والتطلع إلى مستقبله بنظرة تغيرية، تضمن سلامة البلاد وكرامة العباد..

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

خالد الرويشان

2024-09-28 00:47:57

المارد والقمقم!

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد