;
د.محمد لطف الحميري
د.محمد لطف الحميري

المبادرة الخليجية.. هل يكتب لها النجاح؟ 2313

2011-05-01 04:53:25


بداية لا بد أن أسأل ما الذي يجري في اليمن؟ وما هو الفرق بين الأزمة السياسية والثورة الشعبية؟ ولماذا يخرج اليمنيون رجالا ونساء وأطفالا إلى الشوارع كل يوم؟ ولماذا اتخذ عشرات الآلاف من الساحات العامة أماكن للإقامة لنحو ثلاثة أشهر في ظروف صعبة؟ ولماذا يعرض الشباب أنفسهم للخطر ويواجهون الرصاص الحي بصدور عارية؟ لا يمكنني الإجابة على كل هذه الأسئلة فقد يعاونني القارئ الكريم في الإجابة على بعضها.. لكن المؤكد أن ما يجري في اليمن ثورة بكل لغات العالم تستهدف القضاء على الاستبداد والفساد وكل أدران الصور النمطية التي رسمها الرئيس اليمني ونظامه في أنظار العالم إلى درجة أن لفظة " يمني " أصبحت مقرونة بالتطرف والتخلف والجهل والفقر والمرض وكراهية العالم المتحضر.. وعندما أفاق العالم على صور يومية حضارية يرسمها شباب وشابات اليمن في وسائل الإعلام العالمية قال صحفي غربي لقد أذهلني شعب عربي في جنوب الجزيرة العربية ينشد التغيير بكل روح حضارية ويقول عند كل صباح جديد من أيام ثورته السلمية ما كان يقوله مارتن لوثر كينغ " عندي حلم ".. إن صمود هؤلاء الشباب في وجه صلف النظام فاق كل تصور.
إذا ما يجري في اليمن حتى في وصف الصحافة الغربية هو ثورة.. لكن ما الذي جعل الساسة الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي ينظرون لما يدور في جوارهم أنه أزمة سياسية بين المعارضة ونظام علي عبد الله صالح الأحمر.. لاشك أن الرئيس عندما رأى أمواج الجيل الثائر تتقدم لإغراقه والتخلص من سنوات حكمه العجاف طلب من السعودية أن ترمى له طوق نجاة.. فكرت الرياض وقدرت وقررت تقديم مبادرة بموافقة دول الخليج الخمس تحت مظلة مجلس التعاون.. لكن عملية الإنقاذ بادئ الأمر كانت تستهدف إخراجه مما هو فيه وإبعاده كليا عن البحر وأهواله.. ولذلك نصت أول مبادرة خليجية بتاريخ 3-4-2011 في بندها الأول على ضرورة التنحي الفوري لكن إصرار علي صالح على عدم خروجه وأركان نظامه بهذه الصورة التي لن تمكنه من المراوغة وإشعال فتيل حروب وأزمات جعله يلح على دول مجلس التعاون بإطلاق المبادرة تلو الأخرى لجعل الصالات المكيفة بديلا عن ساحات التغيير وفي ذلك ضرب عصفورين بحجر كما يقال فمن جهة ينجو هو ونظامه من سيف الثورة، ومن جهة أخرى يبقى على حالة المخاض العسير لأطول فترة ممكنة لدرجة تجعل الناس يترحمون على عهده بسبب ما سينتج عن هذه المبادرة الخليجية في حال التوقيع عليها وتنفيذها من تداعيات حل الأزمة وتراجع قيم الثورة الشبابية التي تتأسس عليها الآن في ساحات التغيير قواعد مجتمع مدني حقيقي يقود اليمنيين نحو مستقبل أفضل خال من نظام قام على سياسة الأزمات.
هدَف النظام اليمني من وراء طلب التدخل الخليجي إلى خلق هوة كبيرة بين تكتل اللقاء المشترك ومناصريه في ساحات الثورة وإلى نفخ ريح التنازع والفشل بين الثائرين أنفسهم من خلال التحضير لمستوى آخر من الحوار يشترك فيه ممثلون عن شباب الثورة بحجة التمثيل العادل لكل الأطراف وإذا ما استجابت ائتلافات الثوار لهذا الطلب تكون قد وقعت في شرك تفخيخ الثورة.
قد يقول قائل إذا لماذا وافقت أحزاب اللقاء المشترك على المبادرة الخليجية رغم تجربتها الطويلة والمريرة في حوار رأس النظام؟ هناك من تبرع بالإجابة من قادة المعارضة عندما قالوا إن الهدف هو إعطاء القوى الإقليمية فرصة جدية لاختبار علي عبد الله صالح ونظامه وكذلك تقليل كلفة التغيير، ورغم التبرير الذي ساقته أحزاب المعارضة إلا أن الجماهير المليونية في الساحات لا تزال تصر على الرحيل الفوري للرئيس وأركان نظامه من دون قيد أو شرط وبدون أي ضمانات أو حصانات.. المشكلة الرئيسة التي تواجه المبادرة الخليجية أن الرئيس اليمني عندما رأى ضغطا خليجيا باتجاه منحه ضمانات الإفلات من العقاب راح يسلط حرسه الخاص والجمهوري للفتك بالمتظاهرين بالرصاص الحي ولا يكاد يمر يوم إلا ويسقط قتلى وجرحى ويُقتاد الكثير من المعتصمين إلى أماكن مجهولة حسب البلاغات الواردة للمنظمات الحقوقية.. هذا السلوك العنيف ربما شجعه التردد الخليجي في الانحياز الكامل إلى الشعب اليمني وذلك ما دفع محللين إلى القول إن المبادرة الخليجية صممت على أساس المصلحة الخليجية أولا ومصلحة الرئيس ثانيا وبالتالي فقد نشهد جلسات حوار واستماع وتفسيرات وتأويلات وملحقات للمبادرة والنتيجة قد يصبح الزحف إلى القصر الجمهوري أمرا حتميا لتحقيق قيم الثورة.
الشرق القطرية

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد