الثورة.. الثورة.. بركان هادر جمراته تطارد الطغاة.. والثورة كتلة من القيم والصفاء الأخلاقي يشذب الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية.. والثورة اليوم حلقات مترابطة للنسيج المجتمعي.
إذن هي ثورة أشعلها شعب من أجل الحياة، هكذا يجب أن يدركها ما تبقى من النظام الحاكم، وهكذا يجب عليه أن يدرك بأن هذه الثورة وجدت لتمضي نحو تحقيق جميع أهدافها بدءاً بسقوطه وانتهاءً بإعادة الحياة اليمنية إلى مسارها الطبيعي المتمثل في الحياة الكريمة المتحققة في العدالة والمواطنة المتساوية وإقامة الدولة المدنية وتجسيد مبدأ التداول السلمي للسلطة.
هي إذاً ثورة ترفض الإقصاء والإلغاء، هي ثورة حية تجسد لوحة من الرقي بدءاً بروح الفرد الثائر، وانتهاءً بروح الجماعة الثورية، هي ثورة غضب وغضب وغضب في وجه الطغاة.. هي ثورة يجب على هذا النظام ألا يراهن على اختبار صبر ثوارها في الساحات المنتشرة في ربوع اليمن.
فبقدر ما تتميز به هذه الثورة من إرادة صلبة لوأد الظلم ـ فإنها أيضاً تتميز برقي أخلاقياتها فكراً وثقافة وسلوكاً حتى في التعامل مع الطغاة، فالثائر ضد الظلم وضد فساد الأخلاق والقيم والسلوكيات الماحقة للحياة ـ لن يسمح بانحراف الثورة حتى تحقيق أهدافها.. الفارق بين الثائرين في الساحات وبين أركان الطغاة في الحكم هو شيء مقدس أخلاقي قيمي كبير.. القابعون في قصور الطغاة يتسلحون في مواجهة الثائرين بكل ما هو ممكن لوأد ثورة الثوار.. فسلاحهم ضد الثورة هو الانسلاخ من الأخلاق والقيم، فالقتل بات يمارس بشكل يومي وبدم بارد.... وبات انتهاك الأعراض والخطف والنهب وكل ما هو من قواميس اللغة يندرج تحت يافطات الانحطاط الأخلاقي مشروعاً في قاموس الحاكم وأزلامه لمواجهة الثوار والثورة.. لذلك يتسلح الثوار في المقابل الثوار بالقيم والمثل السامية ومخافة الله ودماثة الأخلاق للحفاظ على مسار ثورتهم حتى تحقيق أهدافها..
إذاً فإن المنهجية التي يجب أن يتداركها الثوار اليوم هي ما تجسده سلوكياتهم وخطاباتهم وما ترسمه سياساتهم في ميادين الحرية والتغيير.
الانتصار الحقيقي أن تنتصر الثورة، ثقافياً وفكرياً ومجتمعياً، باعتبار تلك الأسس الحقيقية التي يجب أن تتجسد برواسخ عقيدة.
الانتصار الحقيقي للثورة هو القبول بالآخر ورفض الإلغاء والإقصاء والإيمان الصادق بالشراكة..
الانتصار الحقيقي للثورة هو أن يؤمن الكل بأن الكل يجب أن يكونوا شركاء فاعلين في إعادة وهج الوحدة اليمنية وبناء الدولة المدنية الحديثة.. الانتصار الحقيقي ليس مجرد أن تسقط ظالماً ولكن أن تعمل بأسس صحيحة لمنع صعود ظالم آخر.. الانتصار الحقيقي هو أن نجسد روح الشموخ والسماحة فيما بين أبناء هذا الوطن.
كل تلك الانتصارات هي أهداف للثورة الشبابية وثورة الشعب وما سقوط النظام إلا خطوة يجب أن تتم في وقت قياسي لا يقبل التسويف.. لأن ما هو قادم هو الثورة الحقيقية التي يجب علينا العمل على تحقيقها.
سيف محمد الحاضري
ثورتنا .. فكر وثقافة وأخلاق 2622