;
أحلام المقالح
أحلام المقالح

ابتسم أنت في اليمن 2037

2011-05-31 02:14:57


(ابتسم أنت في اليمن)، ليست جملة مكتوبة على لوحة أمام وجه من يلج اليمن، وليست جملة لأحد العظماء، ولكنها جملة تولد دوماً من رحم المعاناة، فأينما وجدت معاناة واكتئاب ووجوه شاحبة، تجد من يُحدثك (ابتسم أنت في اليمن)، فما أروعه من وطن هذا الذي يغرس الابتسامات بكل الفصول.
منذ الطفولة ووطننا يسكب بسماته المُثقلة على جبين وشفاه البسطاء، فمازلتُ أتذكر جيداً وأبتسم حينما هرعت فرحة إلى والدي ومعي نتيجة امتحان نهائي وسمعت من والدي توبيخاً ما لم اسمعه من قبل، ومازلتُ مبتسمة حتى وجدتُ زميلتي (بنت المديرة) التي أخبرتني أنها أخطأت في الامتحان كثيراً قد سرقت مني علاماتي، لتصل إلى علامات كاملة.. يا لها من مفارقات عجيبة، فبنت المديرة جعلتني أبتسم..
وبعدها سنوات حينما وجدتُ نفس البنت تسابقني إلى كرسي الجامعة، فابتسمت من جديد, كنتُ أظن الطفولة فقط هي من تلّون حياتنا بالبسمات، ولكن وجدتُ أن الوطن أيضاً يُمطر بسمات ولكنها مثخنة بالمعاناة حتى وإن كبرنا..
وعلى مقربة من اليوم وجدت نفسي بعد أربع سنوات من الدراسة على أمل أن أجد مكاناً بعد تخرجي أغمس فيه أصابعي لأعمل ولكني لم أجد سوى حفيف رياح البطالة في حين أن غيري قد وجد عمل دون دراسة وجُهد يُذكر، فأي وطن سنبتسم فيه لأننا عاطلون!!!
كل شي من حولنا يدعينا إلى الابتسام ليلاً نهاراً مرة بفرح وأخرى بغُصة، فالمطبات بالشوارع تجعلنا نبتسم (فجيعة) أو ألم بعد (دكمة) رأس والطفل الذي يتربى على جملة (أنت حر فأنت ابن فلان) ويكبر على تردديها، فيضرب هذا ويقتل ذاك ويسرق ويشتم ويعيث فساداً ولا من عينٍ رأته في حين أن من سرق رغيف خبز يسد به رمق جوعه يُقام عليه الحد والكل يصمت وهو يشاهد الموت بعينيه.
أما عن الكهرباء، فهي أكثر ما تجعلني أبتسم – خاصة في الآونة الأخيرة- وما أدراكم ما الكهرباء بيمننا؟ هي زائر خفيف لطيف على الجميع وما أن تهل حتى تنهال بركاتها على كل من في البيت والسبب ببساطة أنها لا تبرح قليلا حتى تغادرنا، مخلفة وراءها حرائقاً وتناهيد حزن، فهل هذه طريقة حديثة لصناعة الابتسامات أم ماذا؟، السؤال لمؤسسة الكهرباء، فوحدها من تعرف.
الشيء الأكثر مدعاة للبسمة في وسط الألم أن هناك مستفيدين من هذا الزائر غير حكومتنا الرخيصة، فبالنسبة لي لا يستفيد من هذا إلا جهازي الصغير ووالدتي الحبيبة، فالأول يتنفس الصعداء خلال انطفاءات الكهرباء المتواصلة بعد ليالٍ مضيئة والثانية (أمي) تفرح جداً حينما تجد أَضواء الغرفة مطفأة ولا صوت سوى صوت هفهفة الريح على ستائر الغرفة، فتنام قريرة العين وهي مطمئنة بأن ابنتها لن تنطو على جهازها لساعات متأخرة من الليل وتصحو مبكراً مرهقة، فيا لها من بسمات وطن هذه الذي تنزع منا أشياء وتغرس فينا بسمات بحجم المعاناة...
والآن ما زلتُ أتذكر متى آخر مرة ابتسمت فيها في وجه الألم ودون شعور وكانت بالأمس حينما وصلني خبر أن جارنا الشاب الذي دخل أحد المستشفيات الخاصة لأجل تفتيت حصى الكلى بالليزر قد خرج منها بفشل كلوي وانفجار بالحالب وهذا بسبب خطأ طبي لأحد أطباء المستشفى (المتخصص) فهو لم ينس مقص أو سكين في بطن المريض، ولكنه زاد من معايير إحدى المواد الطبية المستخدمة، فسبب للمريض فشل كلوي، ليُدخله مرة أخرى إلى غرفة العمليات، فيخرج منها المريض وحالبه قد انفجر!.
ما أسخفها من ابتسامة ولكنها مشبعة بالألم والغُصة، فنحن في وطننا لحد اليوم لا يُميّز فيه الطبيب بين أيديه الإنسان من اللعبة، فأرواح البشر باتت دون قيمة!، ومع ذلك سنبتسم لأننا في اليمن.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد