تدخل المبادرة الخليجية لحل المشكلة اليمنية المتفاقمة مرحلة جديدة أكثر إصراراً ومثابرة على بذل المساعي المتواصلة لإطفاء الحريق الذي لا يهدد اليمن وحده، بل المنطقة وحتى الاستقرار العالمي.
كان واضحاً ان اجتماع وزراء الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي، الذي عقد في جدة، قرر من دون أي ضجيج أو إعلانات، المضي في تزخيم هذه المبادرة التي كانت قد علقت ولم تتوقف، بعدما امتنع الرئيس علي عبد الله صالح عن توقيعها ما لم تأت المعارضة اليه في القصر الجمهوري، ثم اصيب في الانفجار وهو يتلقى العلاج في السعودية كما هو معروف.
وعندما يتحدث وزير خارجية الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان في افتتاح المجلس الوزاري الخليجي، عن الظروف الإقليمية والدولية الدقيقة التي تتطلب المزيد من التشاور والتنسيق، فإن ذلك يعني أن الهم اليمني يرتفع الآن في ظل الحديث عن تزايد تحركات عناصر "القاعدة" في زنجبار عاصمة محافظة ابين اليمنية، ليضاف الى التهديدات الايرانية والى المخاوف العميقة من انتقال الفوضى النارية الصومالية الى جنوب اليمن، وهو ما يشكل قنبلة موقوتة تقلق دول الخليج وتضع ممرات النفط في البحر الاحمر في مرمى النيران الارهابية بما يهدد عجلة الصناعة في الدول الغربية واليابان.
على هذا الأساس، فإن التحرك السياسي الموحد المبني على رؤية مشتركة لدول مجلس التعاون، يضع اليمن كأولوية ملحة ويقرر المضي في مساعي التسوية. فإذا كان الرئيس علي صالح يرقد في الرياض للعلاج، فإن على المبادرة الخليجية ان تنشط في صنعاء للمعالجة. وهذا يعني عمليا أن السعودية التي تملك كلمة مسموعة ومحترمة عند كل القبائل والافرقاء المتنازعين، ستبذل مزيدا من الجهود لايجاد مخرج للازمة، وخصوصا الآن بعد التهدئة النسبية نتيجة التفاهم بين نائب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وتجمّع المعارضة.
وعندما يعلن الشيخ صادق الاحمر كبير مشايخ قبيلة حاشد "ان اليمنيين يقفون عند كلمة خادم الحرمين الشريفين ويراهنون على حكمته في ايجاد حل ينهي النزاع في اليمن " فإن ذلك يؤكد مرة ان اليمن يبقى "شأنا سعوديا" !
بالتأكيد ليس خافياً على الرياض ان المبادرة الخليجية باتت الآن على نارين، الاولى تتمثل في الثورة ضد حكم علي صالح وهي التي تهدد بحرب اهلية وقبلية في بلد ينهكه الفقر وتدميه النزاعات، أما الثانية فتتمثل في نجاح تنظيم "القاعدة" في السيطرة على زنجبار عاصمة ابين ومحيطها، وهو امر في غاية الخطورة لانه يوفر قاعدة جبلية وعرة تشكل منطلقاً للانقضاض على دول الخليج وعلى ممرات النفط وحتى على العواصم الغربية.
لكل هذا صارت المبادرة الخليجية فعلا على نارين... ويجب ان تنجح !
نقلاً عن (النهار) اللبنانية
راجح الخوري
المبادرة الخليجية على نارين ! 2216