;
د. محمد عبدالله الحاوري
د. محمد عبدالله الحاوري

التمكين للخير في الأرض مهمة دينية ووطنية 2291

2011-06-30 04:24:20


إن على كل فرد منا السعي الحثيث للتمكين لدين الله تعالى، باعتبار ذلك قربة إلى الله عز وجل، وباعتباره مهمة دينية ووطنية، فالفقر والجهل والمرض والغدر وتسلط المستبدين السياسيين سببه عزل القرآن الكريم والسنة المطهرة وشريعة الله المنـزلة عن منصة الحكم.

إن التمكين لدين الله وعد الله الحق ناله من قبلنا الصالحون، ويدركه كل من سار على دربهم، وعمل بعملهم، فترتفع راية الحق، وتعلو كلمة الله، قال الله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (55) سورة النــور.

إن فكر التمكين يتطلب امتلاك أسباب القوة الإيمانية والمادية، ليظهر دين الله تعالى على الدين كله، قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} (33) سورة التوبة، فتظهر صبغة الله الشرعية على كل شيء {صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ} (138) سورة البقرة.

 وهنا نقف أمام بعض واجبات الجانب الفكري لتحقيق التمكين لدين الله والعمل ليظهر دين الله على الدين كله، ظهور وغلبة، ومن تلك الواجبات:

-  القيام بالواجبات العينية التي تتعلق بأفراد المسلمين والفروض الكفائية التي تتعلق بالمجتمعات الإسلامية أي أنها جماعية الوجوب، التي تحتاجها الأمة في كافة الميادين الشرعية والحياتية، وهي الواجبات الجماعية المقابلة للواجبات الفردية العينية.

-  امتلاك أسباب القوة المادية والمعنوية بما يحقق قوة الأمة ومنعتها، فأمر الله بالإعداد أمر مفتوح، واجب التنفيذ طوال الوقت، قال تعالى: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ} (60) سورة الأنفال.

-  توطين الثروة في بلاد المسلمين، والسعي الحثيث لتفعيل الطاقات البشرية والمادية كل من موقعه وبقدر طاقته، وبحيث لا يوجد مكان للبطالة لا الفكرية ولا القلبية ولا العملية ولا المالية ولا المجتمعية، وإنما يتحرك المجتمع أفراداً وجماعات للسعي الحثيث لإخراج البلاد والعباد من دائرة الفقر إلى دائرة توطين الثروة لا امتلاكها فحسب، وهذا من الأهمية الدينية والوطنية بالمكان العالي، وإدارة النقاشات والأفكار والرؤى والمنتديات حوله وتقديم الخبرات النظرية والعملية بصدده، مما ينبغي الاهتمام به، بما يليق بإنقاذ البلد من الارتهان الاقتصادي.

•  تحقيق الوحدة والاعتصام بحبله: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } (103) سورة آل عمران.. وهنا نلحظ أن الآية تأمر بالاعتصام بحبل الله تعالى، وليس بأي حبل، لا من الداخل ولا من الخارج، ولكن اعتصام بحبل الله، لآن كلمات الله تعالى لا تتبدل في حين تتبدل كلمات الآخرين، وتتغير، وتتبع الهوى، والظلم.

•  قطع أواصر مساجد الضرار، التي تشتت الرؤية والجهود وترصد لمن يحارب دين الله، ولا تقوم بواجبها الشرعي في نصرة دين الله. إن الطبيب الجراح لا يتردد أبدا في استخدام مشرط الجراحة حين يلزم ذلك. وقد نفذ المسلمون أمر رسول الله وأحرقوا مسجد الضرار.

•  المشاركة في صناعة الحياة بالعلم والعمل والمشاركة الفاعلة والحقيقية في صناعة المعرفة لبلوغ أستاذية العالم وقيادته إلى الله تعالى، إن الإستبداد السياسي هو الذي أذلنا وأضعفنا، وقد خرجنا جميعا لإزالته.

•  قيام الأمة بشهادة الحق العملية لهذا الدين القيم وللرسول الكريم، حتى لا نكون فتنة للظالمين أو الكافرين، بقولهم لو كان هؤلاء على الحق لنصروا الحق الذي يحملوه ويعتقد المبطلون أن الإيمان لا ينفع أصحابه، ويرون أنهم على صواب في باطلهم وهي فتنة عظيمة، قال تعالى: {فَقَالُواْ عَلَى اللّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (85) وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (86) } سورة يونس وقال الله تعالى حاكيا دعاء أصحاب إبراهيم عليه السلام: { رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5) } سورة الممتحنة. قال في تفسير الجلالين: أي لا تظهرهم علينا فيظنوا أنهم على الحق فيفتتنوا بنا.

وكلما كان التمكين لأولياء الله أقوى كان صوتهم بالحق أقوى، فعلوُّ مؤمن بالحق علواً لكل مؤمن في الأرض، وكذلك علوُّ فاجر في أي مكان هو علو للفجار في الأرض، ولا حول ولا قوة إلا بالله. قال الله تعالى: {وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} (73) سورة الأنفال إلا تفعلوه فيكن بعضكم أيها المؤمنون أولياء بعض، تكن فتنة في الأرض وفساد كبير، وهذا ما يعيشه العالم اليوم حيث تميزت المدنية الغربية بميزتين أساسيتين: هي القتل الجماعي والقتل عن بعد. وعلى المسلمين أن يتقدموا بالرحمة؛ لينقذوا العالم من بطش الكفرة، وجور الظلمة الطغاة، إن حقوق الإنسان هي الفكر الإسلامي، وهي النص القرآني الذي يوجب تحريك الجيوش لنصرة المستضعفين، قال الله تعالى: {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا} (75) سورة النساء
 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد