;
حسين اللسواس
حسين اللسواس

ظهور صالح واحتمالات عودته آن الأوان لإعلان المجلس الانتقالي 1914

2011-07-17 03:29:36


لم تعد فكرة المجلس الوطني الانتقالي مجرد ورقة ضغط لتحسين الموقف التفاوضي في مباحثات التسوية الدائرة خلف الكواليس برعاية الإقليم والعالم، إذ تحولت بفعل التطورات الأخيرة الى خيار ثوري استراتيجي غير قابل للتراجع أو التسويف.
ظهور صالح في خطاب متلفز واحتمالات عودته، بموازاة حالة التكبيل التي فرضها القائم بأعمال الرئاسة على نفسه، أمور تضع ثورة الشباب المجيدة أمام تحديات مصيرية تهدد بإعادة الفعل الثوري الى المربع الأول مجدداً.
ربما كان تسويفاً حكيماً ذلك الذي لجأت إليه أحزاب اللقاء المشترك في تعاطيها مع مطالب الشباب الداعية إلى تأليف المجلس الانتقالي عقب حادثة جامع النهدين، غير أن صفة الحكمة لم تعد نعتاً لائقاً لأي إمعان في التسويف لاسيما عقب ظهور صالح في خطاب متلفز، إذ بات التحرك الجاد والسريع في خطوة تشكيل المجلس يُجسد ضرورة قصوى ليس لمجابهة التحديات الطارئة فحسب، بل ولتكريس الواقع الثوري كبديل نهائي قادر على قلب الموازين ووضع حد للإصرار الإقليمي والدولي على فرض تسوية لا تلبي الحد الأدنى من التطلعات الثورية.
ورغم أن المشترك قد اتخذ خطوات عملية على طريق تشكيل المجلس الانتقالي إثر صياغته مسودة أولية تتضمن رؤيته لآلية التشكيل، إلا أن غاية الحصول على ورقة ضغط، تجعل المشترك يبدو غير جادٍ في المضي قدماً بخيار المجلس الانتقالي، وهو موقف يضاعف من حجم التحديات المتعاظمة التي تجابه الثورة.
وفق راهن المعطيات، لابد لقوى الثورة من نقلة نوعية تكفل إحداث تحول يوازي ذلك الذي أحدثه الخطاب الصالحي المتلفز، وبالتالي فحتى لو لم يكن المشترك جاداً في اعتماد فكرة المجلس الانتقالي، غير أنه يبدو مجبراً على التعاطي معها بمسؤولية أكبر، لكونها غدت الخيار الوحيد القادر على الحيلولة دون عودة الثورة الى المربع الأول.

عبدربه يبدد آمال المشترك
عقب حادثة جامع النهدين التي أصابت الرئيس صالح وثمانين من قادة ورجال نظامه بحروق بالغة، لم يكن بوسع ساسة الثورة في اللقاء المشترك المخاطرة بتشكيل مجلس انتقالي.
الخشية من تفجير الموقف عسكرياً لم تكن في الواقع باعثاً وحيداً، فالمشترك كان يأمل بحدوث انتقال حقيقي وسريع للسلطة الى الفريق عبدربه منصور هادي بصورة تحقق للثورة هدفها الأول المتمثل بإقصاء الرئيس صالح ورحيله النهائي عن الحكم.
وقتذاك، كان الحديث عن المجلس الانتقالي يُجسّد تقويضاً للتطلعات المشتركية، إذ إن تشكيله سيؤدي بالضرورة الى نزع الشرعية الدستورية عن عبدربه منصور هادي بوصفه قائماً بأعمال رئيس الجمهورية.
ورغم أن عبدربه لم يمارس أي ضغوط على صعيدي الداخل والخارج لنقل السلطة إليه، إلا ان آمال المشترك في تحقيق ذلك الانتقال ظلت حاضرة بقوة، وهو ما أدى لإبقاء مشروع المجلس الانتقالي في ثلاجة الانتظار حتى إشعار آخر.
 الأسرة تستعيد الغطاء الدستوري
الظهور التلفزيوني الأول للرئيس صالح عقب حادثة جامع النهدين، بقدر ما جسد تطوراً مبدداً للآمال المشتركية في انتقال قريب للسلطة الى عبدربه، فإنه جسّد –في الوقت عينه- قرعاً صاخباً لأجراس الإنذار، فالهدف الثوري الأول المتمثل برحيل صالح غدا مهدداً بالإخفاق لاسيما في ظل الشائعات المتناسلة عن عودة مرتقبة للرجل رغم أنه -حسب الخطاب المتلفز والمصادر الديبلوماسية- لم يعد لائقاً من الناحية الصحية لممارسة مهام رئاسة الدولة.

تهديد العودة الصالحية المحتملة لايبدو مقتصراً على إفشال الهدف الثوري الأول فحسب، إذ إن عودته ستمنح الثورة المضادة التي يقودها الوريث أحمد (نجل صالح) وباقي الأولاد في التيم التوريثي، فرصة لمجاوزة انكسارات ما بعد حادثة النهدين والانبعاث مجدداً على طريق استئناف جهود إخماد الثورة الأصلية.

كما ان عودته ستمنح الأسرة الحاكمة الغطاء الدستوري اللازم لتكريس البقاء الدائم بصورة تمكنها من تنفيذ عمليات انتقامية وإنفاذ قرارات إقصائية قد تطال عبدربه منصور هادي، وهو ما يعني حرمان الشعب من أي فرصة سلمية لحجب الشرعية الدستورية عن هذه الأسرة التي لازالت تهيمن على أكثر من نصف الجيش والدولة.
 المجلس الانتقالي ووحدة القوى الثورية
إزاء واقع ناضح بالتحديات كالذي بعاليه، يبدو المجلس الانتقالي الخيار الوحيد القادر على ترجيح الكفة الثورية مجدداً، ليس هذا فحسب، بل إنه يمثل الإجراء الوقائي الأمضى تأثيراً لمجابهة تلك التحديات بما في ذلك محاولات إعادة صالح إلى السلطة.
يؤمن بعض الساسة إن التسوية السياسية ستكون هي النهاية الحتمية للفعل الثوري الراهن، وحسب أرباب هذا الطرح فإن وجود المجلس الانتقالي لايبدو ضرورياً لإنجاز تلك التسوية.
في الواقع، يبدو الطرح الآنف متصفاً بالقصور، إذ ثمة دواع أخرى كثيرة لتشكيل المجلس الانتقالي لا تقتصر على فكرة مجابهة التحديات الأخيرة فقط. فالمجلس سيمنح الثورة فرصة حقيقية وعملية لتوحيد قواها وتكويناتها السياسية والشبابية والعسكرية في تكوين سياسي أعلى قادر على إدارة دفة الدولة إذا ما تمكنت الثورة من تحقيق النصر المستعصي.
كما أنه يجسد ضمانة عملية لتحقيق ما تبقى من أهداف الثورة المجيدة وعدم الالتفاف عليها بموازاة قطع الأمل الصالحي في نجاح الثورة المضادة، وبما أن وجود المجلس يعني بالضرورة نزعاً ثورياً لشرعية النظام المتآكلة، فإن وجوده ايضاً سيجسد تأكيداً عملياً على التصميم الثوري وعدم التراجع عن الأهداف الثورية المعلنة.
تعديل مشروع اللجنة الهزيل
عقب حادثة جامع النهدين، بدا التسويف المشتركي وانعدام الجدية في تشكيل المجلس الانتقالي منطقياً وحكيماً، غير أنه – بعد ظهور صالح وبروز احتمالات ضئيلة لعودته- لم يعد متصفاً بالحكمة والمنطق بتاتاً لاسيما وظهوره –أي صالح- بات يهدد بإعادة الثورة إلى مربعها الأول مجدداً. وبالتالي يتعين على ساسة الثورة في المشترك إدراك حجم المسؤولية التأريخية الملقاة على عاتقهم بصورة تُفضي إلى التعاطي بجدية مطلقة مع مطالب الثوار الداعية الى مجلس انتقالي.

ولكي يكون المشترك جاداً في التعاطي مع مطلب كهذا، ينبغي عليه ان يشرع فوراً في تعديل المشروع الهزيل الذي تقدمت به لجنة «قحطان-المخلافي» بصورة تكفل تقديمه في قالب يرقى لمستوى التطلعات الثورية ويحقق تمثيلاً عادلاً لمختلف القوى الثورية والوطنية.

 الانتقالي بين التسوية وإسقاط النظام
يظن البعض ان المجلس الانتقالي سيباشر مهام السلطة فور تشكيله، والواقع يقول إن التشكيل لن يُجسد سوى خطوة عملية أولى نحو الانتقال المرجو للسلطة، وعليه فالمجلس سيستهل أعماله ببحث كل الخيارات والوسائل الكفيلة بتحقيق ذلك الانتقال عملياً.

بالطبع لن يكون المجلس دائماً إذ ستنحصر مهمته في أحد أمرين، إما استئناف جهود إسقاط النظام وقيادة الثورة نحو الانتصار ومن ثم شغر فراغ السلطة والتحول الى قيادة عليا مؤقتة للدولة تنتهي مهمتها بوضع دستور جديد وإجراء انتخابات رئاسية ونيابية (التحول من الشرعية الثورية الى الشرعية الدستورية)، وإما الضغط على بقايا النظام والمجتمع الدولي بهدف إنجاز تسوية سياسية تحقق أدنى التطلعات الثورية (إقصاء صالح وأسرته وإبرام اتفاق شراكة مع المؤتمر الشعبي العام).

تعزيز الموقف التفاوضي للمشترك
في شأن المجلس الانتقالي، تبرز مخاوف عديدة ناجمة عن اعتقاد البعض أن تشكيله يجسد عقبة كبرى في طريق إنجاز أي تسوية سياسية تحقق الحد الأدنى من التطلعات الثورية.

واقع الأمر أن تشكيل المجلس لا يعني بالضرورة الوصول الى مرحلة اللاعودة، إذ ستظل خيارات التسوية قائمة غير أنها لن تكون بين أحزاب كما هو الحال في المبادرة الخليجية، إذ ستكون التسوية بين مجلس الثورة الانتقالي من جهة ونظام صالح من جهة أخرى، وهو تموضع ندّي حقيقي يعزز الموقف التفاوضي لساسة الثورة في أحزاب المشترك ويجعلهم الطرف الأقوى نظرياً وعملياً.

وبالتالي فالمجلس الانتقالي اما ان يكون سبباً في انتاج التسوية المتعثرة بصورة تحقق أدنى التطلعات الثورية (إقصاء صالح وأسرته مقابل بقاء المؤتمر الشعبي كشريك)، واما ان يسعى المجلس الى حسم الموقف ويشرع في التحرك خارجياً بهدف الحصول على اعتراف إقليمي (قطر قد تكون أولى الدول المعترفة) ودولي كخطوة أولى على طريق البدء في ممارسة سلطات الدولة.
حينها لن يكون في وسع النظام الأسري سوى تقديم التنازلات التي يرفض تقديمها حالياً، او الدخول في مواجهة يدرك تماماً انه سيكون الطرف الخاسر فيها.

 وماذا بعد؟
تبدو رهانات المشترك على الإقليم والعالم في إحداث الانتقال السلطوي المتوخى عرضه للتداعي والانهيار.


أميركا والسعودية، بوصفهما محور الثقل، لا تحبذان انتقالاً على حساب نفوذ ووجود الأسرة الحاكمة (الأولاد)، فحتى وان ساندتا خيار إقصاء صالح، غير انهما بالمقابل تؤيدان انتقالاً يحفظ لهذه الأسرة وجوداً نصفياً في التركيبة القيادية لنظام ما بعد التسوية، وهو موقف مناوئ للأهداف الثورية يمكن أن يُسقط أي رهانات في دعم الدولتين لأي خيار يحقق الحد الأدنى من التطلعات الثورية.

بوسع خطوة استثنائية كتشكيل المجلس الانتقالي إحداث تحول يساهم في دفع الإقليم والعالم لإعادة النظر في نهج الإسناد اللا مرئي للأسرة الحاكمة، وتكثيف الضغوط لدفع هذه الأسرة إلى مربع الرضوخ والتنازل.

ربما كانت فكرة المجلس الانتقالي بحاجة لمزيد من الإثراء والدراسة، وربما جرى تصنيفها من قبل البعض كضرب من المبالغة واللا واقعية، وربما كان مجال الرؤية لدى ساسة الثورة في المشترك يُرجح إخضاعها لفاصل من التأني والتأجيل، غير أنها –في المجمل- تظل ورقة الرهان الرابحة والنقلة النوعية الاستراتيجية القادرة على إعادة الزخم الثوري ودفع الأمور باتجاه حل نهائي يضع حداً لمعاناة الشعب ويحقق للثورة أدنى التطلعات المنشودة وكفى!
حسين اللسواس al_leswas@hotmail.com

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد