يوم عن يوم ومن يسمي نفسه نظاماً أو سلطة على شعب مذبوح يثبت لنا أنه ليس سوى حاكمٍ جلادٍ لا يوجد لديه ما يقدمه ويجود به لشعبه الذي أوصله بعد ثلاثة عقود – بسياسة التجويع والقمع- إلى أفقر بلدٍ في العالم العربي، غير الدم والقتل، ويعمل جاهداً على أن يقنعنا نحن اليمانيين أنه كريم معنا حد السخاء والبذخ في القتل والسحل والتعذيب والاختطاف، كيما نخرج نحن الشعب إلى الشارع ليرقص على أشلاء إخوة وأخوات لنا، خرجوا ينشدون الحرية والكرامة، حاملين معهم الورود وبين أكفهم أرواحهم الطاهرة.. يرقص على أشلاءهم وهو ينظر إليهم يتراشقون بدمائهم بدلاً من أن يداعب بعضنا بعضاً كالأطفال حين يتراشقون ببالونات المياه الباردة.. نعم يريدنا هذا النظام أن نخرج بعد هذه المجازر نهتف للزعيم الهُمام والقائد المغوار..
حقاً إنك زعيم عصابة بامتياز؛ ليس لأنك تمارس وتوجه بقتل فتيات وفتيان أبرياء فحسب، بل لأنك قد أحسنت هذه المرة في إيكال المهمة إلى ثلة من ذوي الخبرة والكفاءة في تقديم الوجبات اليومية من الدم المسفوك والأجساد المقطعة لنا وللعالم أجمع، بطريقة هي الأشنع جرماً والأبشع فداحة، تجعلنا نفتخر ونعتز ونحن نقف صفاً واحداً أمام مجلس الأمن ومحكمة الجنايات الدولية نصرخ بأعلى صوت معترضين على محاكمة أو قتل قاتلنا المفدى، ونقول لهم بكل جرأة وثبات: لن نقبل أي ضمانات أو حصانات إن لم تكن مصحوبة بملايين التوابيت والقيود والزنازين كي نساق إليها نحن الشعب ليبقى زعيمنا وجميع معاونيه طلقاء يمارسون كل هواياتهم وجبروتهم وطيشهم بهدوء وسكينة دون أن يسمعوا كلمات أو عبارات قد تضايقهم وتعكر نشوة مزاجهم التي لم يصلوا إليها إلا بعد عناء وبراميل من الدماء.
إذاً من استباحة هذه الأجساد الطاهرة والدماء الزكية يستمد النظام – في بلد يعاني فيه طفل من بين كل ثلاثة أطفال من سوء التغذية– شرعيته كي يحكمنا نحن الأحياء بذل وقهر وقتل إن خفتت أصوات الحرية والكرامة والديمقراطية والمواطنة المتساوية.. وأمام هذه الشرعية التي يزعمها نظام حتم على كل إنسان حر وبشرٍ سوي يعيش في هذا البلد – الذي ينام ثلث شعبه يومياً وهم يتضورون جوعاً بحسب آخر تقارير الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة- أن يصعد نضاله حتى نزيح هذا الجاثم على صدورنا، المصوب بندقيته على أعناقنا منذ زمن بعيد وفاءً لتلك الأرواح الطاهرة التي ستتحول إلى أشباح تلاحقنا إن ارتضت ثورتنا غير النصر أو الشهادة.
* مرايــا:
بكل صفاقة خرج علينا وزير الصحة أمس الأول بتصريح يبلغنا فيه أن "34%" من الأطفال في اليمن يموتون نتيجة الإسهالات الشديدة الناتجة عن تلوث المياه وعدم العناية بالنظافة.. طبعاً هذا التصريح جاء بمناسبة "اليوم العالمي لغسل اليدين".. هذه المناسبة جاءت في وقت تغتسل الحكومة اليمنية يومياً سبع مرات بدماء أبنائها.
أقول للوزير: دعك وتلك الإسهالات في التصريحات وعليك أن تدرك أن المحافظة التي تنتمي إليها وهي حجة تعد واحدة من أفقر أربع محافظات في اليمن المذبوح وأن معظم الناس أصبحوا غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية.. لذا عليك أن تصمت، خير من أن تقرف مسامعنا بالحديث عن أهمية غسل اليدين، وانتم تغتسلون صباح مساء بدماء القتلى والجرحى.