لا يجادل أحد بأن الثورة التونسية تلهم اليوم الشعوب الثائرة دروس العزة والكرامة وترسل إلى الشعوب نداء الشرف والإرادة الذب بسببه قامت ثورات في عديد من البلدان العربية التي انتصرت فيها ثورتها والتي ما زالت تكافح وتنافح وتقارع حاكمها الذين ظنوا أن سلاحهم كاف لقمع الثورة التي ما زالت متوهجة دون أن يدركوا أن الزمان لم يعد زمانهم بل زمن الشعوب الباحثة عن الحرية الطامحة بالعيش الكريم والعزيز وها هو الشعب اليمني العظيم هو الآخر على وشك أن يسقط نظاماً من أعتى الأنظمة في العالم بعد ما يقارب من عشرة اشهر من قيام ثورة الحادي عشر من فبراير المباركة. و ها نحن نتابع ثورات تنطلق هنا وهناك وها هو الشعب السوري الذي صبر على حاكم أربعة عقود لا يستطيع أن يعبر عن رأيه قد بدأ في مسايرة الثورات العربية التي يبدو أنها لن تهدأ هذا العام إلا إذا تلافت بعض الأنظمة أخطاءها وبدأت بإصلاحات فورية وخصوصاً بعض الأنظمة الحاكمة في بعض البلدان وقبل أن تتطور الأوضاع إلى الأسوأ، لأن بعد ذلك لن يفيد الإصلاح ولن تسمع الشعوب لقادتها كما حصل في مصر وتونس وليبيا، كما ويجب على القادة العرب أن يعوا الدرس جيداً، فهذا لم يعد زمنهم زمن القائد الفذ و الفرد الأوحد بل يجب أن نقول لهم عفواً إنه زمن الشعوب، كما عبر عن ذلك أحد الكتاب.
صحيح أن شعوبنا العربية سرقت أحلامها وأجهضت أمنياتها وتملك أمرها من لا يخافون الله فيها، بحيث كانت حصيلة حكمهم سنوات من العذاب والحرمان وعقود من التركيع والاستبداد دون توقف منهم في نهب أموال الشعب الذي يصيح من العيش غير الكريم الذي جعله مسخرة الشعوب إينما حل أوارتحل.
إلا أننا ومع هذا الواقع الأليم استيقظ شعبنا على حلم جميل وبزغ فجرجديد أشرقت شمس الحرية فيه ليثبت للعالم أنه كان وما زال وسيبقى شعب الإيمان والحكمة الذي يعشق الحرية ويأبى الضيم حتى ولو على كان في ذلك على قطع رقبته وسفك دمه.
اليمن هذا البلد العظيم الذي الذي ماكان أحد يتوقع أن يثور للثلاثة والثلاثين عام التي رضخ فيه تحت وطأتها وتجرع خلالها كؤس الذل والمهانة وذاق بين ثناياها صنوف الغطرسة والحرمان ها هي تثبت الأيام أنه شعب عصي على الانتقاصً من كرامته و من شجاعته وإن كان الظلم والاضطهاد الذي تعرض له يتجاوز عنان السماء، لتشهد أمتنا ميلاد جيل جديد بعدما ظن الجميع أن هذا الجيل جيل تائه و ضائع لا هم له إلا ما ظهر من بهارج الدنيا ليصدق في هذا الشعب العظيم مقولة الشابي 'إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر' ليس مجرد هواجس خطرت ببال ثائر ذات يوم، فهي تتحقق فعلاً ثورة يقوم بها جميع فئات الشعب صغيرهم وكبيرهم رجالا ونساء، وثورة اليمن كما مصر وتونس وليبيا وسوريا ثورات جاء توقيتها في الوقت الذي كان معظم العرب قد بدت عليهم علامات اليأس و الإحباط جراء المؤامرات التي تتعرض لها الأمة العربية والإسلامية و دون أن يحرك حكامها ساكناً مع أنهم احدى أدوات المخطط الأمريكي الصهيوني في تفتيت الأمة و جنود مسخرين لإنجاز المخططات الشريرة التي تدبر لأمتنا صباحاً و مساءً.
من يتابع أحداث الوطن العربي من محيطه إلى خليجه يعرف أن سنة 2011 ستكون سنة استثنائية بكل المقاييس وعلامة فارقة في تاريخ العرب. لماذا ؟ لأن الزمان ببساطة لم يعد زمن الحكام وإنما زمن الشعوب، فهل سيفطن هذه الحقيقة وسيعقلها من ما زال يراهن على الحلول الأمنية واصفا بأن قواته عددا وعدة اكثر من قوات خصمه الذي خرج بصدره العاري، مطالباً برحيله وأسرته الذين جثموا على شعوبهم عشرات السنين على حين غفلة منه خلال التاريخ، فكدسوا الأموال دون رقيب أو حسيب، وأقاموا لأنفسهم وأسرهم إمبراطوريات في دون أدنى وجه حق، إلا أنهم كانوا يظنون أن العالم لهم ولأبنائهم من بعدهم، ولكن أنى لهم أن يفلتوا من شعوبهم التي اصبحت اليوم هي من يصنع القرار فيهم وأمثالهم ومن سيأتي من بعدهم إنها بركات الثورة المباركة، فكم أنت عظيمة ياثورة اليمن
وهنا أتساءل لماذا يتعامى الحاكم في اليمن عن رؤية الملايين المعتصمة والمحتشدة في مسيراتها ومظاهراتها المطالبة برحيله، وهل كان صالح صالحاً للحكم كي تنتهي صلاحيته مع قيام الثورة اليمنية المباركة، لماذا يريد حكم شعبٍ زلزل الأرض من تحته،، ألا يسمع أصوات ملايين اليمنيين الهادرة وهي تطالب برحيله، لماذا كغيره من الرؤساء الساقطين والمتساقطين يعمل بمبدأ أقتلكم أو أحكمكم، ألم تصبح البلاد بفضل قيادته الغشيمة دولةً فاشلةً بامتياز سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، ألم يفرط في السيادة الوطنية، ألم يسمح لدولٍ أجنبية بانتهاك الأجواء والأراضي والمياه الإقليمية للبلاد وقتل المدنيين، ويردد فاتكم القطار في دولةٍ بلا قطار، لا نستغرب مثل هذا التغابي لأنه كبقية الطواغيت كلما رفض الشعب في وجوههم تظاهروا بأن السماء تمطر، لقد سقط كل شيء حتى المؤيدون له من هواة الدفع المسبق لم يعودوا كما كانوا وأكبر دليل أن الفضائية لم تعد تعبأ بتغطية السبعين لقلة المتوافدين عليها، فأين قولهم بأن عدد الذين يؤيدونهم بحجم الذين يعارضونهم أو أكثر.
همسة في إذن من يهمه الأمر
رحيلك -لو فطنت-هو الصواب .(يُخَفّ به عن الناس المُصابُ
سنينك في الولاية، لو أقيمت (على الإنصاف ما نزل العقابُ
سنينك أجحفت بالشعب حتى (بدا من حاله العَجَب العُجابُ
نصيب الناس فيها كان وهماً(فلا برقٌ يلوح ولا سحابُ
لهم منها القشور على انكسار (وفقر مُدقع، ولك اللّبابُ
بأية حجة – بالله- تلقى (إلهك حين ينكشف الحسابُ
هو اليمن السعيد فكيف أمسى (شقياً؟ ماله في العدل بابُ
وكيف تراكمت فيه المآسي (وطال الحزن وانثنت الرقابُ
هو البلد الغني فكيف عانى (معاناة تحس بها الهضابُ
وكيف أصابه فقرٌ شديدٌ (وصَرْصَرَ فيه للأحداث نابُ
رحيلك مُنْقِذٌ للناس فارحل (لكيلا يشعل الحطبَ الثقابُ
أبعدَ القتل تطمع في مقامٍ (وترجو أن يعز لك الجنابُ!!
أمامك عبرةً كبرى، رجال (على طغيانهم شبوا وشابوا
تناوشهم قضاء الله حتىٌ(تلاشوا واختفوا عنا وغابوا
لقد بلغوا النهاية في التجني (وظلمِ الناس، فانكسروا وخابوا
أقول وقد تتابعَ فيك نصحي (ولا شكُّ لديّ ولا ارتيابُ
لقد كمُل النصاب فكيف تبغي (مزيدا بعد أن كُمل النصابُ
خطابك - لو علمت - خطاب وهمٍ (وكيف يصح بالوهم الخطابُ
هو اليمن السعيد يظل رمزاً(بحكمته وإن نعق الغرابُ
هو اليمن السعيد يقول قولاً (سديداً لا يخالطه اضطرابُ
لقد فات القطار فلا مجيءٌ (إلى ما تشتهيه ولا ذهابُ