;
عبد العزيز المقالح
عبد العزيز المقالح

الحزبية في العالم الثالث 2161

2011-12-17 03:35:11


حتى لا يتهمني أحد من القراء -بما سوف أستعيره من رأي ينتقد الأحزاب- أنني معادٍ للحزبية والأحزاب أو أنني من أنصار رافعي الشعار المضحك "من تحزّب خان"، والشعار الاتهامي "الحزبية تبدأ بالتأثر وتنتهي بالعمالة"، فإنني أعلن على الملأ أنني مع الأحزاب ومع تداول السلطة سلمياً، وأنني لذلك الهدف كنت قد التحقت بأحد الأحزاب وعمري لا يتجاوز التاسعة عشرة إيماناً بأهمية التحزب ومشروعيته حين لا يكون تعصباً وإنما وسيلة للتغيير ودفاعاً عن الحرية والعدل، وإيجاد حياة جديدة متطورة لأبناء الوطن، كل أبناء الوطن على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم . وإذا كنت كغيري ممن انتموا إلى أحزاب قد عانوا من أعداء الحزبية الكثير، كما اكتشفوا داخل أحزابهم وخارجها ما لم يكن في الحسبان بعد ما آلت إليه الحزبية في الوطن العربي من تشرذم وانقسامات، والأخطر من ذلك كله تحول الحزبية المعارضة إلى سلطة مستبدة، عكست تشرذم الشعب وانقساماته، فإنني مازلت حريصاً على بقاء الأحزاب واعتبارها شكلاً من أشكال العمل السياسي المدني، بمفهومه المعاصر، شرط ألا تتكاثر، وألا تصل كما هي الحال في مصر العربية إلى خمسمئة حزب، حسبما روى ذلك أحد الكتّاب .
وبعد هذه التوطئة التي أجزم أنها سوف تحميني من ردود أفعال الاستئناس بهذا المقطع من نص شعري بالغ السخرية بأحزاب العالم الثالث والنص للشاعر الأرميني "فوفهانيس كريكوريان"، ومما جاء فيه: “الحزب الأول يحب الشعب وهو يناضل بحماسة كي يرفع من مستوى معيشة الشعب، الحزب الثاني يحب الشعب كثيراً وهو يناضل ضد الحزب الأول بحماسة كي يرفع من مستوى الشعب، الحزب الثالث يحب الشعب كثيراً جداً، وهو يناضل ضد الحزبين الأول والثاني بحماسة كي يرفع من مستوى معيشة الشعب، الحزب الرابع يحب الشعب أكثر من الآخرين وهو يناضل ضد الحزب الأول والثاني والثالث بحماسة كي يرفع من مستوى معيشة الشعب، وها هو الشعب البائس بالكاد يُرى بين الأكاليل الأنيقة مغلقاً عينيه إلى الأبد، وهو الذي لم يبق منه سوى العظام وهو محاط بحب الأحزاب الشامل".
وأعود إلى ذلك الكاتب الذي أشار في مقالة له إلى أن في مصر (الجديدة) الآن ما يقرب من خمسمائة حزب تتنازع على الانتخابات الأخيرة، وقد أضاف إلى قوله إشارة مهمة تقول إن الولايات المتحدة الأمريكية ليس فيها سوى حزبين فقط، وإن بريطانيا ليس فيها سوى حزبين ونصف حزب فقط، وهو يعني بذلك المحافظين والعمال والأحرار، وإن كانت هناك ملاحظات جوهرية على هذا القسم السياسي الحزبي الطبقي في دول الغرب الرأسمالية الكبرى، هو غياب أحزاب الطبقات الفقيرة والفئات الوسطى، بل وحصر نشاطها على كل الصعد بما فيه إمكان وصولهم إلى المؤسسات التشريعية، ولعل كثرة الأحزاب في العالم الثالث كعدمها تماماً، إذ تجعل همها الأول الصراع في ما بينها والانتقام من بعضها، ويكون الشعب في مثل هذه الحالات آخر ما تهتم به فقد انصرف جهدها كله في منافسة خصومها والإثبات بالقول لا بالفعل أنها تحب الشعب وتعمل من أجله أكثر من بقية الأحزاب، وتجعلنا دوماً نتذكر المقطع البديع السابق للشاعر الأرميني الذي استطاع بذكاء وبأسلوب غير مباشر أن ينقد الأحزاب في بلاده كأقسى ما يكون النقد .
إننا في الوطن العربي بحاجة إلى أحزاب تقوم على برامج واضحة تهدف إلى مصلحة الشعب أولاً وإلى رفع مستواه المعيشي والتعليمي والثقافي، وإلى وضع مناهج علمية تتجسد من خلالها الإنجازات المرحلية، فلا يكتشف الشعب أنه بعد عشرات السنين مايزال يراوح في مكانه ويرزح لا تحت أعباء المشكلات القديمة فحسب، وإنما تحت أعباء مشكلات جديدة أيضاً.. وإذا كان لابد من الاختلاف فليكن موضوعياً وهادفاً وبعيداً عن القضايا الشخصية، سواء أكانت خاصة بالحزب نفسه أم بأعضائه .

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد