انتقلت الأستاذة القديرة/ فاطمة العاقل إلى رحمة الله، الإنسانة الخيرة، رائدة العمل الخيري في بلادنا.. ارتحلت عنا في هدوء وصمت وهي التي تضج أعمالها الكثيرة بالعطاء والتفرد.. أسست للكفيفات دار الأمان، فهو مأوى ومدرسة وهو عمل نوعي لم يسبقها إليه أحد.. يخدم شريحة هامة قد لا يشعر بها من متعهم الله بنعمة البصر.. إنها فاطمة المبادرة، هكذا يرحل عنا الخيرون في صمت ووقار.
التقيت فاطمة العقال قبل عدة سنوات وأجريت معها حواراً لمجلة المنال التي تصدر عن مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، زرت دار الأمان للكفيفات وقضيت معهن ساعات ثمينة لن أنساها، كن من مختلف الأعمار حتى الرضيعات منهن، تعلمت خلالها قيمة الإبصار وقيمة الحياة بنعمة البصر، كما تعلمت كيف تولد الإرادة، الدار وفرت الخدمة والرعاية والتعليم بطريقة برايل.
العمل الخيري في بلادنا ليس مجالاً جاذباً لكثير من القادرين من رجال المال والأعمال وذوي القدرات والمتخصصين في المجالات الإنسانية، بل يفضل من لديه مال توزيع الصدقات في الشهر الكريم "رمضان"، وبصورة تقليدية غير حضارية.. مبدأ التطوع نفسه من أجل الأعمال الإنسانية الخيرية غير مألوف كما هو في العالم الآخر، لأن الجميع يتوقع المقابل المادي إن العمل المأجور بحكم الظروف الاقتصادية لا تسمح في كثير من الأحيان بالتطوع.. إلا أن قلة من الخيرين هم الذين عرفوا كيف يعملون عملاً مأجوراً مع الله.. حيث عنده توفى الأجور وما عند الله خير وأبقى.. وأنها تجارة لن تبور.
أتمنى على القائمين على دار الكفيفات "الأمان" دار السيدة/ فاطمة العقال أن تظل الشمعة مضيئة كما أوقدتها – الرائد الأولى- لتملأ نفوس الكفيفات بالأمل والطموح، كما أتمنى أن يكون لهذه الدار فروع في المحافظات، فهناك من ينتظر ويأمل.
العمل الخيري الإنساني في بلادنا لابد أن يجد التشجيع اللازم لينمو ويكبر ويصبح سنة حسنة، خاصة في ظل هذه الظروف الصعبة التي يعاني منها كل الشعب اليمني ويحتاج فيها إلى التكافل الاجتماعي وإلى التماسك المجتمعي أكثر من ذي قبل وهنا تبرز قيم الناس الخيرين ومعاناتهم.
رحم الله السيدة الفاضلة/ فاطمة العاقل التي عرفت بريادتها لأعمال الخير وتسخيرها لوقتها وجهدها من أجل المحتاجين، لأنها جربت الإعاقة وعانت وعرفت احتياجات النساء الكفيفات.. لذا استحقت بجدارة لقب رائدة العمل الإنساني الخيري، نأمل أن تنجب بلادنا نساء أخريات في نفس مستوى بنت العاقل، من حيث إيمانها بقضيتها وصدقها في خدمة المحتاجين.. رحمها الله وأسكنها فسيح جناته.
محاسن الحواتي
رحم الله صناع الخير.. 1928