في لحظة لاوعي تتصور أن الوطن هذا لك ولكل الناس وأنه وطن ككل الأوطان قابل ليحتويك ويضمك ويمنحك إحساساً بالأمان وشعور عارم بالدفء والحب في تلك اللحظة التي لم يكن الآخرين شركاء معك أميتها".. تبتسم وحدك تنتزع من آلامك فرحة ومن البؤس الجاثم حولك حلماً.. سيظل حلماً إلى الأبد وأنت تعلم ذلك.. في تلك اللحظة تتوسد حزنك وتمضي في ألق رائع بأن الوطن لك ولكل الناس يحتويك ويضمن كرامتك المبعثرة.. في تلك اللحظة لن تكون أنت.. أنت.. بل آخر مهوس بالمستحيل.
× في وطن كهذا لا تشعر قط أنه لك لأنه حين يحتيك يقبض أنفساك من تلفظ آخر نفس لأن الوطن قطعة أرض بيد الجلادين وقصة ثورة وموارد لا تتجاوز أيديهم مهما كبرت أو صغرت أما البشر فهم مادونهم.. ما تحتهم.. ماليس منهم.. من لا يستحقون!!
إذن كيف عشنا كل تلك العقود ثورة من هؤلاء؟ قد تكون لطيبتنا، وسذاجتنا بعض العذر لكنا كنا خارج وعي"الصح" وبعيداً عما ينبغ أن يكون.. قد يكون لجلهنا، عذر أو سبباً في سلبنا حق "الهدرة" ورفض الأشياء التي لا تتسق مع كرامة الآدميين، لكنا كنا نخاف البطش، نخاف الموت على كرسي التعذيب، نخاف السلخ بسكين صدئة، كنا ننتظر الفجر ولم نحدد بعد أي ساعات هي ساعات الفجر المرتقب.
× وطن يسرقه، يحرقه بلاطجة الزمن الأغبر، ليس لنا لا شك وطن ينام على فجيعة ويصحو على كارثة هو وطن لا قلب له لا عقل له.. وطن يرسم مستقبله الجهلة بلون الدم.. هو وطن العاقين، المجرمين، الظانين بالبسطاء ظن السوء.. هو وطن آخر غير الذي نعرفه غير الذي حلمنا به ذات لحظة خرقاء.
× وطن يتساوى فيه مثقفون وغير المتعلمين، فهم يقفون معاً كل يوم أمام "المقوت" يساومهم ويساموه وفي آخر المطاف الكلمة الفصل هي للمقوت.. فهل هذا وطن يسمح بالحلم الأجمل؟ هل هذا وطن أردناه لأنفسنا؟.... وطن تحتفل شوارعه بالأوساخ وأهله متكئون في المجالس يخزنون ويتحدثون عن الأزمة المالية في أوروبا وعن الانتخابات الرئاسية. وطن كهذا لا بد أن يلفظ أبناءه ويلقنهم درساً في الأخلاق والدين.. أو يركلهم ركلة حمار وإلى الأبد..
× هذا الوطن مرتع عنف.. لكل مواطن "بندقية وآربي جي" ولا بأس أن أمتلك الدبابة.. والقبيلة لها أن تمتلك جميع أنواع الأسلحة، أليست دولة؟ إذن فليسقط قول الساسة بأنه بلد نظام وقانون ولا يتبجح أحد منهم بعد اليوم ويتحدث عن دولة النظام والقانون التي لم تخلق بعد في اليمن ولن تخلق مادام الوطن قبيلة، مادامت كل القبائل ترتهن إلى الشيطان.
× وطن لا يحفظ كرامة أحد.. وطن مشباح حتى العظم هو للأشرار ولمرافقيهم وأتباعهم، أبشع صورة لوطن يوأد والمتفرج نحن!!.
محاسن الحواتي
وطن ليس للجميع.. 2100