لا تحتاج الولايات المتحدة لكل هذه الحيل الهائلة التي تتبعها لتستولي على ثروات العالم الغلبان وعلى مناطق النفط بالذات وليست بالضروري امتطاء الذرائع والحُجج كحقوق الإنسان وحقوق الأقليات والمهمشين والمعوقين وغيرهم، بالإضافة إلى تصدير الديمقراطية للعالم المتأخر غير الديمقراطي.. كل هذا لا تحتاجه الدولة العظمى لاجتياح الشرق الأوسط واستعماره من جديد وما كان ينبغي أن توسع من رقعة تنظيم القاعدة بهذا الشكل وتجعله بعباً لكل الكرة الأرضية لتغزو كل المعالم.. فهل نحن نتحول بفضل أمريكا وعملائه في اليمن تتحول تدريجياً إلى أفغانستان أخرى ففجأة ينمو تنظيم القاعدة بشكل غير عادي وبهذا الكم من المقاتلين كالسرطان، أنني أشك في ذلك وأشك في أن كل هؤلاء الذين يقتلون الأبرياء ويحتلون الموت وينهبون المؤسسات الحكومية هم من تنظيم القاعدة!
لأن القاعدة لها أسلوبها في القتال المختلف تماماً عن هذا الأسلوب التقليدي الأحمق والذي لا صلة له بأهداف أمريكية أو غربية.. ولأن تنظيم القاعدة يتبنى كل عملياته ويعلن ذلك.. لكن وكما يعرف الجميع هناك أياد خفية وتكاد تكون معروفة هي التي تلعب بأمن واستقرار اليمن ولا تريد للمشهد السياسي السابق ان ينتهي بل يبدأ ثانية بدموية بالغة لا نهاية لها.. "نحن ومن بعدنا الطوفان"! .
عودة إلى أهداف الدولة العظمي في الشرق الأوسط.. فهي أولاً تبحث عن عملاء أو أصدقاء كما تسميهم – ونعم الأصدقاء - تعرف خلفياتهم، تاريخهم، معاناتهم، ظروف حياتهم، نواح الضعف والقوة فيهم ومن ثم تحدد كيف ومتى تكون أرواحهم.. كما أنها تهدف للعمل مع حكومات وأنظمة هشة تسهم هي في تصعيدها لتسهيل وتمرير كثير من القضايا والموضوعات، الشيء الآخر توظيف التناقضات، التضادات، والخدمات والصراعات و... الخ توظفها لزعزعة الأمن والاستقرار وعند الضرورة كل أو بعض هذه الصراعات تبرز وتغذي لتمثل تحدياً للسلطة وللمجتمع.. وفي سعيها للحصول على نفط الشرق الأوسط تفعل الكثير والكثير، فقد أفزعت العرب من إيران وزرعت القواعد العسكرية في كل مكان ووضعت أقدامها على المنافذ الهامة.. فهل الولايات المتحدة راعية سلام؟ الإجابة (رحم الله الزعيم الخالد جمال عبدالناصر).
لن تحتاج الولايات المتحدة هذا الكم من الأموال لتدفعها في الشرق الأوسط لأن المنطقة قابلة للتفكك وهذا ليس تشاؤماً ولكن لأن معطيات الواقع تقول ذلك فقط هي الدولة العظمي وحليفاتها الأوروبيات يدفعن بتشريع عملية التفكيك لأن الحكومات العربية أو معظمها كانت تقوم بدور المخبر للولايات المتحدة – وهي التي ساهمت في إنفلات المنطقة وخلق حالة من الضعف والهشاشة والانحسار القومي إذا جاز التعبير رغم الثراء المادي.. فالدول التي تصدر عصب الحضاري "النفط" يمكنها أن تكون دولاً عظمى، لكنها لم تفعل لأن ملفها لدى الدولة، العظمى الوحيدة مفتوح على مصرعيه وفيه كثير من الجوانب المظلمة والسرية ولأن غيرها هو الذي يحدد المصالح وما يكون!!
الثورات العربية التي اجتاحت المنطقة، البعض يتهم أمريكا والدول الغربية بالوقوف ورائها إلا أننا نرى ان حالة الغيب والفساد والتهميش والفقر وغيره هي الدوافع الأساسية ثم يأتي عامل الدعم الخارجي مع أن أمريكا لو كانت تدري أن هذه الثوارت ستأتي بالإسلاميين إلى الواجهة لكانت وقفت ضدها.. لكنها وجدت نفسها أمام معطيات غير متوقعة وما عليها إلا التعاطي معها.
قد يكون للولايات المتحدة الآن أجندة أخرى حول كيفية التعامل مع حكومات ذات توجه إسلامي وسلطة غير مرغوب فيها وسلطة بها متشددون هم أعداء الديمقراطية والغرب عموماً.. تحتاج لخطاب سياسي وتنموي جديد، كما أنها ستسهر لتفكيك المفكك في المنطقة لأنها لا تعي أنه مفكك أصلاً!!.
محاسن الحواتي
تفكيك المفكك! 2008