لمعرفة ما يجب علينا فعله،للتخلص مما نحن فيه، والسير نحو المستقبل الأفضل الذي نسعى إلى تحقيقه، لابد علينا من قراءة الماضي، واعني بذلك الماضي الممتد من الثورة إلى الثورة، من سبتمبر إلى فبراير، والتأمل في تلك المراحل التي مر بها، وما فيها من تحولات، وما أنتجته من أحداث قاسية،وقصص مأساوية، صِيغتْ بالدماء،ومشاهد تراجيدية مؤلمة، نفذ أدوارها القادة العسكر والساسة، وخشبة المسرح هو الوطن شمالاً وجنوباً، والشعب ـ سواءً كان متفرجاً أومن ضمن الكمبارس ـ هو الذي تحمل النتائج،ودفع الضريبة، وهو المتضرر الأول والأخير، بما خلفه هؤلاء القادة،وما ترتب على ذلك من نتائج أعاقته عن النهوض والسير في طريق التقدم والنماء، أما هؤلاء القادة فكل واحد منهم قد رسم نهايته حسب الدور الذي اختاره لنفسه، ولما زرع جنى، والجزاء من جنس العمل؛والقصد من هذه القراءة هو أخذ العبر من تلك المراحل،وما فيها من الأخطاء التي يجب أن نتنبه لها ونحذر منها،والخروج بمعلومات كافية نتعلم منها ما يفيد...ليس إلا..
ونحن اليوم وبعد هذه الثورة السلمية المباركة التي حققت أكبر الانجازات بإسقاط نظام الفرد، والأسرة،والعائلة، وأعادت للجمهورية روحها،وللوحدة قوتها وعزتها، فما علينا إلا أن نقول:تلك أسرة،أو عائلة،أو زمرة،أو نخبة، أو عصابة....قد خلتْ لها ما كسبتْ، وعليها ما اكتسبتْ،وعلينا أن نتجاوز تلك الصفحة،ونطوي كل ما خلفته من الأخطاء والسلبيات التي أنهكت الشعب والوطن بما أنتجته من الصراعات الداخلية، والحروب الأهلية، والطائفية، والمناطقية،.....إلخ والتوجه إلى المستقبل والسعي إليه بقلوب بيضاء، وأيدٍ نظيفة،ونفوس قوية صادقة،وعقول تحررت من كل أدران الماضي وشوائبه،وندرك جيداً أن سب الماضي أو التباكي عليه أو التعصب له أو ضده لا يسمن ولا يغني من جوع؛ وعلينا التفاؤل والعمل لما سيأتي بالحب،والتسامح،والتكاتف،والتعاون، والتماسك،والتراحم،والتناصح والإيثار والإخاء... فان العمل بالعزم وقوة الإرادة وصدق المحبة والإخلاص؛ هو الذي يبعث القوة ويبني الوطن ويحمي سيادته،ويحفظ كرامته،ويشيد له الأمجاد؛ ويصنع له التميز والشموخ والعزة بين الأمم.