تبدأ الحرب عادة بكلمة، إلا عندنا تبدأ الحرب بمتاريس وقنابل.. كل بلد له ثقافته في الحرب، الحرب في كل مكان تبدأ بصعوبة بالغة بعد استنفاد كل الوسائل، إلا عندنا نبدأ بالحرب ونختم بالحوار وعفا الله عما سلف والموتى والشهداء لهم الله، أهم شيء هم ليسوا أبناء الرؤوس التي افتعلت وقادت الحرب، إذن الحمد لله.. الوطن أهم، والأمن والاستقرار.. لا أدري لماذا هذه المقدمة الحامية لكنها حقيقة وتحدث في بلادنا، فحرب "داحس وفاحس" بدأت في صعدة من ست جولات خسر فيها الوطن 6/صفر، ثم انتقلت إلى العاصمة وتعز وانتقلت إلى مناطق أخرى انتهت بتسليم أبين للإرهابيين، إما أن نكون أو لا يكون أحد هذه فلسفة حكام مازالوا ممسكين على الزناد.
حرب "داحس وفاحس" أبطال الزمن الأغبر الذين توجتهم ملوكاً على الأرض، حرب قذرة تمس قوت الناس وغازهم وماءهم والكهرباء، حرب الضعفاء الذين ينتظرون موت الشعب في يوم واحد، حرب ليس فيها نبل لأن الأخلاق تكون حاضرة حتى في الحروب، فالمدنيون لا ذنب لهم ولا يُقصفون ولا يؤسرون ولا يسجنون، والنساء والأطفال يبعدون عن مناطق الحروب والنزاعات، لكن الحرب القذرة لا تفرق بين أحد، تطال العباد والحجر والشجر، أي قسوة ووحشية هذه؟!.
حرب "داحس وفاحس" تؤلب الضعفاء جداً على الناس، تدفع بالتوحش والتوغل من أجل إرعاب المواطنين وخلق حالة من اللامنطقي واللامعقول، حالة من عدم السكينة ووعد بأن الحرب آتية لا ريب فيها ولن تقوم لهذا الوطن قائمة ما لم نكن نحن على رأسه هذا إن كان له رأس.
رغم خطاب التفاؤل ونصف الارتياح العام، إلا أن نغمة البعض تبعث على الانزعاج وتنذر بولادة مشهد دموي جديد نسأل ألله أن يجنب اليمن سوء تخطيط أبناءه "العاقين"، وأن يسلم هذا الشعب من الحرب والاقتتال، لقد كره الناس العنف وغادروا مساحة القتل من أجل إرضاء فلان، ملت البشر الحياة البائسة التي تقود إلى المزيد من البؤس.
حرب "داحس وفاحس" لا تحلها لا مبادرات ولا مواثيق، لأن الغدر جزء من ثقافة كانت سائدة ومحوها لن يكون سهلاً ولأن التسليم بضرورة التعايش مع الآخر مبدأ غريب إلى حد ما، فلن يسهل تداول كرسي واحد في بلد كاليمن فما بالك بكراسٍ؟!.. حرب لها أدواتها غير تلك الواضحة للعيان منها الحرب النفسية، الحرب العصبية، الحرب التي لا تعلمونها، فأي الحروب تسوى قبل أن يعلن الناس بتهم أو موتهم أو انتصارهم.
مازال هناك مسؤولون يمشون على هدي آبائهم وأولياهم السابقين رغم نداءات الوطن المتكررة بأن الوطنية تعني أن تترك الوطن يتنفس بحرية وأن ينمو ويتطور ويتجدد.. أن تحاسب نفسك كم أعطاك هذا الوطن ولم تعطه سوى سلوكيات غير صالحة، فاسدة، ومع ذلك تصر على اتباع سنتك حتى آخر كرسي.
حرب "داحس وفاحس" تجعل المسؤولين يتمسكون بالكراسي ويرفضون تسليم الجهات التي اعتبروها ملكاً لهم ويحلف "طلاق لن أسلم"، هذه ليست قيم قادة ولا رجالات يفهمون القانون، حتى إن كنت غير راضٍ وتشعر في دواخلك بالهزيمة، سلم وابتسم وهذه قمة الشجاعة وقمة الرجولة، لكن أن تمسك بكلتا يديك على الكرسي وتعض عليه بالنواجذ، وتبكي على ملك أضعته بفسادك وسوء إدارتك، فهذا غير مجدٍ ولن يمنع قرار إبعادك أبداً، لأن هذه المؤسسات هي مؤسسات الشعب وليست ملكاً خاصاً لأحد.
إن عونة حرب "داحس وفاحس" لمنع الوطن من الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي لن يعيد الأمور إلى الوراء، بل إلى الأمام.. والخيرون أكثر من الأشرار، والوعي العام تبلور ونضج وقد تهيأت له الظروف الموضوعية التي تساعده على اختيار الأفضل.
عندما يكون الرجال أنقياء تكون القوانين بدون جدوى، وعندما يكون الرجال فاسدون تكون القوانين منتهكة.
/////
محاسن الحواتي
حرب داحس وفاحس!! 2021