كيف لحكومتنا الوفاقية تتفرج على المطابع الحكومية المتوقفة أو المتعطلة بسبب خلل فني أو عطل كبير كان أو صغيراً، فهذه المطابع تم شراؤها من مال الشعب ولا ينبغي إهمالها هكذا.. بل أي آلة أو مكينة في مؤسسة أو جهة حكومية هي حق الشعب لا بد أن يتم إصلاحها بخبرات يمنية وإن لم تستطع فبخبرات عربية وبتكلفة مناسبة وإلا فالوكالة أو الجهة المصدرة والمصنعة للآلة هي التي تقوم بإصلاح منتجاتها وإلا بيعت وفق الأسس المتبعة وبمزاد علني..
وهنا أتحدث عن المطابع، لأن مطابع التوجيه المعنوي مثلاً كانت تسطير عليها قيادة التوجيه،ن تتجمل وتطبع بالمجان لجهات وأشخاص وترفض لآخرين بالتخفيض!.. أيضاً مطابع وكالة سبأ بقدر ما كان الأستاذ/ نصر طه مصطفى رجلاً ناجحاً ومتعاوناً بقدر ما كان هناك بعض الموظفين يمثلون دكتاتوريات صغيرة داخل الوكالة.. أما مؤسسة الثورة فلا حديث حتى إشعار آخر.. فالقيادة الجديدة أدرى..
بمناسبة المطبعة قرأت أن الأحرار عندما كانوا في عدن أخذوا يطبعون صحيفتهم (صوت اليمن) في مطبعة صحيفة (فتاة الجزيرة)، إلا أن الانجليز هدد الأستاذ محمد علي نعمان بألا يطبع للأحرار وعندما سُئل الانجليز: لماذا؟ قالوا هذه جريدة عدنية والإمام سيحملنا التبعية، والظروف المالية للأحرار لم تكن تمكنهم من شراء مطبعة، فقالوا لهم إذا وفقرتم مطبعة خاصة بكم فاطبعوا لأنفسكم.. وكانت الفرصة أن تقاطر المغتربون وجمعوا التبرعات وكتب الأستاذ نعمان إلى الشهيد المسمري من القاهرة بأن يبحث عن مطبعة مستعملة، فوجد المطبعة بحوالي ثلاثة الآف جنيه مصري آنذاك.. فوجئ الانجليز بوصول المطبعة، فحاولوا وضع العراقيل أمام تركيبها حتى أن الفنيين الموجودين في عدن مُنعوا من العمل في تركيب المطبعة مثل إبراهيم راسم الذي كان مسؤولاً عن مطابع فتاة الجزيرة والقلم العدني.. ولما جاء عبدالله طاهر حاولوا عرقلته، فاضطر إلى التخفي بملابس امرأة ليلاً ليركب المطبعة.. بالمناسبة هذه المطبعة كانت من مخلفات نهضة مصر لكن سميت بنهضة اليمن، فقد غضب الإمام واستاء جداً من امتلاك الأحرار للمطبعة ومن صوتهم الإعلامي الذي صار يؤرقه..
وقد تحدث العميد/ محمد الاكوع (في كتاب الثورة والمغتربون) عن المطبعة وعن تنبؤ أحمد الحملي المنجم الخاص بالإمام إنه قال للإمام أحمد أن مطبعة (صوت اليمن) ستستولي عليها وستصدرون بها إن شاء الله جريدة النصر، ومن الغرائب أن الإمام احمد استلم المطبعة واصدر بها جريدة النصر في تعز.. وهي موجودة كخردة في حوش قصر صالة..
إن للكلمة قوة ومنطقاً وهي التي تحرك الشارع والإعلام عموماً، سلاح أمضى وأسرع فإذا كانت المطبعة المشار إليها مازالت موجودة أرى أن يكتب تاريخها ويحافظ عليها ليروي الإعلاميون والمغتربون معاً كيف أن مطبعة صغيرة ومستعملة قامت بأعمال كبيرة وترجمت الروح الوطنية لليمنيين بالداخل والخارج..
محاسن الحواتي
قيمة الطباعة والكلمة.. 1859