أن مصر يمكنها استرداد الأموال التي هربها كبار المفسدين في الدولة خلال عام واحد شريطة الإسراع في إجراءات التقاضي والحصول على أحكام قضائية برد هذه مع ضرورة محاكمة هؤلاء المفسدين سواء عائلة مبارك أو المسئولين السابقين أمام المحاكم العادية وأن تتوافر لهم فرص الدفاع عن أنفسهم، خاصة أن الدول الأجنبية لا تقر بالأحكام الصادرة من محاكم استثنائية إنه لا خوف على حقوق أموال مصر في الخارج لاسيما أن الدول الموقعة علي اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لا تسقط الحق بالتقادم في استرداد هذه الأموال كما حدث في بريطانيا التي وافقت علي تجميد أموال وأرصدة الرئيس السابق حسني مبارك و18 مسئولاً سابقاً.
أن إجراءات استرداد تلك الأموال ربما يطول بعض الشيء لكنها ضرورية لأن الدول الأجنبية ملتزمة بقوانينها والاتفاقيات الدولية واتفاقية مكافحة الفساد والمعاهدات الثنائية الموقعة مع مصر أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد سهلت الأمر على الشعوب التي نهبت أموالها في استردادها حيث اعتبرت أن تضخم أموال الحاكم أو المسئول بما لا يتناسب مع راتبه أو ميزانيته أو نشاط تجاري أو صناعي سابق له قبل توليه مهام منصبه يعد فساداً يستوجب رد هذه الأموال إلي الدول التي نهبت منها إلا إذا ثبت عكس ذلك.
إن الحكم ببراءة الرئيس المخلوع حسنى مبارك ونجليه علاء وجمال لن يؤثر على إمكانية عودة الأموال المنهوبة من الخارج والدعاوى المرفوعة في ذلك الإطار. الحكم الصادر ضد مبارك ونجليه في قضايا استغلال النفوذ والرشوة وهي اخذ عطية للانها صور من صور الرشوة لا علاقة بها بجريمة التربح التي تتردد علي السنة الجميع الان فلم توجهه لمبارك ونجليه تهمة التربح نهائيا ولكن توجه إلية تهم الأضرار العمدي بالمالي العام واستغلال النفوذ واخذ عطية والحصول على فيلات بشرم الشيخ وجود ربط مغلوط بين العامة حول الأموال المهربة والحكم ببراءة المتهمين. كون الأموال المهربة نتيجة تربح من تصدير الغاز إلى إسرائيل والتي صدر الحكم ببراءة المتهمين بها، أما بالنسبة لفيلات شرم الشيخ فلم ينتج عنها تهريب أموال. أنه في حال ظهرت دعاوى قضائية جديدة في قضايا تربح واستغلال نفوذ يمكن استعادة الأمل في عودة الأموال المهربة.
إن الاتفاقية الدولية لمحاربة الفساد تشترط صدور أحكام نهائية باتة على المتهمين في قضايا فساد مالي والمهربين أموالهم إلى الخارج لعودة تلك الأموال. أن نص الحكم الصادر ضد الرئيس المخلوع حسنى مبارك ونجليه علاء وجمال لا يحقق شرط الاتفاقية الدولية إنه بصرف النظر عن قرار حبس مبارك ونجليه علاء وجمال 15 يوماً علي ذمة التحقيق لن يمنع بأي شكل من الأشكال استرداد أموال مصر المنهوبة والمهربة خارج مصر خاصة أن هناك طرقا قانونية عديدة لاسترداد مثل هذه الأموال حتى لو اختلفت الصفات القانونية باختلاف صيغ القوانين.
وجوب مخاطبة الدول المشكوك في تهريب الأموال إليها وعلي رأسها سويسرا ولندن حني تتعامل بشكل عملي وسريع وتأخذ إجراءاتها المنوطة للوقوف علي حجم الأموال الموجودة عندها ثم بعد ذلك تأتي عملية استرداد هذه الأموال بأي شكل سريع تراه مصر وهذه الدول مناسباً للإمكانات المتاحة في الداخل والخارج
أن مسألة استرداد أموال مصر المهربة لا تتعلق بمحاسبة الحكومة أو حبس مبارك ووزراء عهده السابق لاسيما أن محاكماتهم تستوجب الاعتراف بأماكن تهريب هذه الأموال وكذلك كيفية استردادها علي نفس الطريقة التي خرجت بها من مصر لأن هناك أكواد خاصة غالباً لا يستطيع فك شفرتها إلا صاحب هذا الكود.
أن هذا الموضوع تنظمه الاتفاقات الدولية لمكافحة الفساد وتهريب وغسيل الأموال ومصر موقعة عليها وأغلب دول العالم المشكوك في تهريب الأموال إليها وفي الوقت الراهن بات واجباً ضرورة إجراء محاكمات جادة وعادلة لمبارك وأعوانه حتى تسترد هذه الأموال لأن أغلب دول العالم لا تعترف بالمحاكمات غير العادلة ومن ثم لا تعترف بأن لديها أي أموال مهربة.
مع ضرورة المطالبة العاجلة بالتحري عن هذه الأموال في الخارج والتحفظ عليها إن وجدت حتي لا توضع تحت تصرفات غير قانونية وتتعرض لعمليات تلاعب جديدة ومن الصعب السيطرة عليها في هذه الحالة.
لأموال المهربة في الخارج لن يتأخر استردادها بمحاكمة مبارك ونجليه وعلي العكس من ذلك فإذا تمت هذه المحاكمات بشكل فوري وسريع سيسهل هذا من طرق استرداد هذه الأموال ويجعل الدول المختلفة علي أهبة الاستعداد في أي وقت لاستقبال جميع الطرق القانونية التي تمكن من وضع هذه الأموال في حجمها الطبيعي وعدم ضياع أي أجزاء منها.
أن محاكمة مبارك العاجلة ستعجل باسترداد هذه الأموال إذا ثبتت الإدانة له بالتربح والاستيلاء علي المال العام كذلك فإن البنوك والجهات الخارجية لا ترد أي أموال مودعة إليها إلا بعد إصدار أحكام قضائية ثابتة من القضاء العادي والمحاكم الجنائية خاصة لأن هذه الودائع التي خرجت من مصر في شكل أموال سائلة وضعت باسم أشخاص وليست مصادر وبالتالي لن تسترد بغير الحكم علي هؤلاء الأشخاص بالإدانة وليس البراءة بأحكام نهائية لا طعن عليها أبداً.
إن هناك أفكار عديدة يطرحها بعض القانونيين لاسترداد هذه الأموال قبل محاكمة مبارك وهذا يعد من الأخطاء القانونية الكبيرة لأنه لا توجد أي صيغة قانونية لعودة هذه الأموال دون أحكام قضائية ثابتة.
أن هناك خطوات تم اتخاذها بالفعل قبل التحقيق مع أسرة مبارك لاسترداد أموال مصر المنهوبة في الخارج حيث تم تشكيل لجنة قضائية برئاسة المستشار عاصم الجوهري مساعد وزير العدل لشئون الكسب غير المشروع للسفر إلي الخارج وكانت مهمتها متابعة الإجراءات القضائية في الخارج لاستعادة الأموال المصرية المنهوبة أو المجمدة لعائلة مبارك أو لكبار المسئولين السابقين وكذلك رجال الأعمال.
أن هذه الأموال لا تسقط بمرور الوقت وهي محفوظة عندما تصدر أحكام تدين أصحابها وفقاً للقوانين المحلية للدول حيث يتم اتخاذ الإجراءات القانونية عقب صدور الأحكام بالإدانة.
ويذكر أن الاتحاد الأوروبي كان قد قرر في مارس الماضي تجميد أرصدة مبارك عقب تنحيه في 11 فبراير الماضي.
--
كاتب مصري دكتور في الحقوق وخبير في القانون العام
د. عادل عامر
مصير الأموال المنهوبة من بعد براءة مبارك 2063