حرية التعبير مقيدة بما لا يمس عقائد أو مقدسات الغير في أماكن عامة لا يقتصر التواجد الطبيعي فيها علي طائفة بعينها أو من خلال وسائل إعلامية يستقبلها عامة الشعب, مما قد يؤثر سلبا علي التعايش السلمي بين طوائف المجتمع حرية التعبير مقيدة بما لا يمثل دعوة للخروج عن الأعراف الاجتماعية للمجتمع المصري أو للخروج عن الشرائع السماوية أو استثارة للغرائز أو الدعوة للعنف أو التحريض عليه ضد شخص أو طائفة من المجتمع الحرية الشخصية...هذه العبارة الرنانة التي لا احد يستطيع أن يلغيها من قاموسه لان ذلك يعتبر اعتداء وإنكارا لمبدأ الحرية التي وهبها الله سبحانه وتعالى للإنسان منذ ولادته فكل إنسان سواء كان ذكرا أو أنثى يولد حراً, وبعدها ينمو ويكبر و له شخصيته المستقلة وأفكاره وآراءه الخاصة به و ليس لأي احد الحق في فرض أي فكر آخر بالإكراه والعنف فهذا أمر مرفوض بكل المقاييس الشرعية والمنطقية. ولكن يجب علينا أن نعرف سقف هذه الحرية, فإنها ليست مطلقة كما يفهمها البعض فيصورونها أنها ليست لها حدود وإذا حاولت أن تقيدها أو تنظمها داخل إطار أو وضعت لها خطوط ا حمراء فقد أفرغتها من محتواها وأصبحت جرداء لا تعني شيئا.
لو أن كل إنسان منا تصرف وقال وعمل ما يحلو له تحت غطاء الحرية الشخصية فذلك يؤدي إلى تصادم الحريات أي أن ما يسميه احدنا حرية شخصية له قد يكون اعتداء على حرية آخر سواء كان فرد أو مجتمع أو دولة ومن هذا المنطلق ومن اجل خلق بيئة تسودها المساواة في الحرية يجب أن يعرف كل فرد بان لحريته سقف عليه أن لا يتجاوزه وان حريته تنتهي حين تبلغ حدود حرية الآخر. فمثلا على مستوى الدولة هناك مقدسات لا يمكن التقليل من شانها تحت أي مسماة, فالراية التي تعرف بها الدولة والتي تعبر عن استقلالية الدولة ورمز وجودها هل يحق لأحد أن يغيرها أو يتلاعب بها حسب هواه بحجة انه يمارس حريته قطعاً لا يجوز ويعرض من يفعل ذلك نفسه للمساءلة والملاحقة القانونية وكذلك بالنسبة لمن أصبح رمزاً من رموز الاستقلال للشعب والدولة لا يجوز التطاول عليه أو إنزاله مكاناً لا يليق به كمنقذ ومخلص ومؤسس للدولة تحت ذريعة الحرية الشخصية.. أي أن هناك ثوابت ومبادئ وأسس راسخة تحفظ كيان الدولة والمجتمع, وقوانين تنظم الحياة, وأخلاقيات توارثتها أجيال متتالية حتى أصبحت جزء من هوية الدولة أو الأمة. فكل هذا لا يمكن تجاهله أو ضربه في عرض الحائط باعتبار أنها تعيق الفرد وتحرمه من ممارسة حريته الشخصية فكل ما لا يتفق مع هوى احد أعلن الطغيان عليه وألقاه وراء ظهره واتبع هواه, فان ذلك يؤدي إلى خلق مجتمع هو اقرب ما يكون إلى الغابة. فالذي يبحث عن حريته الشخصية يجب عليه أيضا أن يعرف حدود حرية الآخرين والذي يحاول أن يوسع دائرة حريته عليه أن يراعي دوائر حرية الآخرين والذي يسال عن حقوقه عليه أن يتعرف على واجباته أيضا, هكذا نرقى بفردنا ومجتمعنا وننافس من هم أصبحوا روادا للمجتمعات المدنية.
فما هو السقف الذي تراه أخي لحريتك وحرية غيرك ؟وكذلك ما هو السقف الذي ترينه أختي لحريتك وحرية غيرك ؟في عصرنا الحالي مع وجود الوسائل المتعددة الحديثة لتوصيل واستقبال المعلومات وأصبح الخبر والمعلومة متاحان للجميع وقد استفاد من ذلك ما يسمى بالربيع العربي والإحداث الساخنة التي تدور بالوطن العربي مما انعكس على إتاحة الحرية بكل وسائل الإعلام من صحافة وفضائيات وكل الوسائل المتاحة بالإعلام المكتوب والمرئي والمسموع لنقل وإبداء الرأي بشكل كبير وواسع لكل ما يدور من أحداث في كل إرجاء العالم وعلى حساب معتقده وفكره وطريقة تفكيره ومن اخطر هذه الوسائل المواقع الالكترونية والمتاحة لكل إنسان والفضائيات المبرمجة حسب الأغراض المطلوبة منها ومن هذه جهات سواء صديقة أو حاقدة وهي تتيح المجال لمن يريد أن يدلي برأيه حسب أهوائهم وغاياتهم، ومع الأسف الشديد أصبحنا نرى بعض مواطني هذا الوطن يظهرون على شاشات الفضائيات والمواقع الالكترونية وهم وحسب وجهة نظرهم بأنهم لم يجدوا وسيلة لإبداء رأيهم غير تلك المتاحة إمامهم لمهاجمة وطنهم وانجازاته والإساءة لكل الحكومات الصالح منها والطالح ومهاجمة النواب بخيرهم وشرهم حتى وصل الأمر بهم إن يتطاولوا على رموز هامة في هذا الوطن وقيادته المميزة التي نعتز ونفتخر بها ونفخر أمام العالم العربي ذا كان مآل الصراع حول الحق بالتعبير الحر في العالم العربي يميل بوضوح لصالح المظلومين والمضطهدين وعموم الرأي العام
وتفترض حرية التعبير تجاوز العمومية التي تطبع الفكر والموقف، ذلك أن مفهوم الحرية يتضمن عدة مكونات وعدة علاقات بين هذه المكونات مما يجعله مركبا، وهو صيغة وسطية من المكونات المتعددة للحرية وبين العناصر الداخلية في كل مجتمع والتي ينبغي الكشف عنها، من أجل إدراك الطبيعة الخاصة لحرية التعبير وتحديد العلاقات بين الأفراد داخل المجتمع الواحد وبينهم وبين الآخر في مجتمع مختلف. ولعل تفاعل الأفراد الذي يولد علاقات خاصة وعامة يولد محددات التواصل والتعايش فيما بينهم، هكذا إذن يكون التعبير كوسيلة للوجود مفهوماً قابلاً للتطور والتغير ضمن تحديدات تتعلق بمظهر الفرد وبفكره وقناعاته السياسية والفكرية.
إن الوصول إلى مسألة التوافق بين جميع الناس حول اللغة التعبيرية يقود إلى خلق جو فكري وسياسي وصحي سليم يخلق تدافعا فكريا وسياسيا ينبني على الاحترام المتبادل والتفكير في حقوق الآخر واحترام أفكراه وقناعاته، وهذا يدعو إلى تبني ثقافة جديدة تكرس التفاعل الإنساني بيم أفراد المجتمع الواحد، وبين كل المجتمعات الأخرى.
× كاتب مصري دكتور في الحقوق و خبير في القانون العام
د. عادل عامر
سقف الحرية .... 2375