هل نحن بلد عنصري؟ هل هناك تعايش إنساني مع الآخر أم أنها مجرد ديكور اجتماعي؟ لماذا عندما نختلف مع خصومنا ننزع عنهم الجنسية اليمنية؟ التقسيم الطبقي العنصري لماذا وإلى متى؟ ألسنا بحاجة إلى ثورة اجتماعية لإزالة كل القيم والمفاهيم الاجتماعية البالية اللا إنسانية.. العنصرية.. المعيقة للتقدم؟ ألسنا بحاجة إلى رفض كل ما ينتقص من حرية الإنسان وحقوقه؟.
في يوم من الأيام كتبت أنه ومقابل مصلحة شئون القبائل لابد أن تنشأ "مصلحة شئون غير القبائل" المسألة ليست سخرية ولكن كيف يكون للقبائل شؤون ولا يكون لغيرهم شؤون؟ ثانياً ما هي الشؤون التي تستدعي أن يكون للقبائل مصلحة والآخر بدون حتى مكتب تمثيل؟ أليس من الطبيعي أن تكون القبائل جزءاً من المجتمع ـ يلجأون إلى مؤسسات الدولة المختلفة لتلقي الخدمات وانجاز المصالح الخاصة بهم كبقية خلق الله؟ فالناس في دولة القانون والنظام سواء إلا إذا رأى القبائل غير ذلك.. أما وجهة نظري أنه لا داعي لمصلحة كهذه تكرس التفرقة والعنصرية وتعطي لفئة ما حقوقاً فيما الآخرون يتفرجون!!
وفي يوم ما كتبت عن "الوظيفة: شيخ" وللأسف الشديد نكتب في جدار السفر وفي الهويات الرسمية.. هل هناك درجة وظيفية اسمها "شيخ"؟ هل هي مهنة أم حرفة أم درجة علمية؟.
لا يجوز كتابة ذلك في الوثائق الرسمية لأن الشيخ لابد أن تكون له وظيفة، مهنة، شغلة كأن يكون رجل أعمال ـ مدير تنفيذي لشركة ـ مقاول أو... إلخ، أنظروا إلى مشائخ دول الخليج الجيران الأعزاء كيف مشايخهم، نالوا من العلم قسطاً ومن العمل والاجتهاد ومن الوعي الكثير.. كل له وظيفته التي تلي أسمه، لا أحد يتسول بكونه شيخاً ابن شيخ.. ولا أحد يتكبر أو يتعدى على الغير لأنه شيخ إلا في بلادنا حيث ارتبطت كلمة شيخ بالظلم وبأخذ ما للغير وسلب حقوق الضعفاء والاستيلاء على أراضي الغير حكومة ومواطنين وعدم اللياقة في التحدث أو عدم المسئولية عند نقد الآخرين وأمامنا دليلان من مشائخنا الكرام.. أحدهم يصف الثائرات أو يقذف الثائرات بأنهن يرقصن الديسكو في الساحات بعد أن تحولت أي الساحات لأماكن لقاءات غرامية و.... إلخ، وشيخ آخر يصف رئيس الوزراء بأنه صومالي.. إضحكوا على مشايخنا ووعيهم المتدني، ثقافتهم، مستوى كلامهم، مفرداتهم، أسلوبهم في الحديث وقارنوا بمشايخ الخليج.. الأكثر تهذباً، الأكثر وعياً, العارفين بما يقولون.. ثقافتهم لا تسمح لهم بالضحالة والضآلة والانحدار إلى مثل هذه اللغة..
أذكر أن رئيس الوزراء الأسبق عبد القادر باجمال صرح لوسائل الإعلام ذات مرة في معرض حديثه عن الحراك في حضرموت قائلاً: إنهم (شوية صومال) يقومون بهذه الأعمال..
وقتها أحسست أن السياسي في بلادنا لم ينضج بعد وأن وعيه وثقافته ضحلة جداً وأنه بلا قيم رصينة وبلا دبلوماسية، هذا تحليلي وإن كان قاسٍ لكنها الحقيقة، فالمستوى العام بكم وكيف الخطاب السياسي يعري العقليات التي تحكم في اليمن.
الحقيقة التي أود توضيحها هي تكرار الإساءة للصوماليين والأثيوبيين، أي للجيران الذين هاجر اليمنيون إليهم في زمن الجوع ولم يطلبوا منهم (فيزا) دخول وهناك وجد اليمنيون حريتهم الكاملة في امتلاك العقارات والأراضي والمشاريع والزواج مثنى وثلاثا ورباع، كل ذلك بلا كفيل! كيف تسيئون إلى دول الجوار وهم أقرب إليكم من أي جوار آخر؟.
والحقيقة الأخرى التي أود إضافتها هي أن الصومال شعب عربي متدين، أي متمسك بإسلامه بشكل غير عادي ومعروف عن الصومالي أنه لا يرضى بالباطل وقد يقتل من أجل كلمة أغاضته وما أضاع بلادهم إلا صفاتهم الشرسة والقوية وعزة النفس البالغة.
لماذا كلما أختلف آخر مع خصمه أو صديقه قال له يا صومالي يا حبشي؟ لماذا لا يقول له يا سعودي أو يا كويتي أو يا عماني مثلاً؟ كلهم جيراننا.. التفسير لأن اليمني يشعر بالدونية أمام السعودي أو أي خليجي ويرى نفسه ضرغاماً أمام الصومالي!!.
نحن بلد عنصري ولكن لا ندري بذلك، نحن بلد يحتاج إلى ثورة اجتماعية تمنع التقسيم الجائر والتصنيف للمواطنين حسب المهنة، اللون، المنطقة، كيف نقنع أبناؤنا بل العالم المتحضر بأن الجزار بحكم مهنته هو أدنى اجتماعياً وبالتالي هو ليس قبيلياً أي مقطوع من شجرة؟!
كل المنظمات غير الحكومية تعمل في قضايا العنف ضد المرأة، ضد الطفل.. ألا يعتبر تهميش بعض الفئات ووصفها بالأدنى، عنفاً اجتماعياً جائراً؟ ألا تعتبر معاملة الطفل معاملة غير إنسانية بحكم عمل والده أو جده عنفاً هي الأخرى.
ينبغي أن تشرع قوانين تمنع العنصرية وتعاقب كل من يسيء لمواطن أو يسلب حقه في المواطنة.. والثورة على النظام السابق لابد أن تلحقها ثورة اجتماعية ضد الجهل وضد المؤسسة الاجتماعية المتخلفة التي ترى ما دونها "غير بشر".
على سبيل الذكر في سنوات مضت سلط على صحفي بائس، كتب عن كل ما لا تتوقعونه وكنت وقتها عائدة من الفلبين في دورة تدريبية عن إدارة الهجرة حول العالم، كتب الصحفي الصغير أنني ذهبت إلى الفلبين لتعلم الرقص والدورة كانت عن تجارة الرقيق الأبيض) أزعجني جهله ووعيه المتخلف والمتعفن إلى درجة أن المرء لا يجد كلمات يرد بها..
هؤلاء الصنف من البشر لابد أن يغيروا أنفسهم وأسلوبهم في الكلام والتعاطي مع مجتمعهم، لأنهم يعيقون الحياة الطبيعية والفطرة السليمة.
أخيراً الثورة الاجتماعية ضرورة في اليمن وإلا سيظل حقنة من الناس يأكلون الأخضر واليابس ويستولون على ثروات الوطن وعلى السلطة بحجة أن الآخرين هم "دون" ولا يستحقون.
محاسن الحواتي
متى تبدأ الثورة الاجتماعية في اليمن؟ 2228